الحكومة لم تعد حاجة للنظام والحزب؟

 تخشى مصادر في الاكثرية الحكومية ان يكون التصعيد في المواقف من افرقاء في الحكومة تجاوز الحلول او المخارج التي كان يتم تداولها لموضوع تمويل المحكمة، كما تخشى ان تكون بعض المواقف المعلنة لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي كما لاطراف في الحكومة اطاحت الحيز المتاح للاتفاق على رغم تجيير الجميع الى رئيس مجلس النواب نبيه بري محاولة ايجاد حل او مخرج ما. فما كان يطرح من احتمال التمويل في مجلس الوزراء بحيث يصوت بعض الوزراء فيما يمتنع وزراء قوى 8 آذار عن التصويت بحيث تساهم غالبية المستقلين مع الوزراء الارمن واصوات اخرى في ترجيح كفة التصويت بالتنسيق بين بري وميقاتي على قاعدة اعطاء سوريا موقعا ايجابيا ازاء الدول العربية والغربية في موضع التمويل قد فقد معناه. ويعود ذلك الى ان تطورات الازمة السورية بعد فرض عقوبات اقتصادية عربية على النظام السوري والاتجاه اوروبيا الى المزيد من العقوبات قد افقد هذه الورقة اي معنى ولا يحتاج اليها النظام بعد الآن وتاليا فإن المخرج المقترح لم يعد محتملا وفق ما تقول هذه المصادر.
وبحسب هذه المصادر فإن عوامل جديدة دخلت على الخط تتصل بالوضع السوري ايضا. اذ تخشى ان تكون المواقف التي اطلقها الرئيس ميقاتي لجهة اعلان التزامه الاجماع العربي ازاء النظام السوري افقدت الحكومة اهميتها بالنسبة الى هذا النظام. اذ ان العقوبات العربية استنفرت القطاع المصرفي في حساباته بغض النظر عن الموقف اللبناني الرسمي المعلن.
وتلتقي مجموعة اراء وزارية من جهات عدة في الحكومة على ان استقالة الرئيس ميقاتي قد باتت الخيار الواقعي في ظل المعطيات التي يتم تداولها. اذ ان تمويل المحكمة سيعني خسارة كبيرة للحزب وحتى لحليفه المسيحي الذي يزايد اكثر في موضوع رفض المحكمة، وادخل نفسه مباشرة على خط الازمة الحالية من خلال مجموعة شروط غير واقعية تماثل الى حد بعيد شرط ما سمي "شهود الزور" لدى تعطيل قوى 8 آذار الحكومة السابقة وهدفها كما تقول مصادر وزارية سعي عون الى وضع يده على الادارة وعلى التعيينات القضائية بغرض اولي هو السعي الى اطلاق العميد فايز كرم. وتاليا فان التمويل وحتى بغض نظر من جانب الحزب لمصلحة تصويت وزراء حلفاء له مع المحكمة حفاظا على الحكومة سيكون خسارة بالنسبة اليه، في حين انه لم يعد في استطاعة ميقاتي التراجع عما اعلنه بعدما تعهد بذلك علنا. مما يعني انه اما يأخذ تمويل المحكمة او يستقيل في صيغة اعتبرها كثيرون الصيغة الانسب والاكثر مكسبا بالنسبة اليه: اي اما التمويل ويكون هو رابحا سياسيا واما يستقيل ويكون رابحا ايضا مما حدا بالتيار العوني الى رفض ان يكون ميقاتي بطلا زاعما انهم "هم الابطال".
ومع ترجيح مصادر وزراية عدة تأجيل جلسة مجلس الوزراء هذا الاسبوع الى الاسبوع المقبل من اجل كسب بعض الوقت لحل الاشكالية الجديدة للحكومة علما ان لا مصلحة لرئيس الحكومة في ان يظهر في موقع التسويف والمماطلة، فإن الآراء تنقسم فعلا بين مصلحة النظام السوري ومصلحة قوى 8 آذار في استمرار هذه الحكومة من عدمه علما ان هناك ازمة ثقة جدية باتت قائمة بين الرئيس ميقاتي من جهة وقوى 8 آذار من جهة اخرى بحسب هذه المصادر. اذ تقول مصادر وزارية ان الحكومة فاشلة ولم تمثل اي نجاح وبات من الصعب ابقائها حية حتى الانتخابات النيابية كما كان مقررا او مرغوبا فيه. في حين ان القرارات الدولية والعربية تتخذ ضد النظام السوري من دون اي قدرة للحكومة في التأثير وتاليا هي ليست بالفائدة المرجوة في حين انه اذا اراد الحزب ان تكون الحكومة اداة لمنع التمويل على المحكمة وعرقلتها ولم يتحقق ذلك فانها ستكون غير ذات فائدة بالنسبة اليه خصوصا ان إبطال المحكمة لم يعد مجديا. يضاف الى ذلك ان الحزب لا يستمد سلطته على الوضع القائم والاجهزة المختلفة من وجوده في الحكومة. والحال قد تصح بالنسبة الى العماد عون الذي بات متقدما في رفض المحكمة على "حزب الله" في موازة سعيه الى الامساك بالادارة من دون نجاح كبير في ظل سعيه الى الاستمرار في ما يسمى الشعبوية السياسية بحيث ان معارضة الحكومة وذهابها الى مرحلة تصريف الاعمال يكسبه اكثر على هذا الصعيد الاخير في مقابل عدم قدرته على تحقيق الانجازات عبر الحكومة. الامر الذي يفيد بأن كلفة بقاء الحكومة قد تكون اصبحت اكبر من ذهابها بالنسبة الى هؤلاء الافرقاء.
اما الرأي الآخر فيقول ان المصلحة تقضي بالابقاء على الحكومة كونها تؤمن شرعية للحزب لن تتوافر في غيابها كما ان النظام السوري قد يحتاجها في مرحلة ما من ازمته وان المصلحة تقضي بالمحافظة على الرئيس ميقاتي لأن لا احد غيره ممكن لهذه المرحلة.
و هذا الاختلاف في تقويم ما حصل واثره على الحكومة داخل الصف الوزاري نفسه يؤدي الى خلاصات مختلفة ايضا بين وزراء يخشون توترا سياسيا كبيرا تبعة لما يجري وبين كلام بات يطاول مرحلة ما بعد الاستشارات بحكومة تصريف اعمال لمدة طويلة مع اعادة تكليف ميقاتي نفسه او تصريف اعمال برئيس حكومة آخر مع كم كبير من الاحتمالات في كل اتجاه.
 

السابق
الخط المعاكس للتغيير
التالي
المواطنة هي الحل