استقالة ميقاتي ومثلث الأضلع

.. يستقيل، لن يستقيل، ربما يُستقال، وربما لن يُسمح له بالاستقالة. هكذا كانت حال رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عشية الجلسة المقررة اليوم لمجلس الوزراء، والتي استبقها بالتهديد بالاستقالة اذا لم يتم اقرار البند المتعلق بتمويل المحكمة الدولية في جريمة اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري والجرائم الاخرى ذات الصلة.

فعلى مدى ساعات النهار انطلقت المحركات السياسية على مصرعيها في سباق بين المساعي لايجاد مخرج يضمن تمويل المحكمة ويحفظ استمرار الحكومة، وبين الشروط المتقابلة التي من شأنها «تطيير» الحكومة والانزلاق بالبلاد نحو مرحلة «مجهولة باقي الهوية» في ذروة الارتدادات السورية التي بلغت شظاياها امس الحدود مع اسرائيل.

ولم يكن اتضح لون الدخان حتى ساعة متقدمة من نهار امس، مع ميل يرجح تأجيل جلسة مجلس الوزراء اليوم لمنح المساعي التي يضطلع بها وعلى وجه الخصوص رئيس البرلمان نبيه بري فرصة اضافية تمتد لأسبوع لانضاج توافق بين مكونات الحكومة يجنبها الانفجار بـ «صاعق» المحكمة الدولية وبـ «توقيت» سوري بالغ التعقيد.وعكس كثافة الاتصالات حراجة المأزق … الرئيس ميقاتي زار الرئيس بري واستقبل الوزير عن «حزب الله» النائب محمد فنيش بعدما كان زاره الوزير وائل أبوفاعور (من وزراء الزعيم الدرزي وليد جنبلاط)، وسط حركة حثيثة في الكواليس تناولت المخارج الممكنة لامرار تمويل المحكمة الدولية، وتالياً انقاذ الحكومة من انهيار حتمي.
وعلمنا  ان الحل الاكثر تداولاً، والذي اقترحه الرئيس بري يقوم على مخرج «مثلث الأضلع» … تمويل المحكمة، لقاء تعهد بالطلب من مجلس الامن اعادة النظر ببروتوكولها، واحالة ملف ما يسمى «شهود الزور» على المجلس العدلي.
وأشارت اوساط مهتمة لـنا الى انه في حال موافقة «حزب الله» على هذا الحل، يجري العمل على تأمين كتلة من اربعة وزراء لضمان ترجيح كفة تمويل المحكمة خلال التصويت في مجلس الوزراء. فاقرار التمويل يحتاج الى 16 وزيراً (نصف زائد واحد)، وسط تأييد مسبق من 12 وزيراً محسوبين على رئيسي الجمهورية ميشال سليمان والحكومة نجيب ميقاتي والنائب وليد جنبلاط.

وأشارت المعلومات الى ان اقناع «حزب الله» بالموافقة على هذا المخرج من شأنه ان يفتح الباب امام انضمام وزيري «الطاشناق» الارمني وآخرين (فيصل كرامي ومروان خير الدين او سواهما) الى نادي مؤيدي التمويل، الامر الذي يفقد ميقاتي المبرر لاعلان استقالته.

وكشفت المعلومات عن ان «حزب الله» لم يوافق حتى الآن على هذا المخرج، لاعتقاده بأنه سيعطي من دون ان يأخذ. فمجلس الامن لن يعيد النظر في البروتوكول الذي صار تحت الفصل السابع، ولأن ملف «شهود الزور» لا يستأهل «شرعنة المحكمة» عبر تمويلها.
واذ لم يشأ ميقاتي امس الكشف عن طبيعة المخرج الذي يتم تداوله، اشار الى «ان الوضع غير سهل»، لافتاً الى «ان الابواب مفتوحة، والمسألة قيد التداول، واذا لم يتأمن النصاب لانعقاد جلسة يوم غد (اليوم) فسأدعو الى جلسة ثانية».
اما موقف «حزب الله» فعبّر عنه الوزير فنيش في تصريحات ادلى بها بعد زيارته لميقاتي، وقال فيها «نحن نتمنى ان لا تستقيل الحكومة وان يقرر مجلس الوزراء كمؤسسة وان يصار الى احترام دوره»، لافتاً الى «ان الرئيس ميقاتي على موقفه من الاستقالة ونحن على موقفنا من تمويل المحكمة».

وقالت مصادر مطلعة على كواليس المشاورات التي شهدتها السرايا الكبيرة لـنا  ان البحث يتم عن مخرج للتمويل لا عن تسوية يمكن ان تقفز من فوق هذا الاستحقاق، لافتة الى «ان الرئيس ميقاتي يريد حلاً لا تسوية والا فالاستقالة».
وأشارت هذه المصادر الى ان المداولات الكثيفة التي جرت، لا سيما بين الرئيسين بري وميقاتي لم تكن أفضت الى خريطة طريق واضحة حتى ساعة متقدمة من نهار امس، وتالياً فان الحظوظ متساوية بين امكان التوصل الى مخرج او عدمه.
وقالت مصادر واسعة الاطلاع في بيروت لـنا ان الاتصالات في الداخل تجري في ظل اشارات دولية وصلت للرئيس ميقاتي تحضه على عدم الاستقالة تفادياً لسقوط لبنان في الفراغ، لكن مع التأكيد على ضرورة التزام لبنان تمويل المحكمة الدولية في اطار المهلة المحددة.
ولفتت هذه المصادر الى ان المجتمع الدولي الذي لا يريد «ان يسمع بلبنان» في لحظة انشغاله بالوتيرة المتصاعدة للتطورات في سورية، لن يمدد فترة السماح امام الحكومة اللبنانية للوفاء بالتزاماتها تجاه تمويل المحكمة.
ولفت امس ان زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون بدا أقل تشنجاً في الموقف من تمويل المحكمة الدولية، إذ اشار الى انه يمكن اعتبار التمويل «فدية» لحفظ الاستقرار، مشدداً على ان «الاستقرار الداخلي» اولاً، معلناً انه «بين الاستقرار الداخلي والخطر الخارجي نختار الاستقرار».  

السابق
الرئيس المقبل: ساركوزي أو هولاند؟
التالي
الراي: رسالة صاروخية من جنوب لبنان تردّ عليها إسرائيل موْضعياً