السفير : واشنطن تحذر لبنان من “عواقب جدية”

 كتبت "السفير" تقول ، مع عودة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، امس، من رحلته الفاتيكانية التي توجها بلقاء البابا بينيديكتوس السادس عشر، الذي وعده بزيارة لبنان في الخريف المقبل، فإن الساعات الفاصلة عن موعد جلسة مجلس الوزراء المقررة يوم غد، في القصر الجمهوري، ستشهد مشاورات رئاسية وسياسية مكثفة، من أجل وضع ضوابط تؤجل انفجار الوضع الحكومي، سواء بإيجاد مخرج ما لقضية تمويل المحكمة الدولية ولمطالب العماد ميشال عون، أو بإقناع رئيس الحكومة بتأجيل البت بهذا البند السياسي، لبضعة أيام وفي مهلة أقصاها منتصف كانون الأول المقبل، حتى يتسنى إيجاد تسوية تضمن استمرارية الحكومة بالمعنى السياسي الاستراتيجي.
وقال مصدر لبناني واسع الاطلاع لـ"السفير" إن الرئيس نبيه بري وبتفويض كامل من قيادة "حزب الله" وبالتنسيق مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان، سيتواصل مع ميقاتي في الساعات المقبلة، من أجل محاولة إيجاد صيغة تكون مقبولة من جميع الأطراف.
وقال بري لـ"السفير" إن المطلوب من الحكومة في هذه المرحلة التاريخية في حياة لبنان والمنطقة أن تعمل لا أن تستقيل، وكشف أنه تبلغ مؤخرا بأن هناك كميات وافرة من الغاز والنفط تم رصدها في البحر، قبالة بيروت وصولا الى جونية، وفقا لدراسات علمية أعدتها شركة "سكتروم" الانكليزية المتخصصة، ما يتطلب برأيه من الحكومة "المسارعة الى استثمار هذه الثروة الآخذة في الاتساع، وتجنب قتل الوقت الثمين سواء بالتباطؤ في العمل او بالاستقالة".
وكان لافتا للانتباه أنه بالتزامن مع عودة ميقاتي وتزخيم حركة رئيس المجلس، وجهت السفيرة الاميركية مورا كونيللي، وعلى جاري عادتها في كل ازمة، تهديدا صريحا للبنان مما سمته "عواقب جدية"، في حال لم يلب التزاماته تجاه المحكمة الدولية، "بما فيها التمويل".
وتحدثت مصادر واسعة الاطلاع لـ"السفير" "عن تقدم ما" في حركة المشاورات، ولكن من دون ان تدخل في التفاصيل، الا انها اكتفت بالقول ان موعد جلسة مجلس الوزراء المقررة غدا، "ليس موعدا مقدسا"، ملمحة الى إمكان تأجيلها الى موعد آخر، كما ان إدراج بند التمويل في جدول اعمال مجلس الوزراء "ليس امرا مقدسا ايضا".
واستعادت المصادر كيفية ابتداع الرئيس بري مخرجا استثنائيا أدى الى ولادة الحكومة الميقاتية، وقالت "ليس مستبعدا ان يتكرر المخرج الاستثنائي، عبر نقل الملف الى مجلس النواب، من خلال اقتراح قانون نيابي يجيز للحكومة تسديد حصة لبنان في تمويل المحكمة، وذلك على قاعدة انه السبيل الوحيد المتبقي نظرا لانعدام فرصة الوصول الى حل وسط، في مجلس الوزراء، نظرا للغالبية الوزارية المعارضة لتمويل المحكمة، ونظرا لموقف "حزب الله" الرافض بشـــكل قطعي لهذا التمويل".
وقالت اوساط قريبة من ميقاتي لـ"السفير" ان رئيس الحكومة، "لم يقفل الابواب، بل على العكس، هو منفتح على كل الاقتراحات وكل المخارج التي تضمن تمويل المحكمة وتصب في مصلحة استقرار البلد". ومن المقرر ان يحصل تواصل اليوم بين ميقاتي و"حزب الله"، فيما رجحت مصادر مطلعة امكان حصول لقاء اليوم ايضا بين ميقاتي والبطريرك الماروني بشارة الراعي.
وقال وزير الصحة علي حسن خليل لـ"السفير" ان الامور لم تنضج بعد وثمة امور يجب ان تبحث بين الرئيسين بري وميقاتي، لكن الابواب ليست مقفلة ولكل عقدة حل.
وأكدت مصادر قريبة من النائب وليد جنبلاط لـ"السفير" ان موقفه يتلخص بـ"نعم" لتمويل المحكمة، و"نعم" لبقاء الحكومة… "فوضع البلد لا يحتمل، ونحن بغنى عن اية توترات، وهذا ليس وقت المزايدات، ويجب ان نتجنب كل ما من شأنه ان يخل بالاستقرار".
وأكدت مصادر وزارية في "تكتل الاصلاح والتغيير" ان جلسة الاربعاء ستدرج على بساط البحث في اجتماع التكتل اليوم، على ان يتخذ الموقف من المشاركة في جلسات مجلس الوزراء، في ضوء استجابة ميقاتي لما طالب به "التكتل" في اجتماعه الاخير.
واعتبرت المصادر ان مبادرة وزير العمل شربل نحاس الى رفع مجموعة المراسيم المتعلقة بالاجور الى مجلس الوزراء بمثابة اختبار لميقاتي، اذ في ضوء ادراجها في جدول اعمال مجلس الوزراء ستتحدد الخطوات التالية.
وقال نحاس لـ"السفير": كما وعدنا، أنجزنا المهمة المطلوبة منا وقبل آخر الشهر، وبالتالي على الجميع اعتبارا من اليوم ان يتحملوا مسؤولياتهم سريعا، فقد وضعنا اساسا نعتبره مهما لكل شرائح الموظفين والعاملين، وهو بلا ادنى شك اهم بكثير من أي تمويل وأي محكمة، وهذا بالتالي ما يجب ان يعطى الاولوية من قبل الحكومة، وإقراره في اســرع وقت، ومن دون ابطاء.
وعن حجم الزيادات المقترحة، اوحى نحاس بأنها من روحية القرار السابق لمجلس الوزراء. بحيث يرفع الحد الادنى الى 750 الف ليرة، وتعطى زيادات لكافة الموظفين شرط الا تزيد عن 300 الف ليرة. وقال: "كل ما وعد به الموظفون، قد تم إرساؤه في المرسوم، وقد أنجزناه بناء على الاتصالات التي عقدناها مع الهيئات الاقتصادية والعمالية والنقابية. ونستطيع ان نقول انه ينسف ويفكك كل القواعد الخاطئة التي تم تركيزها وعمل بها على مدى السنوات العشرين الاخيرة".
وكان ميقاتي قد التقى أمس في روما البابا بينيديكتوس السادس عشر، وذكر بيان للفاتيكان أن البابا أكد "الحاجة الماسة لأن تلتزم كافة الأطراف بالتعايش السلمي القائم على العدالة والمصالحة واحترام كرامة الإنسان وحقوقهم غير القابلة للمصادرة". وأشار البيان الى أن المحادثات بين البابا وميقاتي هدفت إلى "القاء الضوء على الدور الذي تلعبه (دولة) لبنان في المنطقة وفي العالم بأسره وقدرتها على ان تبعث برسالة حرية وتعايش سلمي بين مختلف المجتمعات المسيحية والمسلمة بالبلاد". 

السابق
النهار : ميقاتي قابل البابا عشية تقرير مصير حكومته
التالي
المستقبل : حزب الله” يتّهم الجامعة العربية بخدمة المشاريع الأميركية