مركز وطني لتوظيف المعوّقين

غالباً ما تُعرّف الأمور البديهية في لبنان بالإنجازات. واستناداً إلى هذا العرف، يمكن وصف مشروع المركز الوطني لدعم توظيف الأشخاص المعوقين في لبنان، الذي أطلقه اتحاد المقعدين اللبنانيين في غرفة التجارة والصناعة أمس، بـ«الإنجاز»، ولو جاء متأخراً، لمصلحة «إنسانية المجتمع» قبل المقعدين، بحسب وزير الشؤون الاجتماعية، وائل أبو فاعور، الذي رعى المشروع بالتعاون مع غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان.

خلال المؤتمر الصحافي، بدا أبو فاعور كأنه ينأى بنفسه عن الدولة طوال الوقت، علماً بأنه جزء من تركيبتها. كان يخاطبها من بعيد، كما يفعل اللبناني يومياً. رأى أن المشروع «خطوة في مسيرة الألف ميل لتحقيق حقوق وكرامة أصحاب الإعاقات»، لافتاً إلى أن النقص في حقوق المعوّقين هو «نقص في إنسانية المجتمع، وخصوصاً أن هؤلاء لا يحتاجون إلى إحسان الدولة، بل إلى قيامها بواجباتها». ودعا إلى «التخلص من زمن وزير جيد أو غير جيد. المسألة تتعلق بمنظومة حقوق يجب تطبيقها، فالمعوقون يحتاجون إلى مجتمع يشعر بواجباته حيال نفسه». كذلك، شدد على أن «القانون 220 لن يبقى حبراً على ورق. وسواء قصر عمر الحكومة أو طال، لن يكون هذا القانون خاضعاً لمزاجية أي مسؤول».

وكشف أبو فاعور أن اليوم العالمي للمعوّقين الذي يصادف السبت المقبل، لن يكون مناسبة لمزيد من الخطابات التي تهرع الدولة إلى المشاركة فيها، بل سيتم إطلاق مرسوم مواصفات البناء الملائمة لأصحاب الحاجات الخاصة.
إنجازٌ لا يزيل وصمة عدم إقرار لبنان الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص المعوقين، التي سيدعو اتحاد المقعدين إلى إقرارها خلال الاحتفال الذي سيقام في قصر الأونيسكو، تحت عنوان «الدمج حقنا»، بحسب المديرة العامة للبرامج في اتحاد المقعدين، سيلفانا اللقيس. وفي ما يتعلق بالمشروع، شرحت «سعي الاتحاد إلى تحقيق شراكة فاعلة بين مجتمع الأعمال والقطاعين العام والمدني، للوصول إلى مجتمع دامج يشمل الجميع ويُستثمر بالطاقات الكامنة وغير المكتشفة». ولفتت إلى «إدراك الاتحاد حجم التحديات التي تراكمت جراء السياسات غير الملائمة مع النسيج المجتمعي المتنوع الحاجات، إلا أننا نعوّل كثيراً على فاعلية الشراكة بين كل الفاعلين في المجتمع لردم الهوة ومعالجة الثغرات، ونعتمد على الاستراتيجيات والقرارات الهادفة إلى تحقيق الاقتصاد الكلي».
من جهته، قال رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة محمد شقير: «جرت العادة أن تكون الدعوات من أجل تأهيل الأشخاص المعوقين إرضاءً لضمائرنا، لكن المطلوب أكثر من ذلك. يجب ألا يخضع هذا الموضوع للجمعيات الخيرية والمؤسسات الأهلية والنيات الطيبة فقط». وأضاف «تدعم غرفة التجارة والصناعة أي حملة أو إجراء رسمي لضمان حقوق الأشخاص المعوقين»، مشيراً إلى ضرورة تحديث القوانين وسن تشريعات جديدة». ودعا المؤسسات اللبنانية والنقابات لإيلاء الأشخاص المعوقين أهمية إضافية من خلال فرض شروط على المباني والطرق وأماكن العمل تسهيلاً لانتقالهم وعملهم».
يهدف المشروع إلى تعزيز ودعم دور المكتب الوطني للاستخدام وجميع الجهات المعنية الأخرى، والتعمق بالخطوات الضرورية للدمج الوظيفي من خلال المتابعة المباشرة للمعوّقين وأرباب العمل. تتمثل آلية العمل في بناء قدرات الأشخاص المعوقين الباحثين عن عمل، وتهيئتهم بصورة أفضل للانضمام إلى القوى العاملة، ثم إيجاد الوظائف، ودعم الموظف في المراحل الأولى للانضمام إلى القوى العاملة من أجل تسهيل المرحلة الانتقالية والتعامل مع أي تحديات قد تظهر. لا تشمل الآلية المعوقين فقط، بل أيضاً أرباب العمل، من خلال تطوير سياساتهم الداخلية لمصلحة ممارسات دامجة للموظفين المعوقين، وتكييف البيئة للتخلص من أي عوائق قد تؤخر العمل الفعال لأي معوق. كذلك، سيتم تطوير ملصق التنوع (diversity label) الذي يمنح للشركات التي تعتمد معايير التنوع والدمج وفقاً لشروط محددة وتقويم شامل من مؤسسة «SGS»
المتخصصة.
أما آلية التوظيف، فتشمل: استقبال طلبات الأشخاص المعوّقين، زيارة فريق متخصص سوق العمل للبحث عن فرص عمل، دراسة مكان العمل مع وصف مفصل للوظيفة، مطابقة فرص العمل مع طلبات التوظيف، وصولاً إلى اختيار الشخص المناسب ومتابعة سوق العمل والموظفين بعد توظيفهم.  

السابق
صالون نسائي نموذجاً لدعم عائلات السجناء
التالي
زهرا: الحكومة بحكم الساقطة وخلافات اطرافها لا تتوقف على التمويل فقط