ما هو الثمن الذي سيقبضه عون ونصر الله؟

بات واضحاً للجميع في الداخل والخارج ان ملف شهود الزور فُتح لتطيير حكومة الرئيس سعد الحريري، أما ملف تمويل المحكمة الخاصة بلبنان ففتح ليس لتطيير حكومة الرئيس نجيب ميقاتي بل لفتح باب المحاصصة في التعيينات الادارية والديبلوماسية والقضائية والأمنية والعسكرية وتمويل المشاريع التي تهم وزراء "التيار الوطني الحر"، إذ إن هؤلاء يشتكون من عدم تلبية مطالبهم، وباتوا يشعرون بأن محاسبتهم صارت قريبة مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية لأنهم لم يتمكنوا من الوفاء بوعودهم الكثيرة.
لقد قبض العماد ميشال عون ثمن تطيير حكومة الرئيس الحريري باعلان استقالة ثلث الوزراء من منزله في الرابية وفي التوقيت السياسي المطلوب، تعيين عشرة وزراء له في الحكومة الحالية وهو عدد لم يكن يحلم به، وظن أن وجود هذا العدد الذي يشكّل ثلث عدد اعضاء الحكومة سيكون كافياً للحصول على ما يريد سواء من اعتمادات لمشاريع دسمة مثل الكهرباء والمياه، وسواء في التعيينات التي لا تقل أهمية عنها. لكن تبين بعد مرور أشهر على وجود الحكومة أن هؤلاء الوزراء رغم كثرة عددهم لم يحصلوا على شيء يتباهون به أمام الناس. فمشروع زيادة الطاقة مرّ بمخاض عسير ولم يتم إقراره إلا بعد تعديله طبقاً لما تريده قوى 14 آذار ولم يقف أحد من حلفاء "التيار الوطني الحر" معه بل وقفوا مع هذه التعديلات وعلى رأسهم الرئيس نبيه بري والرئيس ميقاتي، فاضطر وزراء "التيار الوطني" الى القبول بها مكرهين. ومبلغ المليار و200 مليون دولار لتنفيذ مشروع الكهرباء ينبغي أن يتأمن من صناديق عربية أولاً وبفوائد مخفوضة وليس بالاستدانة بفوائد مرتفعة، وهذا ما قد يؤخر مباشرة التنفيذ بحيث تظهر ملامحه قبل الانتخابات سنة 2013 ويكون له مردود شعبي، ولا تقرر اعتمادت لبنان سدود للمياه لتأمين حاجة اللبنانيين اليها عوض ان تذهب إلى البحر، ولا يتم تعيين أي مدير سمّاه هؤلاء الوزراء بل صار استبعاد كل اسم يقترحونه، حتى إن وزير العدل شكيب قرطباوي لم يتوصل الى تسمية رئيس مجلس القضاء الأعلى وصار تسمية مرشح آخر. عندها طفح كيل "التيار الوطني الحر" ووجد في موضوع تمويل المحكمة الخاصة بلبنان ورقة ضاغطة يستطيع بها تفجير الحكومة كما فُجّرت حكومة الحريري بملف شهود الزور، فبدأت الحملة القاسية على الرئيس ميقاتي حتى الشخصية. فقال العماد عون: "لدينا أمور عدة عالقة فيما الشغور يعطل العمل في الادارة، فإذا تابعت الأمور على ما هي عليه، لم يعد هناك فائدة من البقاء في الحكومة".
 وحدد الوزير جبران باسيل مطالب "تكتل التغيير والاصلاح" بعداجتماع لهذا التكتل وربط بقاءه والوزراء العونيين أو عدمه في الحكومة والمشاركة في جلسات مجلس الوزراء او عدمها بالأمور الآتية: المالية العامة للدولة، قانون الـ8900 مليار وكل حسابات المالية، المشاريع الانمائية والاستثمارية، الوضع المعيشي والاجتماعي والتغطية الصحية الشاملة، التعيينات. وأوضح "أن هدفنا ليس إسقاط الحكومة بل تصحيح الاداء الحكومي".
وبعدما تحرك الرئيس بري في اتجاه الرئيس سليمان والرئيس ميقاتي و"حزب الله" تبدل موقف العماد عون من الحكومة ومن المحكمة فأكد استعداده لايجاد حل للمحكمة "شرط الا يسبب انقساماً، وانه إذا كان الخيار بين الاستقرار الداخلي والمخاطر الخارجية فسنختار الاستقرار الداخلي".
والسؤال المطروح هو: لماذا تبدل موقف العماد عون فصار الاستقرار الداخلي هو الأهم؟
في المعلومات ان سوريا لا تزال ترى في بقاء الحكومة الحالية حاجة خصوصاً وهي تواجه حصاراً سياسياً واقتصادياً قد تكون له نتائج مؤثرة وإن لم يكن في المدى المنظور. و"حزب الله" يرى ان المحكمة الخاصة بلبنان طيّرت حكومات وبقيت، فلماذا افتعال مشكلة تمويلها ما دام لا شيء يوقفها عن متابعة سيرها.
لذلك كان القبول بصيغة لتمويل المحكمة ومقايضة ذلك بتمويل مشاريع دسمة وتعيينات يكون لوزراء 8 آذار وتحديداً لوزراء "تكتل التغيير والاصلاح" حصة كبرى فيها، ذلك ان الاهتمام بالانتخابات النيابية المقبلة أهم من الاهتمام بتمويل المحكمة وأهم حتى من البقاء في حكومة لبضعة أشهر لأن المحاسبة ستكون في تلك الانتخابات.
فهل يقبض العماد عون ثمن تراجعه عن مواقفه من الحكومة وسوء أدائها تمويل مشاريع تهمه وحصة كافية في التعيينات بعدما قبض ثمن مساهمته في إسقاط حكومة الحريري تعيين عشرة وزراء له؟ أما قوى 14 آذار فيهمها المحكمة التي تطيّر حكومات بل أنظمة وحكاماً عندما تصدر أحكامها في جرائم الاغتيال. 

السابق
نـدوة تدعو للتكيـّف مع المتغيّـرات التعليمية
التالي
الاخبار: عن الأسد.. معركتنا ليست مع العرب