الصواريخ: سورية أم فلسطينية.. ام بدل عن ضائع

خطفت الصواريخ التي أطلقت من جنوب لبنان الاهتمام السياسي والأمني اللبناني والدولي معا وطغت على ما عداها من انشغالات بعدما خرقت الهدوء الحذر الذي كان يسيطر على الجبهة الجنوبية منذ فترة طويلة وسط تساؤلات عن الجهة التي تقف وراءها وأسباب توقيتها الان، قبل ان تتبنى كتائب عبدلله عزام ـ قاعدة الجهاد، وهي "كتائب" غير معروفة الاشخاص وانما الانتماء فقط ارتباطا بتنظيم "القاعدة" وهي المرة الثانية التي تتبنى فيها عملية اطلاق صواريخ من جنوب لبنان.
وإطلاق الصواريخ "غير المجهولة" هذه المرة وفق تبني كتائب عبد الله عزام، كشف بوضوح مدى هشاشة الوضع الجنوبي، إذ يكفي صاروخ واحد وفق بيان قيادة الجيش اللبناني، ليخطف الانظار الى هذه البقعة "الهادئة على حذر" او التي "تغلي كالجمر تحت الرماد", والاشارة الى انه ليس بعيداعن تداعيات التطورات في المنطقة اي انه قابل عرضة للإهتزاز في أي وقت، رغم الرد الاسرائيلي المحدود بقصف المنطقة بارع قذائف التي يعتقد ان الصواريخ انطلقت منها وهي خراج بلدة رميش وسقطت بين بلدتي رميش وحانين الحدوديتين من دون وقوع اصابات في الارواح.
ويرى بعض المحللين جنوبا في القراءة السياسية، ان هذا الحادث الامني الذي وصفه قائد قوات الطوارىء الدولية الجنرال ألبيرتو أسارتا بأنه "خطير" فضلا عن كونه خرقا للقرار الدولي 1701.. أبعد من صاروخ، بل "رسالة نارية" مرتبطة بالتطورات الجارية في سوريا مع إصدار الجامعة العربية رزمة من العقوبات الاقتصادية والمالية والتجارية واعلان وزير الخارجية السوري وليد المعلم انتهاء سياسة الهدنة والهدوء ضمنا، بغض النار عن الجهة التي اطلقت الصاروخ، وسط تساؤل عن حقيقة الاسم والانتماء طالما ان أي من مسؤوليها لم يظهر على الساحة الاعلامية سابقا، وهو تأكيد لما قاله الرئيس بشار الاسد سايقا عن قدرته على زعزعة اوضاع المنطقة في غضون ساعات.
بينما يعتبر البعض الاخر أن الامر لا يعدو سوى كونه "إستغلال" فرصة وتوقيت ـ اطلاق صواريخ في "الوقت الضائع" او "الفراغ" احياء لليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني الذي يصادف 29 تشرينالثاني من كل عام وطالما ان الانظار مشدودة الى ساحات اخرى وان الامر اقتصر على صاروخ واحد فقط وبطريقة لافتة تقنيا، وهذا وفق هؤلاء ما دفع قوات الاحتلال الاسرائيلي الى استبعاد وقوف "حزب الله" وراء العملية.
بالمقابل، فان هذا الحادث كشف بوضوح عن رغبة اسرائيلية بعدم فتح جبهة الجنوب مجددا اذ اقتصر الرد على المنطقة ذاتها والمسارعة الى تحميل الجيش والحكومة المسؤولية ثم اعتبار العملية مجرد "حادث" لا يشير الى رغبة لبنانية بالتصعيد، كذلك الامر بالنسبة الى لبنان الرسمي اذ سارع الجيش الى وضع وحداته المنتشرة في المنطقة في حال استنفار، واتخذت تدابير امنية مشددة بما فيها تسيير دوريات مكثفة، بينما تولت لجنة عسكرية التحقيق لكشف الجهة التي اطلقت الصاروخ وتوقيف افرادها، والعمل على سد الثغرات التي يمكن ان تستغلها اي جهة للقيام باعمال مماثلة، فيما تجري متابعة الوضع بالتنسيق مع قوات الامم المتحدة الموقتة في لبنان".
ميدانيا، سادت اجواء الترقب والحذر الحدود على كلا الجانبين وسيرت قوات الطوارىء الدولية الدوريات وفيما طلبت قيادة "اليونيفيل" من موظفيها عبر رسائل نصية عدم التوجه الى الناقورةـ، توجهت دورية لقوات "اليونيفيل" الى منطقة سقوط القذائف الاسرائيلية ومكان إطلاق الصاروخ على الجليل، قابل ذلك تحركات متفرقة للجيش الاسرائيلي عند الحدود مقابل بلدة رامية وعيتا الشعب.
وأجرى القائد العام لليونيفيل اللواء ألبيرتو أسارتا إتصالات وثيقة مع الأطراف، داعيا إلى "أقصى درجات ضبط النفس من أجل منع أي تصعيد للوضع"،معتبرا ان "هذا حادث خطير وهو إنتهاك لقرار مجلس الأمن الدولي 1701، ويهدف بوضوح إلى تقويض الإستقرار في المنطقة، من الضروري تحديد مرتكبي هذا الهجوم وإلقاء القبض عليهم، ونحن لن ندخر جهدا لتحقيق هذه الغاية بالتعاون مع القوات المسلحة اللبنانية، وقد تم نشر قوات إضافية على الأرض، وكثفت الدوريات في جميع أنحاء منطقة عملياتنا لمنع أي حوادث أخرى".

السابق
“القوات”: لا بد للربيع العربي ان يصل الى فلسطين
التالي
فيلبينية تنجب طفلاً في بنت جبيل مجهول الأب