كوميديا

تموت الكوميديا العربية بصمت وتولد التراجيديا في صخب.. بوفاة الفنانة خيرية احمد ينتهي جيل من فنانات الكوميديا في الاذاعة والتلفزيون والمسرح والسينما العربية.. كانت المرأة في عالم الفن خاصة الكوميدي لازمة في المسرح والاذاعة والسينما.. كانت هناك ماري منيب وزينات صدقي وشويكار وغيرهن من الفنانات القديرات على رسم الابتسامة على الشفاه مع اقرانهن من عمالقة الفن مثل يوسف وهبي وعلي الكسار وعبد المنعم مدبولي وفؤاد المهندس وامين الهنيدي وغيرهم وحاليا لا يوجد احد في قائمة هؤلاء لان اغلب من يحاولون الكوميديا يكررون انفسهم.. وقد سمعت نكتة واحدة لممثل يدعي الكوميديا في ثلاثة من اعماله اي في مسرحية وفي فيلم وفي مسلسل وكأنه عاجز عن الابداع.. ولانني متابع للكوميديا الغربية بدءا من شارلي شابلن حتى نجومها في بريطانيا وايطاليا وفرنسا فإنك تفاجأ مثلا ان دريد لحام اقتبس مشاهد كثيرة من اعمال لنجوم الكوميديا الايطالية في مسرحياته.

فإضحاك الناس او رسم ابتسامة على الشفاه ليس عملية سهلة وهناك فرق بين الكوميديا او السخرية والضحك من اجل الضحك او الاسفاف في الاضحاك.. ولعلنا نلاحظ ان المسرحيات القديمة الابيض والاسود تمتاز بالسخرية في موقعها سواء بالحركة او الكلمة فيما ان السخرية الحالية تعتمد الاسفاف والكلمات ذات المعنيين والايحاء الجنسي.. وقد شاهدت فيلما قديما قبل فترة رغم اقلاعي عن مشاهدة التلفزيون باستثناء قديم الافلام والمسرحيات كان يعج بنجوم الكوميديا من امين الهنيدي الى فؤاد المهندس وعبد المنعم مدبولي وثلاثي اضواء المسرح وحسن مصطفى ومحمد عوض وحسن يوسف.. وغيرهم وكل هؤلاء في فيلم واحد.. ولا اظنك ستكف عن الابتسام والضحك مع وجود هذا الكم من النجوم. وقد خبا نجم مسرح الكوميديا في العقود الاخيرة بسبب غياب النصوص لان الكتابة الساخرة هي الاصعب بين فنون الكتابة، فمن السهل ابكاء عامة الناس بمشاهد مؤلمة ومن الصعب نقلهم الى الابتسام بروح الفكاهة. ولعل سبب ذلك يعود الى ان الكاتب مهما كان نوع انتاجه مسرحيا او سينمائيا هو اقل المستفيدين ماديا من عمله اذ يذهب الريع الى المنتج والممثل وليس الى الكاتب.

ما زلت حتى الآن استمتع بسماع المسلسل الاذاعي «ساعة لقلبك» الذي اشتهر في الستينيات مع فؤاد المهندس وخيرية احمد.. وقد قامت احدى الفضائيات المصرية بانتاجه على شكل مسلسل مصور كمبيوتريا. ولا اظن ان مسلسلا اذاعيا يمكنه ان يحظى بمتابعة طيلة نصف قرن. لولا انه على قدر كبير من المهنية والفكاهة التي لا تموت. ما احوجنا للكوميديا الهادفة في بيئتنا الحالية.. لان شر البلية ما يضحك ولكن السؤال هو من يكتب؟  

السابق
قاعدة الجهاد أطلقت الصواريخ من الجنوب لغاية في نفس يعقوب !!
التالي
المخرج الجديد!؟