ماذا قال نصر الله لكوادره عن سورية؟

طمأن الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله كوادر حزبه لجهة قدرة الحزب على تجاوز تداعيات ما يجري في سورية. وفي لقاء جمع عشرات الكوادر الحزبية لتوضيح دور وموقع وتأثير الاحداث في سورية على حزب الله، بحسب احد الكوادر الحزبية، اظهر السيد نصرالله ثقة بقدرة الحزب على التعامل مع التحديات التي تواجهها سورية ونظامها، مبديا اعتقاده بأن القيادة السورية قادرة على الصمود في مواجهة ما يحاك ضدها من مؤامرات، من دون ان ينفي احتمال سقوط النظام، كما أنّه لم يستبعد ان يقوم الحلف الاطلسي بتنفيذ غارات جوية تستهدف المدن السورية، وتحديدا دمشق.

السيد نصرالله الذي كان يشيد بالعلاقة الوثيقة والتاريخية بآل الاسد، خلال مخاطبته الحاضرين، برّر اشادته، بحسب المصدر نفسه، بالثقة التي يبديها لخيارات هذه العائلة الصادقة والجدية ضد اسرائيل، معتبرا ان دعم حزب الله النظام السوري ينطلق من موقف اخلاقي قبل اي شيء آخر. لكن السيد نصرالله، وردا على سؤال ان كان الحزب سيتدخل مباشرة في حال تعرضت دمشق لقصف "الناتو"، أجاب: "الحزب حليف النظام السوري وليس تابعا له"، معتبرا ان "استهداف دمشق يختلف عن استهداف طهران"، ومؤكدا ان "حزب الله لن يتدخل عسكريا فيما لو وقع تدخل عسكري غربي او تركي".

لكن السيد نصرالله، الذي بدا مطمئنا إلى قدرة نظام الاسد على المواجهة والصمود، تحدث بشكل مفصّل عن القوى الداخلية السورية التي تدعم استمرار النظام وبقاءه، وهو إذ نوّه بتماسك الجيش والقوات المسلحة وقدرتها على الصمود والتماسك، لفت الى ان كل الأقليات الدينية والعرقية تقف خلف النظام، وقدّر ان النظام يستند إلى أكثر من ستة ملايين سوري مقتنعين بأن انهيار النظام سيضر بمصالحهم وبوجودهم في هذا البلد.

وإزاء فرضية سقوط النظام التي كانت تشغل الكثير من الحاضرين في هذا اللقاء، لجهة انعكاساتها على موقع ودور حزب الله السياسي والمقاوم، قال السيد نصرالله لمحازبيه: ثقوا بأنّ الحزب أقوى من أيّ دولة اقليمية في المنطقة (من دون ان يتضح ان كان يدرج اسرائيل في هذا السياق)، مشيرا بذلك إلى أنّه حتى لو تغير النظام في سورية فإنّ لدى حزب الله الكفاءة والقدرة على التصدي لأي محاولة للنيل منه عسكريا او امنيا. وشدد على ان لبنان تحت السيطرة وليس هناك من خطر يخشاه الحزب امنيا او عسكريا من الداخل مؤكدا ان "البلد مضبوط" والكل يدرك هذه الحقيقة ويعرف حدوده. (انتهى كلام نصرالله)

في الموازاة تشير اوساط قريبة من حزب الله إلى ان قيادته تبدي ثقة لجهة قدرتها على الحصول على السلاح ، وإن تغير النظام في سورية: "ومن داخل سورية نفسها فضلا عن طرق ووسائل اخرى" لم توضحها. وتلفت هذه الاوساط الى مشكلة تتمثل في وجود انشاءات وقواعد لصواريخ استراتيجية في اكثر من منطقة سورية، يشرف عليها حزب الله، وهي خلاصة جهد اكثر من عشر سنوات من العمل المنظم والدقيق، مشيرة الى ان جزءا اساسيا من ترسانة حزب الله الاستراتيجية المعدة لمواجهة اسرائيل موجودة على الاراضي السورية. وهو ما يعتقد انه سيكون عرضة لمخاطر سقوطها في يد المجهول او "العدو".

من هذا المثال، الذي يشير الى نموذج عن مستوى العلاقة المتشابكة بين النظام السوري وحزب الله وبالطبع ايران، يمكن ان يقدر المراقب مدى تأثير اي تحول سياسي في سورية على هذه الشبكة، بحيث يمكن وصفه بالتأثير "الاستراتيجي".
وانطلاقا من القناعات التي يعبر عنها مسؤولو حزب الله – بوصف ما يجري في سورية بأنّه عمل يقوده متآمرون غربيون وعرب على دور النظام السوري وعلى خيار المقاومة، كما وصف امس النائب محمد رعد – يمكن الاستنتاج أنّ الترسانة العسكرية التي يباهي بها حزب الله في لبنان وسورية، والتي اعدت كما يقول للمواجهة مع اسرائيل، تبدو أقرب ما تكون الى قلعة شديدة التحصين مقلقة للعدو، لكنه التحصين الذي يفقد دوره حين تبدو القلعة من داخلها مصدعة وخاوية.
القوة لا تختصر بالترسانات ولا بالخطط العسكرية فحسب، بل هي قوة الدول بمجتمعاتها، وبما تنجز السلطة لشعبها من مصادر القوة الفعلية… نموذج الاتحاد السوفياتي كقلعة نووية يبقى نموذجا يستحق الدرس والعظة.
  

السابق
اسرائيل تعلن توقيف عناصر خلية تابعة لحماس في القدس
التالي
وداع بعثي للعروبة!