صالون نسائي نموذجاً لدعم عائلات السجناء

تطوعت باسمة قصب لإعالة أولاد شقيقتها الأربعة وتوفير مصاريف تعليمهم، في غياب أبيهم، النزيل في أحد السجون. قصب هي واحدة من أقارب 70 سجيناً وفرت لهم منظمة «شيلد ـــــ دروسوس» السويسرية أشكالاً مختلفة من الدعم الاجتماعي والاقتصادي والصحي، بعدما تسبّبت تجربة السجن بفقدان المعيل. وقد شاركت الخالة في الدورات المهنية، ضمن برنامج المساعدة، وخضعت لتدريب مكثف في التزيين النسائي لفترة تجاوزت 120 ساعة. وبسبب تفوقها، تولت المنظمة تجهيز صالون نسائي خاص بها في مدينة النبطية، يمكّنها من تحقيق هدفها الإنساني. أمس، افتتحت «شيلد» هذا المشروع الصغير، ضمن برنامج مساعدة عوائل السجناء، وهو الأول من نوعه في جنوب لبنان. ويتوقف نجاح التجربة، بحسب مديرة البرامج في المنظمة كارول غوتلر، على معايير ثلاثة، هي: تعاون الشركاء المحليين، دعم المؤسسات الرسمية، واستمرارية المشروع وقتاً طويلاً. وأملت غوتلر أن يأتي يوم «وتصبح فيه مبادرات كهذه، وطنية مئة في المئة، من دون أي مساعدة أو تمويل أجنبي، فتتعاون المؤسسات الرسمية والأهلية لدعم الفئات الأكثر حاجة».

وبصفته شريكاً في البرنامج، دعا الرئيس الأول لمحاكم الاستئناف في النبطية القاضي برنار شويري، المعنيين إلى دعم هذه الفئة، وخصوصاً الجمعيات الأهلية في المحافظة، لما للتعاون من عامل أساسي في تحسين الظروف القاهرة لعائلات السجناء.
وتحدث زاهي إبراهيم رئيس دائرة النبطية في وزارة الشؤون الاجتماعية باسم الوزارة الشريكة الرسمية في البرنامج، فأشار إلى أنّ هذه الخطوة هي الأولى من نوعها في الجنوب بين عائلات السجناء، وستكون لها أهمية كبيرة لجهة تعزيز عطاء المرأة، وتمكينها من الاعتماد على قدراتها الذاتية وتنميتها. من جهته، رأى المشرف الاجتماعي على البرنامج الباحث الدكتور طلال عتريسي «أن هذا الصالون هو نموذج متواضع عن كيفية دعم أسر أصحاب الظروف الاجتماعية، وخصوصاً عندما تصبح بلا معيل»، لافتاً إلى أن الهدف من هذه المشاريع هو حماية عائلات السجناء ودعم أفرادها، لكي يعتمدوا على أنفسهم في المعيشة، فكرامة الإنسان تكمن في الاعتماد على نفسه.

وبينما تناول عتريسي الدراسة الاجتماعية الميدانية التي أجرتها المنظمة عن أحوال العائلات وحاجاتها، تطرق إلى أهمية حجم تجاوب الأسر مع «شيلد» لتحسين ظروفها، بعدما ساءت بسبب دخول أحد أفرادها السجن. ولا يفوت عتريسي التنويه «بشجاعة الأسر في مواجهة ضغوط المجتمع الاقتصادية والمعنوية والاجتماعية».
وكانت الفرق الميدانية في المنظمة قد أجرت مقابلات مع 127 سجيناً لبنانياً، وطلبت منهم بواسطة استمارة محدّدة إمكان التعاون وإعلان الموافقة على التواصل بين المنظمة وعائلاتهم خارج السجن، والتعرّف إلى احتياجاتهم المختلفة، لكن نسبة تجاوب السجناء بلغت 28 في المئة من العيّنة.

برنامج «شيلد»

انطلق برنامج «شيلد» في شهر أيار الماضي، ويستمر طيلة عامين ويستهدف السجناء، نزلاء سجون صور والنبطية وتبنين، وهو يستند الى دراسة ومسح ميدانيين شاملين للسجناء اللبنانيين وعائلاتهم، أجرته المنظمة بالتعاون مع منظمة «دروسوس»، للتعرّف إلى احتياجاتهم المختلفة ومعالجتها تحت عنوان «لكي لا يكون ابن أو أخ السجين مجرماً». ومن خلال عينة من 127 سجيناً، أي ما نسبته 71,3 في المئة من العدد الإجمالي، تبيّن أن تعرض أحد الأشخاص للسجن، ولا سيما إذا كان رب العائلة، قد يؤدي إلى ظواهر سلبية، منها التسرب المدرسي والتشتت الاقتصادي والانحراف السلوكي والحرمان من الرعاية الصحية والعزلة الاجتماعية. وخضع أقارب 70 سجيناً وافقوا على الاستفادة من المشروع، لبرنامج التدريب المهني بين خياطة وتزيين نسائي وأكسسوار، واستفاد 40 منهم من مشاريع مولت تجهيزها «شيلد»، نظراً إلى تفوقهم خلال التدريب وجديتهم في المتابعة. 

السابق
مدارس شبعا في كونتاينر
التالي
مركز وطني لتوظيف المعوّقين