المصالحة الهادئة

قد أكون من القلة الذين رأوا في أن نتائج لقاء المصالحة في القاهرة كانت ايجابية من منطلق انها لم تحرق المراحل بل اعلنت تهدئة داخلية لانجاز بنود المصالحة على نار هادئة دون انفعالات وتجاذبات واستدراكات ودون «القفز من قاع القفة الى أذنيها» كما يقال بالعامية. فانجاز المصالحة ككتلة واحدة في آن مهمة مستحيلة تحتاج الى وقت طويل ومماحكات لا تنتهي.. فالأصل التوافق سياسياً ثم حكومياً ثم انتخابياً فتصبح القضايا الاخرى أقل حدة وأقل إثارة للخلاف او الجدل، وقد تعلمنا من تجارب التوافقات والاتفاقات السابقة ان سلق القضايا لا ينضجها ربما يحرقها او يبقيها «نيئة» وعليه علينا التحلي بالصبر والانكباب على العمل لتحقيق الأهداف دون تنازعات اعلامية ودون اجتهادات فردية.. ولسنا ممن ذهبوا الى القول ان الشراكة التي اعلن عنها هي مجرد تقاسم وظيفي بين فتح وحماس اي بقاء الانقسام على حاله بين شطري الوطن، فلا أحد منا يريد لهذا الانقسام ان يتكرس على الشكل لأن ثمة مواعيد واستحقاقات انتخابية في الطريق لا يمكن القفز عليها من أحد.

فالجدية في المصالحة في تلبية شروطها وهي البرنامج السياسي الواحد والانتخابات الموحدة وبسط السلطة على كافة انحاء الوطن. وبالطبع لا بد من وجود تباينات حول بعض القضايا لكن الاصرار على حلها يجب ان يكون قويا لأننا لو فشلنا في هذه المرحلة فلن تتاح لنا فرصة اخرى وستذهب ريحنا وتتبدد احلامنا ونصبح ضحايا للوضع المحيط بنا كأننا كلنا عبارة عن انظمة مستبدة لا تريد التنازل عن جنة الانقسام لصالح جحيم الوحدة بينما العكس هو الصحيح لأننها لن نخسر شيئا فيما لو ضحينا من أجل انهاء جحيم الانقسام للوصول بشعبنا الى جنة الوحدة وهي وحدها الكفيلة بحماية مشروعنا الوطني التحرري وصون قضيتنا المركزية والصمود في وجه محاولات تصفية القضية وشعبها.  

السابق
إلى ثوّار العرب: كلّ أرض كربلاء
التالي
اللواء: الشمال في مهرجان المستقبل والحريري يتحدث عن خارطة طريق للأيام المقبلة