اللواء: الشمال في مهرجان المستقبل والحريري يتحدث عن خارطة طريق للأيام المقبلة

تجاوز لبنان قطوع مهرجان 27 تشرين الثاني في طرابلس الذي عرف حشداً ضخماً، ناهز حسب بعض الأوساط التي شاركت في المهرجان المائة ألف، في حين أخفقت الطبقة السياسية المشكّلة للائتلاف الحكومي في التماس مخرج يمنع – في أقل ما يمكن – تصديع مبكر لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي الذي نجا سياسياً من حملات خطباء التجمّع الشمالي الكبير، ولم يوفّره التكتل العوني، بل أنذره بمهلة زمنية تنتهي الأربعاء التي هي الجلسة المفصل في مسيرة الوزارة الميقاتية، ليس بسبب الإنذار العوني فحسب، وإنما أيضاً على خلفية تعثّر المخرج <لمأزق تمويل أو إستقالة>، في غمرة انزلاق الأزمة السورية الى نقطة من الصعب معها العودة الى الوراء، بعدما أقرّ المجلس الوزاري العربي عقوبات اقتصادية رأت فيها دمشق طريقاً الى التدويل، وعارضها لبنان، من دون الالتزام بما سبق وأعلنه الرئيس ميقاتي في حواره المتلفز الخميس الماضي من أن الموقف سيكون النأي لا الانحياز·
وقبل أن يعود رئيس الحكومة من الفاتيكان، حيث يقابل قبل ظهر اليوم، البابا بنيديكتوس السادس عشر، عاجله وزير السياحة فادي عبود بإنذار مستغرب، إذ قال لمحطة O.T.V ليلاً: <أمام رئيس الحكومة ثلاثة أيام ليغيّر سلوكه تجاه وزارات التيار الوطني الحر>، متسائلاً:

<لماذا لم يتم التعيين في التشكيلات القضائية أو الجمارك؟>، متهماً <كيدية مهذبة ومبطنة تمارس على التيار ومطالب تكتل التغيير والاصلاح لا تمر في مجلس الوزراء كما يحصل مع سواهم>·

ومع أن جدول الأعمال الذي وزّع أمس ويتضمن 68 بنداً بينها بند تمويل المحكمة الذي احتل البند 49 الذي يرفض وزراء التكتل العوني وحزب الله إدراجه كبند مستقل، بل ضمن بنود الموازنة لعام 2012، فإن الانذار العوني لم يحدد ما يتوجب على رئيس الحكومة عمله في مهلة الانذار التي تستهدف في جانب منها رئيس الجمهورية الذي يختلف مع التيار العوني حول من له الحق في التعيينات في المناصب المسيحية، حيث يعتبر التيار أن له الحق في الحصول على معظم هذه التعيينات باعتباره يمثل الاكثرية المسيحية في المجلس·

إنهيار الوساطات على أي حال، وبينما تروّج أوساط الرئيس نبيه بري اطمئنانه إلى نجاح الاتصالات التي أجراها في إعادة الأوضاع بين قوى الأكثرية إلى مجاريها وسلوكها السكة الصحيحة، كشفت مصادر واسعة الاطلاع لـ <اللواء> أن الجهود التي قادها الرئيس ميشال سليمان، ومنذ أن انهارت جلسة مجلس الوزراء يوم الجمعة الماضي، التي كانت مقررة في قصر بعبدا، بقيت تدور على نفسها، ولم تسفر عن نتائج ملموسة حتى ليل أمس·

وكشفت هذه المصادر أنه غداة انفضاض الجلسة اختلى الرئيس سليمان بوزير الصحة علي حسن خليل، وطلب إليه نقل اقتراح إلى الرئيس بري يتضمن:

1- عقد جلسة لمجلس الوزراء الأربعاء أو في وقت يتفق عليه لا يحضرها وزراء حزب الله·

2- يصار في الجلسة إلى طرح بند التمويل وإقراره من دون إحداث خضة لجهة إحراج أي طرف·

3- تكون الحكومة بإقرار بند التمويل قد أكدت التزام لبنان بالمحكمة وبالقرارات الدولية·

ويتضمن الاقتراح، وفقاً للأوساط عينها، أن ينقل الرئيس بري الاقتراح المذكور إلى قيادة <حزب الله>· وفي معلومات <اللواء> أن الحزب رفض هذا الاقتراح بقوة، وأبلغ الرئيس بري رفض أي احتمال للسير به، وأن الحزب سيحضر كل الجلسات التي يعقدها مجلس الوزراء·

وفي المعلومات أيضاً من مصادر قريبة من الأكثرية الحالية أن الحزب استنفر حلفاءه، وأجرى ما يلزم من الاتصالات لإنهاء

المواقف المترددة إزاء رفض تمويل المحكمة، فأكد الوزير مروان خير الدين انه لا يؤيد تمويل المحكمة، وسيصوت ضد التمويل، كما أبلغ وزيرا حزب <الطاشناق> الجهات المعنية، أن قيادة الحزب ستصوت ضد التمويل·
 وأشارت المعلومات التي استقتها اللــواء من مصادر متطابقة إلى أن قيادة <حزب الله> أبدت استياء بالغاً من موقف ميقاتي، وتحدثت انه عندما فوتح برئاسة الحكومة قال انه لن يمشي بتمويل المحكمة، فلماذا يتراجع الآن؟·

أوساط ميقاتي في المقابل، ردّت أوساط الرئيس ميقاتي على ما رشح من معلومات أجواء <حزب الله> خلال المفاوضات، بالتأكيد أن الرئيس ميقاتي لم يتعهد بعدم تمويل المحكمة، لكنه تعهد فقط بحماية المقاومة·

وتعتقد هذه الأوساط أن ما يطرحه تكتل عون من شروط للعودة إلى الحكومة، هو مجرّد عناوين لا تتضمن حلولاً، سواء في ما يتعلق بالاجور أو بالتعيينات أو الموازنة، مشيرة الى أن المأزق الذي انحشر فيه الجميع لا يكون بالتكتيك بل بقرارات استراتيجية، مع التسليم بصعوبة هذه القرارات·

ولفتت إلى أن التكتل بخلاف المعلومات التي يشيعها لا يتفق اعضاؤه كلهم سوى على الأولويات التي طرحها في اجتماعه أمس الأوّل برئاسة النائب ميشال عون في الرابية، وأن وزيري تيّار <المردة> ابلغاه أن الكتلة ترفض تمويل المحكمة لكنها ليست مع استقالة الحكومة، كما أن حزب <الطاشناق> لم يتخذ قراره بعد برفض التمويل·

وقالت أن الرئيس ميقاتي قبل بإعطاء فرصة أسبوع إضافي لتمويل المحكمة، والا فان استقالته الخطية جاهزة·

ويفترض أن يحسم التكتل قراره في شأن مشاركته في جلسة الأربعاء في اجتماع يعقده غداً، فيما تعقد جبهة النضال الوطني اجتماعاً اليوم مع عودة النائب وليد جنبلاط إلى بيروت، علماً أن قرارها بتأييد التمويل متخذ وكذلك وقوفها إلى جانب ميقاتي·

برّي وكان الرئيس برّي قد أعلن، خلال رعايته المؤتمر البلدي الأوّل الذي نظمه مكتب الشؤون البلدية المركزي في حركة <امل> أمس الأوّل في قصر الأونيسكو، أن الحل ليس باستقالة الحكومة بل بإيجاد حل، مشيراً إلى أن الحرص على لبنان يكون بالتفاهم بين اللبنانيين، وفي استمرار البحث عن الحل، وفي الحوار الوطني·

ورأى أن استقرار الوطن مسؤولية الجميع، وليس مسؤولية الحكومة من دون معارضيها، مشدداً على أن أحداً لا يمكنه أن ينفرد بالسلطة، أو أن يملك حق <الفيتو> على القرارات الوطنية، في إشارة إلى معارضته للقرار الذي اتخذه وزراء عون بمقاطعة جلسات مجلس الوزراء

· مهرجان طرابلس وسط هذه الأجواء، حافظ خطباء مهرجان طرابلس الخمسة الذي نظمه تيّار <المستقبل> بذكرى الاستقلال على السقف المرتفع لبعض قوى 14 آذار مما يجري في سوريا، وازاء سلاح <حزب الله> وحكومة ميقاتي التي قال عنها النائب مروان حمادة، انه لن يترحم عليها، بعدما باتت ساقطة ومتهاوية، مستعيداً عبارة قالها الشهيد كمال جنبلاط للرئيس السوري الراحل حافظ الاسد: <ارفض ادخال لبنان في السجن العربي الكبير>، فخاطب الرؤساء الثلاثة سليمان وبري وميقاتي قائلاً: <لا تدخلوا لبنان في السجن الكبير لحظة خروج الشعوب العربية منه>· وأتوجه إلى <أخي الرئيس ميقاتي> قائلاً: لن يكون الغد يوماً عادياً>، داعياً الى ان يكون هذا المهرجان فجر الاستقلال الثالث من الهيمنة·

وتحدث في المهرجان، الى جانب حمادة النواب: محمد كبارة وسمير الجسر وبطرس حرب، فيما ألقى الرئيس فؤاد السنيورة كلمة الرئيس سعد الحريري، الذي لم يحضر الاحتفال، كما لم تكن كلمة متلفزة، خلافا لما كان يتوقع، فأعلن بأن لبنان الذي عرفناه وضحينا من اجله مهدد بألا يبقى كما كان، بفعل عقول مغامرة وعقول مريضة>، مؤكدا ان تمسكنا بالمحكمة الدولية الخاصة بلبنان لم يكن يوما من اجل الانتقام والتنكيل، بل من اجل حماية لبنان المستباحة ساحته عبر الاستهداف الدائم والاغتيال المتكرر لقادته·

وتوجه الرئيس السنيورة الى الرئيس ميقاتي بسؤال: <ألستم مع ما يريده شعب طرابلس وابناء الشمال؟ ألستم مع الثوابت الوطنية والاسلامية؟>، مؤكداً ان تمويل المحكمة ليس منّة من أحد، انها حق وواجب لأن الشعب يريد المحكمة، اراد البعض ام لم يرد، فالشعب يريد المحكمة ويريد العدالة، وهو يسأل لماذا حماية المتهمين باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري؟ الشعب يريد تسليم المتهمين والشعب يريد نصرة المظلومين·

ودعا الى التمسك باتفاق الطائف والعيش الاسلامي المسيحي القائم على المناصفة، والديموقراطية، وتداول السلطة ونبذ العنف·

الحريري وعلمنا ان الرئيس الحريري، اتصل بعد انتهاء المهرجان، بكل من الرئيس السنيورة والخطباء وهنأهم على كلماتهم، كما اتصل بالامين العام لتيار <المستقبل> احمد الحريري وهنأه على التنظيم ونجاح المهرجان، ثم توجه عبر بيان وزعه مكتبه الاعلامي في بيروت بتحية إكبار وتقدير للجموع الشعبية التي لبت دعوة تيار <المستقبل> للمشاركة في المهرجان تحت عنوان: <خريف السلاح·· ربيع الاستقلال>·

وأوضح الحريري في دردشة عبر موقع <تويتر> انه لم يرغب بالكلام مع المواطنين عبر شاشة، مفضلاً ان يكون الكلام مباشرة، وهذا ما سيتحقق قريبا بإذن الله في لبنان، ومن طرابلس مرة اخرى··· موضحا ان عودته غير مرتبطة بسقوط النظام السوري، مشيرا الى ان الخطوة المقبلة بعد مهرجان طرابلس <ليست للنشر>، معتبرا ان المهرجان كان خريطة طريق للأيام المقبلة·

واعرب الحريري عن افتخاره انه بينما كانت الجماهير تؤكد وقوفها مع الشعب السوري كانت الجامعة العربية تعلن عن قرارها التاريخي بالعقوبات ضد النظام السوري، لافتا الى ان هذه العقوبات موجهة ضد النظام وليست ضد الشعب السوري، الذي يستحق الحماية والعرب يتحملون مسؤولياتهم التاريخية تجاهه·

وقال انه لو كان رئيساً للحكومة لكان قد طلب من حكومته التصويت على العقوبات ضد النظام السوري او استقلت، مؤكدا ان لا حرب قريبة جديدة في الشرق الاوسط·· واعتبر ان رسالتنا من مهرجان طرابلس هي اننا لا نريد دمى النظام السوري في لبنان بعد اليوم، وان الرئيس ميقاتي يعرف انه خسر الساحة الطرابلسية· 

السابق
المصالحة الهادئة
التالي
الوضع اللبناني في خطر··· ولكن؟