اللواء: الإستقالة لم تسحب عن الطاولة ··· ومرسوم الأجور إلى مجلس الوزراء

 كتبت "اللواء" تقول ، تحيط <بالأزمة الحكومية> عاصفة من التكهنات أو الترجيحات والمعلومات، تفاقم حالة الغموض التي لم تبددها الاتصالات الرئاسية التي سبقت وتلت عودة الرئيس نجيب ميقاتي من الفاتيكان، وشارك فيها إليه الرئيسان ميشال سليمان ونبيه بري، بحثاً عن مخارج، أو ما سمي بـ <تسوية المحكمة>، من دون أن تجزم مصادر المعلومات بما يمكن أن تؤول إليه الاتصالات، بانتظار محطتين إحداها غداً الأربعاء في مجلس الوزراء، حيث يصرّ رئيس الحكومة على عدم سحب بند المحكمة عن الطاولة، والجمعة في معرض الكتاب العربي، حيث سيلقي كلمة سياسية على ارتباط مباشر بالأزمة الماثلة للعيان، لأنه – استناداً الى أوساط السراي – ليس بإمكان رئيس الوزراء البقاء مكتوف الأيدي من الآن الى صدور قرار عن الأمم المتحدة بما يتعلق بلبنان، فإذا فشلت الاتصالات، فإنه سيستقيل حتماً، وإن كانت المصادر الديبلوماسية لوّحت بإنزال الاستقالة عن الطاولة، إذا اقتنع الأطراف بأن تمويل المحكمة خشبة الخلاص للبنان من ورطة العقوبات التي ضربت سوريا، محدثة وجعاً، ولو موضعياً، وفق ما فهم من كلام وزير الخارجية السوري وليد المعلّم في مؤتمره الصحفي أمس (الخبر في مكان آخر)·
وحسب أوساط السراي، فإن الرئيس ميقاتي لن يقبل بأن يسبقه قرار الأمم المتحدة وهو في رئاسة الحكومة، سواء في ما خص العقوبات الواسعة على سوريا، أو التي يمكن أن تشمل لبنان·
وحتى ليل أمس لم يكن <حزب الله> قد وافق على حضور جلسة مجلس الوزراء، إذا بقي بند التمويل على جدول أعماله، فضلاً عن الغموض في ما يتعلق بموقف وزراء التكتل العوني الذين يرهنون موقفهم الأخير بما سيتم البحث فيه مع الرئيس سليمان اليوم، قبل اجتماع تكتل <الاصلاح والتغيير> عند الثالثة من بعد ظهر اليوم في الرابية، والذي سيعقبه مؤتمر صحفي للنائب ميشال عون يكشف فيه عن نتائج الاتصالات والأولويات التي سيعتمدها وزراؤه، سواء في جلسة الغد، أو المرحلة المقبلة·
قبل هذه التطورات كانت قد ارتسمت معالم الحل <لأزمة التمويل أو الاستقالة> لكنها عملياً ما تزال تحتاج إلى بعض الوقت، الأمر الذي قد يتطلب عدم بحث ملف تمويل المحكمة في جلسة مجلس الوزراء غداً·
وبحسب المعلومات المتوافرة لـ <اللواء> فإن كل الأطراف المحلية والإقليمية والدولية المعنية بالوضع اللبناني، أوصت جميع المسؤولين ومن مختلف الاتجاهات السياسية، بضرورة الحفاظ على الاستقرار اللبناني، وأن لا يكون لبنان أزمة إضافية على الأزمات المتشعبة عربياً، ولا بد حيال ذلك من البحث عن مخارج للوصول إلى هذا الهدف، من دون الإخلال بمصلحة لبنان العليا·
وتعتقد مصادر وثيقة الاطلاع أن <تسوية المحكمة> – إذا جاز هذا التعبير – يجب أن تتألف من ثلاثة عناصر:
{{ التمويل للرئيس نجيب ميقاتي·
{{ بروتوكول المحكمة لحزب الله·
{{ التعيينات للنائب ميشال عون·
وتؤكد المصادر أن هذه العناصر مجتمعة، والتي لا تخفي احتمال إبرام صفقة مقايضة كبرى، يعمل عليها الرئيس نبيه بري بدعم أطراف خارجية، وأن دمشق في أجوائها، وكذلك النائب سليمان فرنجية الذي دخل على خط إقناع عون، طالما أن التعيينات التي يطالب، من ضمن مطالبه، ستكون من حصته·
إلا أن المصادر تستدرك بأن الاتصالات الجارية في هذا الشأن لم تحقق بعد تقدماً حاسماً، وقد يحتاج الأمر إلى بعض الوقت، مما يرجح إما احتمال تأجيل جلسة مجلس الوزراء غداً إلى موعد آخر، أو انعقاد الجلسة، ولكن من دون الوصول إلى البند التاسع والأربعين والذي يلحظ <المساهمة في تمويل المحكمة>، أو بمعنى آخر سحب هذا البند، بحيث تكون الجلسة مساحة للحوار حول العناوين التي طرحت في الأيام الثلاثة الأخيرة، سواء من جانب تكتل عون، أو من غيره من الأطراف المعنية حكومياً·
غير أن مصادر رئيس الحكومة الذي عاد مساء أمس من الفاتيكان بعدما التقى البابا بنيديكتوس السادس عشر في الفاتيكان مع عدد من المسؤولين هناك، أكدت أن الاتصالات الجارية، تلحظ الوصول إلى حل لموضوع تمويل المحكمة وليس على حسابه، بمعنى أن أي حل يجري التداول به يجب أن يؤمن الاتفاق على تمويل المحكمة، مبقية اشهار سيف الاستقالة مسلطاً من دون اعادته إلى غمده·
في المقابل، أوضحت مصادر بعبدا، أن جلسة الأربعاء ما زالت تتأرجح بين الانعقاد أو صرف النظر عنها، مشيرة إلى أن الاتصالات لم تصل بعد إلى مخرج، سواء على صعيد المحكمة أو على صعيد مطالب عون، والتي ستكون اليوم عنوان الاجتماع الذي سيجمع الرئيس ميشال سليمان ووزراء عون، إلى جانب البحث في مخارج معينة للجلسة·
ولاحظت أن الاجتماع الذي طلبه وزراء عون يأتي قبيل اجتماع تكتل التغيير والإصلاح والذي يفترض أن يحسم موقفه من موضوع اعتكافهم وعدم مشاركتهم في جلسات الحكومة، في ضوء ما سيسفر عنه لقاء بعبدا، مشيرة إلى اتجاه شبه محسوم لتلبية مطالب عون بعد إقرار بند التمويل·
وفي هذا السياق، تحدثت أوساط متابعة عن 4 مخارج للتمويل: الأوّل عبر مجلس الوزراء في جلسة يغيب عنها سبعة وزراء (وزراء <امل> و<الطاشناق> و<المردة> و<الديمقراطي اللبناني>) ليؤمن بذلك وزراء الفريق الوسطي عدد الأصوات المطلوب لإقرار التمويل، اما الثاني فيمكن تمرير التمويل من احتياطي رئاسة الحكومة بمرسوم عادي موقع من الرئيس ميقاتي ووزير المال، فيما يقترح الثالث دفع سلفة مالية من الهيئة العليا للاغاثة بطلب من رئيس الحكومة، واذا تعذرت المخارج الثلاثة، يمكن الطلب من مصرف لبنان دفع الحصة المتوجبة على الدولة وتدوينها في سجل ديون الحكومة·
ومن جهتها، كشفت مصادر رئيس المجلس، أن الموقف الذي اتخذه الرئيس ميقاتي بربط رفض التمويل بالاستقالة كان مفاجئاً للرئيس برّي الذي وجده مخالفاً لاتفاق أرساه معه بتأجيل بحث الموضوع إلى شهر آذار المقبل، بحيث يجري ادراجه ضمن برنامج قانون داخل موازنة العام 2012، مشيرة إلى أن هذا الموقف اثار علامة استفهام حول الدافع الذي املى على رئيس الحكومة اتخاذ هذا الموقف، وكذلك الامر بالنسبة لوزير المال الذي طلب سلفة لتمويل المحكمة، بعدما كان ادرج تمويلها في صلب مشروع الموازنة، متسائلة عن حقيقة <القطبة المخفية>، وعما إذا كانت هناك جهات ضغطت على الرئيس ميقاتي للتلويح بالاستقالة، علماً أن الاستقالة لا تؤدي إلى حل، بل إلى أزمة يمكن ان تنعكس سلباً على الشارع·
ومهما كان من أمر هذه التساؤلات، وبالتالي ارتباط موقف ميقاتي بمهرجان تيّار <المستقبل> في طرابلس، بقصد سحب فتيل تمويل المحكمة منه، فان لا أحد يمكن أن يتصور أن يعود رئيس الحكومة من الفاتيكان ليقدم استقالته غداً، خصوصاً وأن المخرج – عملياً – ليس صعباً، ويمكن الوصول إليه في مجلس الوزراء أو خارجه، طالما ان الاستقالة ليست موجهة إلى الأطراف المحلية، بل إلى الاطراف الخارجية، التي باتت ميالة إلى صرف النظر عنها·
في هذا السياق، كشف ديبلوماسي بارز لمراسل <اللواء> في واشنطن، عن اتصالات جرت في اليومين الاخيرين مع رئيس الحكومة تناولت مسألة عزمه على الاستقالة في حال عدم اقرار تمويل المحكمة· واشار الى ان ميقاتي سمع كلاما واضحا يحضه على صرف النظر عن الاستقالة نظرا الى محورية دوره في هذه المرحلة، وعدم رغبة العواصم الكبرى، وخصوصا باريس وواشنطن، في ان يكون لبنان ازمة اضافية على الازمات المتشعبة عربيا· وتوقع ان يرتب ميقاتي خطواته المقبلة بعد 30 تشرين الثاني على وقع الرسالة الواضحة التي تلقاها·
وكشف الديبلوماسي البارز ان ثمة تطمينات اضافية اعطيت لرئيس الحكومة تتعلق بما حكي عن عقوبات على لبنان وعلى المسؤولين فيه في حال تخلف عن التمويل، موضحا ان هذه التطمينات اتت في سياق تخفيف الضغط عن كاهل رئيس الحكومة وعدم دفعه في اتجاهات لا تراها الدول المعنية في مصلحة لبنان واستقراره النسبي·
وكان تردد ان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي يعتزم توجيه دعوة رسمية الى ميقاتي كي يزور باريس قريبا وربما قبل نهاية هذه السنة، على ان يجري الاعلان عنها في التوقيت المناسب·
وبحسب المعلومات، فإن موضوع تمويل المحكمة لم يغب عن محادثات الرئيس ميقاتي في الفاتيكان، ولا سيما مع امين سر الدولة الكاردينال ترشييو برتوني ووزير الخارجية المونسنيور دومنيك مامبرتي، حيث الرجلان عن قلق الكرسي الرسولي للوضع في الشرق الاوسط، ليس فقط بالنسبة للمسيحيين بل ايضا لكل المجتمعات الاخرى، واكدا على وجوب العمل على تهدئة النفوس، متمنين ان تسود لغة العقل، مشددين على ان <لبنان اساسي للوجود المسيحي في الشرق>، واكدا على ان <صدقية اي حكومة ان تؤمن التزامات البلد خاصة مع المجتمع الدولي>·
اما البابا بنيديكتوس السادس عشر الذي اختلى به ميقاتي لمدة 35 دقيقة، فقد اكد من جهته انه <عازم على زيارة لبنان في الخريف المقبل> مؤكدا ايمانه بأنه سيبقى وطن الرسالة بين دول العالم· وبدوره اكد ميقاتي <ان لبنان لا يقوم الا بجناحيه المسيحي والمسلم، وعلينا جميعا ان نقوي ارادة العمل معا للحفاظ على مبادئ قبول الآخر، وحرية المعتقد التي قام عليها لبنان>، مشددا على ان <هجرة المسيحيين من لبنان ليست مرتبطة ابدا بأسباب دينية بل بظروف اقتصادية صعبة، يعاني منها جميع اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم>·
واكد ان <الاسلام هو دين تسامح وانفتاح وقبول الآخر>·
الى ذلك، قالت مصادر سياسية رفيعة لـ <اللواء> ان الاتصالات والمشاورات الناشطة قد تؤدي الى ارساء ملامح حل لمسألة تمويل المحكمة، انطلاقا من رغبة غالبية الاطراف المحلية والخارجية عدم الاطاحة بالحكومة·
وتوقعت المصادر ان يسفر الحوار القائم، أو الذي سيحصل اليوم، والذي من ضمنه اتصال أجراه رئيس المجلس برئيس الحكومة نهاية الاسبوع في مقر اقامته في الفاتيكان، الى الولوج في بازار تسووي ينتج نوعا من المقايضة بين التمويل من جهة والشؤون الحياتية والاجتماعية التي يطرحها تكتل عون، وخصوصا لجهة التعيينات في المراكز المسيحية كرئاسة مجلس القضاء الاعلى (تردد انها حسمت للقاضي طنوس مشلب) ورئاسة الجمارك···، وربما تعيينات في مراكز اخرى يعتبرها التكتل ملحة لتسيير امور الوزارات التي يشغلها، ومنها ايضا موضوع الاجور في ضوء مشروع مرسوم احالة وزير العمل شربل نحاس امس الى رئاسة مجلس الوزراء، ويتضمن زيادة الحد الادنى للاجور الى 950 الف ليرة·
غير ان مصادر مطلعة في قوى 14 آذار، لا تعتقد ان هذا السيناريو قد يجد نهايته السعيدة، وهي تعتقد، بحسب ما ألمح النائب بطرس حرب، ان استقالة حكومة ميقاتي واردة في غضون 10 او 15 يوما، في ضوء رفض <حزب الله> والنائب عون تمويل المحكمة، مستبعدا دخول البلاد في حال فراغ سياسي، طالما انه في الامكان استعادة الاكثرية السابقة، في حال عودة النائب وليد جنبلاط اليها، بحيث يمكن في هذه الحالة، تشكيل حكومة وحدة وطنية يغلب عليها طابع التكنوقراط· 

السابق
الأنوار : البابا استقبل ميقاتي: سأزور لبنان في الخريف
التالي
الشرق: جوبيه: عبر “الشرق” الى اللبنانيين: لا تنقلوا الواقع السوري الى بلدكم