بحذر وبشكل واضح

لا جديد في أقوال رئيس شعبة الاستخبارات السابق اللواء عاموس يدلين أمس (الاول)، لا جديد من حيث الحقائق: فقد كرر التقديرات الواردة والتي تطلق بين الحين والآخر من جهاز الاستخبارات، الذي وقف على رأسه منذ وقت قصير مضى، عن تقدم المشروع النووي في ايران. تصريح يدلين يدل فقط على ما يدور خلف الكواليس من بحث من شأن امكانيات العمل لدى اسرائيل وكم يشارك فيه من كانوا حتى وقت أخير مضى يطلقون آراءهم مباشرة نحو مسامع أصحاب القرار.

وتقول مصادر مخولة انه في مداولات سابقة انضم يدلين صراحة الى رأي رئيس الموساد السابق مئير دغان ورئيس الاركان السابق غابي اشكنازي، اللذين عارضا بشدة هجوم عسكري في حينه – ويواصلان تبني هذا الرأي ايضا. يدلين ليس دغان الفظ، ولكن اقرأوا كلامه أمس (الاول) جيدا: يُفهم منه أن اسرائيل ملزمة بالتعاون مع قوى أخرى، ليس فقط لانه مطلوب اجماع دولي لخطوة بعيدة الاثر مثل هجوم في ايران بل لانه مطلوب «قدرات عسكرية أفضل من قدراتنا». وفي هذا قول صريح بقدر ما يمكن لرجل حذر مثله أن يقوله، بشأن النجاعة المحتملة المحدودة لعملية عسكرية لاسرائيل وحدها – وبالضرورة بشأن الخطأ الذي في القرار لتنفيذها، مع ثمنها الذي هو أيضا واضح جدا.
 
الاحداث الاخيرة في ايران، بقدر ما يمكن الحكم عليها اذا أخذنا بالحسبان معطيات المسافة والمعلومات المتقطعة، تعزز فقط هذا الميل: الرد الايراني على العقوبات، لا سيما السيطرة على السفارة البريطانية، يوسع الدائرة ويخرج اسرائيل من مركزها. تماما مثلما أردنا دوما. الصراع هو ايران حيال العالم وليس ايران حيال اسرائيل – ولا معنى للعودة الى تركيز الانتباه على التهديد بهجوم احادي الجانب من اسرائيل.
الرغبة في توسيع الهيئة قدر الامكان هي ايضا تدل على الاعتراض على اتجاهات اليها يدفع نتنياهو وباراك في ظل التطلع (ربما المتفائل اكثر مما ينبغي، حسب تجربة الماضي) الى أنه في يوم الأمر سيتحدث كل وزير ويصوت حسب ضميره ومعرفته وليس حسب الاتجاهات التي يحددها رئيس الوزراء ووزير الدفاع.

النقاش الايراني يرفض أن يتركنا، وليس فقط لأن كل نبأ من ايران، بما في ذلك القصص عن تفجيرات غريبة تسببت بها أم لا محافل احباط أجنبية، يعيده الى العناوين الرئيسة. فرضية كل من هو مقرب من دائرة القرارات هي أن الجولة القادمة من النقاشات، من شبه المؤكد قبيل الربيع القادم، كفيلة بأن تكون حاسمة. باراك يقول علنا ان ايران تقترب من النقطة التي ستصل فيها الى مستوى تحصين للمشروع النووي سيجعل الهجوم العسكري غير ناجع. عند ربط هذا القول بالجداول الزمنية التي تذكرها محافل الاستخبارات، تنشأ صورة تؤدي الى أنه حتى لو كان هو ونتنياهو جديين بالفعل في هذه المسألة، فانهما سيرفعانها الى الحسم عندما يمر الشتاء والفرصة العملياتية تستأنف (على فرض أن كل يوم يمر ويدخلنا الى الشتاء، يقلصها).
صحيح حتى اليوم، وأقوال يدلين تدل على ذلك بطريقته الحذرة، فإن الرجلين يصطدمان بمعارضة شديدة من سياسيين ومهنيين – معظمهم يعتقدون بأن النووي لدى ايران هو خطر وجودي، ولكنهم يفكرون بأن هجوما عسكريا هو في هذه اللحظة الحل الاسوأ. والتشديد هو على «صحيح حتى اليوم»: فمع حلول يوم القرار، أناس آخرون سيجلسون حول الطاولة، وستكون مسؤولية اطلاق رأيهم علن وباستقامة ملقاة على عاتقهم. 

السابق
اسرائيل تفضل سلاما باردا
التالي
خلية نحل داخل المنزل لإنتاج العسل