الأخبار : عون : التمويل فدية لإنقاذ لبنان

 قالت "الأخبار" :
تمويل المحكمة، إن كان عدمه سيجلب عقوبات على لبنان، يكون كالفدية التي تُدفع لإنقاذ ابن مختطف. هي باختصار وجهة نظر الجنرال ميشال عون، في ظل استغراب للمهلة التي حدّدها رئيس الحكومة لتسديد المبلغ، رغم أن الأمم المتحدة نفسها لم تحدّد سقفاً لذلك
أقل من 36 ساعة تفصل عن الموعد المرتقب لجلسة مجلس الوزراء المقرر عقدها بعد ظهر غد، وسط ارتفاع مستوى التوقعات التي تشير إلى عدم انعقادها، للإفساح في المجال أمام الاتصالات التي سيجريها الرئيس نبيه بري ابتداءً من اليوم. ومساء أمس، حصل اتصال غير مباشر بين بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي العائد من روما، عبر أحد معاوني رئيس مجلس النواب. وقالت مصادر مقرّبة من بري لـ"الأخبار" إنه فوجئ بالمهلة الزمنية التي حددها ميقاتي لبتّ تمويل المحكمة، وخاصة أن خطة رئيس المجلس لمعالجة القضية الخلافية كانت تقضي بطرحها في مجلس الوزراء ثم إحالتها على مجلس النواب، على أن يتزامن بحثها في المجلس مع استحقاق تجديد بروتوكولات عمل المحكمة في آذار المقبل. وحينذاك، كان سيُطرَح ملف المحكمة من كافة جوانبه. وتؤكد مصادر ثنائي حركة أمل ــــ حزب الله أن تحرك بري الحالي يهدف إلى التوصل إلى صيغة تحافظ على حكومة ميقاتي الذي عاد أمس من روما، من دون أن يعني ذلك أن حزب الله سيتراجع عن موقفه المعروف، ومفاده أن "لا تمويل للمحكمة في مجلس الوزراء".
من ناحية التيار الوطني الحر، ينتظر النائب ميشال عون تبلور الصورة على نحو أوضح، علماً بأن التواصل بين الوزير جبران باسيل والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله حسين الخليل قائم وبوتيرة مرتفعة، فيما التواصل بين حزب الله وميقاتي مقطوع منذ ما قبل تهديد رئيس الحكومة بالاستقالة. ويوم أمس، برز موقف وزير السياحة فادي عبود الذي أعلن الاستعداد لتمويل المحكمة، بالتشاور مع الحلفاء، إذا كان التمويل بمثابة فدية تُدفَع لتجنيب لبنان أي عقوبات محتملة. وأكد عبود لـ"الأخبار" أن المشكلة الكبرى لتكتل التغيير والإصلاح في الحكومة ليست قضية تمويل المحكمة، بقدر ما هي مشكلة تعطيل العمل الحكومي. "فما نطلبه، كوزراء تكتل، من مجلس الوزراء، بحاجة إلى أكثر من 10 أضعاف ما يحتاج إليه زملاؤنا، حتى حلفاؤنا منهم". وقال أحد وزراء التكتل إن تصريح عبود أمس مبني على ما كان قد ذكره النائب ميشال عون في اجتماع وزراء التكتل قبل أيام، عندما شبّه تمويل المحكمة بالفدية التي يدفعها شخص ما لقاء إطلاق سراح ابنه المخطوف. وشرح عون وجهة نظره بالقول إن والد المخطوف لا يكون موافقاً على الخطف ويعتبره غير شرعي، لكنه سيدفع الفدية لإنقاذ ابنه. إلا أن مصادر التيار ترى أن ما قاله عون لا يعني التصويت لصالح تمويل المحكمة، "إذ إن موقفنا منها، لناحية مخالفتها للدستور اللبناني، أكثر تشدداً من موقف حزب الله".
ولفتت مصادر في التيار الوطني الحر إلى أن التكتل لا يزال مصرّاً على عدم المشاركة في جلسة مجلس الوزراء المقررة يوم غد الأربعاء، إلا إذا أدرِج بند تصحيح الأجور على رأس جدول الأعمال، علماً بأن وزير العمل شربل نحاس أرسل أمس إلى رئاسة مجلس الوزراء مجموعة مشاريع مراسيم متعلقة بتصحيح الأجور، طالباً إدراجها على جدول جلسة يوم غد. ويبدي سياسيّو فريق 8 آذار ارتياحهم إلى إمكان تأجيل جلسة الأربعاء من خلال تطيير النصاب، ما يمثّل فرصة إضافية للحوار.
وتوقف عدد من سياسيي 8 آذار والتيار الوطني الحر أمس عند بند تمويل المحكمة المدرج على جدول الاعمال، وخاصة لناحية كونه مبنياً على رسالة موجهة إلى ميقاتي من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. فهذه الرسالة لا تحدد سقفاً زمنياً لدفع حصة لبنان من تمويل المحكمة. ورغم ذلك، فإن ميقاتي، على حدّ قول السياسيين أنفسهم، ألزم نفسه والحكومة بمهلة تنتهي منتصف الشهر المقبل، بناءً على كلام رئيس قلم المحكمة الدولية. ورأى غير سياسي من التيار الوطني الحر ومن ثنائي حزب الله ــــ حركة أمل أن الوقت لا يزال متاحاً للتوصل إلى تسوية، من دون أن يعني ذلك أن شروط التسوية قد نضجت.
وجدد رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط أمس نصيحته "إلى كل المعنيين بأن إمرار تمويل المحكمة الدولية فيه مصلحة وطنية لبنانية عليا، وبحصوله نتلافى السقوط في عقوبات اقتصادية أو تشنجات داخلية. فما دام مسار المحكمة الدولية مستمراً، فقد يكون من باب أولى سلوك طريق التمويل للحدّ من الاحتقان الداخلي. وأجدد أيضاً الدعوة للذهاب إلى المحكمة مباشرة للدفاع في وجه اتهامات قد يراها البعض ظالمة أو مغرضة".
وكان الرئيس ميقاتي قد التقى أمس البابا بينيديكتوس السادس عشر في الفاتيكان، مسلّماً إياه دعوة من رئيس الجمهورية لزيارة لبنان. ووعد البابا بتلبية الدعوة في خريف عام 2012. كذلك استقبل ميقاتي في مقر إقامته في روما وزير خارجية إيطاليا غروليو تيرزي دي سانتاغوتا. وبحسب بيان المكتب الإعلامي لميقاتي، أثنى الوزير الإيطالي "على موقف رئيس الحكومة اللبنانية من القرار الدولي الرقم 1701 والتزامات لبنان الدولية".
وفي بيروت، توقع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أن تسقط حكومة ميقاتي قبل نهاية العام الجاري، لأن "الانقلاب الذي أطاح حكومة الرئيس سعد الحريري، سيطيح نفسَه بنفسه، وسيعود الحق إلى أصحابه بنحو مباشر أو غير مباشر".
إلى ذلك، عبّر رئيس المحكمة الدولية القاضي دايفد باراغواناث، في بيان، عن اقتناعه "بأنّ قدرة الأوساط القانونية والأكاديمية في لبنان ستتيح للقضاء الفرصة لإحراز إنجازات جديدة. وأمّا الدعم الذي نتلقّاه، فسيساعد المحكمة الخاصة بلبنان على المساهمة في ضمان الاستقرار الذي يتوق إليه الجميع، باستثناء القتلة". 

السابق
الشرق: جوبيه: عبر “الشرق” الى اللبنانيين: لا تنقلوا الواقع السوري الى بلدكم
التالي
الجمهورية : خشية أميركية على لبنان اذا لم يطبّق التزاماته