سورية على خط النيران العربية!

 آراء متعددة ترى بأن سورية على خارطة التقسيم، وأن هناك حرباً أهلية تهددها، وقواعد للقاعدة، وصوراً أخرى تثير الشك ولكنها نوع من التنفيس للسلطة، والدليل أن من يتظاهرون، ويطالبون بالحرية وكسر عصا الحكم الباطش، انطلقوا من جحيم الأوضاع التي عاشوها ويعيشونها الآن، لكن خروجهم لم يأت من فراغ، بل من خلال وعي متكامل، بدليل أن التضحيات اليومية لم تكسر قوتهم أو تخيفهم..

فقد اتسعت خصومات دمشق مع العالم الخارجي إلا الصين وروسيا، ودخلت على الخط، وبقوة، دول الجامعة العربية، التي صوتت على عقوبات وبنسبة عليا للأكثرية ستكون قاصمة الظهر على الوضع الاقتصادي والسياسي، والرأي الذي يتجه إلى أن العقوبة ستؤثر في الشعب السوري صحيحٌ، إلى حد ما، لأن التأثير الداخلي بقطع الكهرباء والمياه ومصادرة المواد الغذائية والدوائية، وترك الجرحى يموتون في مواقعهم، هو حظر متعمد من النظام سبق قرارات الجامعة العربية، ولا يوجد خيار في مثل هذا الموقف، أي أن الاستمرار بالتعامل مع النظام وفقاً للأوضاع القديمة أمر يعزز قوته، ويجعله أكثر شراسة، لكن اتخاذ الموقف الجديد سيسحب البساط من تحت قدميه، ويضر بوجوده، بل إن من رحبوا بالحظر من المعارضة كان كبيراً، ولعل نقل الملف السياسي إلى مجلس الأمن، والأمم المتحدة بحماية الشعب السوري، سوف يجد في القرار العربي مبرراً كقاعدة لمضاعفة العقوبات، وربما التدخل العسكري، وحتى لو اتخذت روسيا والصين جانب معارضة أي إجراءات جديدة، فهما ستصبحان في مواجهة العرب والعالم، والرهان هنا سيأتي بالخسارة عليهما..

المدافعون عن الحكم يبررون، بلسانه، أن سورية ليست معرضة للاهتزاز الاقتصادي لأن رصيدها من الذهب كبير، وهذا، لو صدقت الأقوال، سيكون قد هرب لمصالح السلطة والدائرين في فلكها، والتجربة التي مرت بها ليبيا، وهي الأغنى في دخولها، النفطية من سورية، وجِدت الخزائن خاوية، لأن الشعور بالخوف دافع أساسي لإخراج الأموال تحسباً لظروف، غير محسوبة، قادمة، والضغط الآخر يأتي من تمرد الجيش حيث إن تشكيل القوات السورية الحرة الموالية للمعارضة، سوف يكون مرجحاً وضاغطاً على السلطة..

لقد انتهت الحكومات العسكرية من ذهنية المواطن العربي، بعد هزيمة 1967م، لأن افتقاد الشعب امتلاك حريته وقرارات خياراته الديمقراطية لم يقف على حدود تونس، ثم مصر، وليبيا، وأخيراً اليمن، ولن تُستثنى سورية من هبوب الرياح التي تقتلع النظام، وقد تكون الخسائر كبيرة في الضحايا لدى المواطنين، ولكن التصميم على حسم الموقف، وبإجماع وطني، هو الطريق الطويل للمواجهة، وحتى الشعب السوري يعلم أن ثمن الحرية لا يأتي بالورود، وإنما بالضحايا والدماء الغزيرة، لكن النهايات ستكون لصالحه مهما كانت دورة الموت، خاصة وأن دائرة المعارضة تتسع، ومن يحالفون السلطة، وخاصة من التجار سوف تحاصرهم الضغوط العربية، وطبيعة التاجر المراباة حتى في السياسة، وتمثيله دور المؤيد ينطلق من مصلحة وليس من قناعة، وعندما يجد نفسه في الحيّز الضيق سيخرج من رحم الأزمة إلى ما يوفر له أمن أمواله وامتيازاته، والابتعاد عن السلطة مهما كانت الظروف..
 

السابق
أكبر كذبتين
التالي
أفتقد لبنان الاستقلال: لبنان الحرية والفكر!