الراي: عرض قوة شعبي لـتيار الحريري في الشمال: نعم مدوّية للثورة السورية ولا لسلاح حزب الله

«نعم» مدويّة للثورة السورية و«لا» مدويّة لسلاح «حزب الله» أطلقها عشرات الآلاف امس من طرابلس التي ارتسمت فيها مشهديّة وجّهت رسائل بالغة الحساسية تجاه الداخل اللبناني ونظام الرئيس بشار الاسد وأرست معالم مرحلة سياسية جديدة في بيروت تحت عناوين «جدْولتها» قوى 14 آذار في مهرجان «خريف السلاح ربيع الاستقلال».

في 18 مارس الماضي، وبعد نحو شهرين على إسقاط حكومته وتكليف ابن طرابلس نجيب ميقاتي تشكيل حكومة جديدة بقوة ما أسمته 14 آذار «وهج السلاح» (سلاح «حزب الله»)، قصد الرئيس السابق للحكومة زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري عاصمة الشمال لشكر أبنائها على مشاركتهم في إحياء ذكرى «انتفاضة الاستقلال» (قبل ايام قليلة) وليعلن رفض «وصاية السلاح» و«غلَبته» قبل ان «يغلب» الحدَث السوري كل العناوين.
وفي 27 نوفمبر، «عاد» الحريري الى طرابلس من دون ان «يظهر» على «بحر» الناس، بل ليخاطبهم من خلال رئيس كتلة «المستقبل» فؤاد السنيورة الذي اختتم المهرجان الذي أطلق في لحظة اشتداد الخناق العربي والدولي على النظام السوري معركة «إسقاط السلاح» وحكومة ميقاتي «حكومة حزب الله والنظام السوري».

بين الامس واليوم لم يتبدّل المشهد في طرابلس التي كررت «مبايعة» الحريري زعيماً أظهر المهرجان الذي اقيم في ذكرى الاستقلال ان خروجه من السلطة لم يُفقده شعبيّته في واحدة من أبرز «قلاع» تيار «المستقبل» الذي نجح مع 14 آذار في استعادة المبادرة بعد مرحلة من «الانكفاء» تحت وطأة شعار «لا صوت يعلو فوق صوت الثورة في سورية».
… اذا كان عنوان «الاستبداد» في سورية هو النظام، فان عنوانه في لبنان هو سلاح «حزب الله». هذه المعادلة هي الاولى من نوعها التي يتم تظهيرها بهذا الوضوح في طرابلس التي قدّمت امس اوسع مشهد تضامن مع الثورة السورية منذ انطلاقها ورفعت اعلى صوت ضدّ «السلاح غير الشرعي» الذي عادت 14 آذار لتضعه على الطاولة بقوة مع اهتزاز نظام الاسد وترنُّح حكومة ميقاتي الواقعة بين احتمال إسقاطها من رئيسها شخصيا باستقالته او من حلفائه بـ «قطع ورقة» له وتكرار السيناريو الذي اعتُمد للإطاحة بحكومة الحريري في يناير الماضي.
 
على بُعد أمتار من منزل ميقاتي، تجمّعت الحشود الضخمة في معرض رشيد كرامي الدولي، فبدا رئيس الحكومة الذي كان يتهيأ للقاء البابا بينيديكتوس السادس عشر في الفاتيكان «في العراء» ضمن «بيئته» بعدما وجّه له «أبناء جلدته» اقوى رسالة بان حتى استقالته (تحت عنوان التمسك بتمويل المحكمة) لن تمحو ما يعتبره الطرابلسيون من مناصري الحريري «خيانة».
في عاصمة الشمال، التي لا تبعد اكثر من 40 كيلومتراً عن الحدود السورية، اعلن «المستقبل» و 14 آذار ان «ربيع العرب بدأ من بيروت وان ربيع بيروت يعود من طرابلس» التي اكدت «استحالة التعايش بين الدولة والسلاح» وان الوقت حان لتسقط الحكومة «صنيعة النظام السوري وحزب الله» و«ليسقط السلاح غير الشرعي» «السلاح المجرم المتهَم باغتيال الشهداء» والذي يُعتبر من «ادوات المحتل الاسدي»، كما وصفه النائب محمد كبارة خلال الاحتفال، و«ركيزة نفوذ» النظام السوري «الذي فقد شرعيته العربية والدولية والداخلية» كما عبّر منسق الامانة العامة لقوى 14 آذار فارس سعيْد على هامش المهرجان.

… «نحن هنا» قالها الحريري، وإن عن بُعد، في «الاستفتاء» الذي أثبت فيه «المستقبل» انه الأقوى في الساحة السنية والذي عادت فيه 14 آذار الى شارعها لتؤكد ثوابتها بالتمسك بالمحكمة الدولية وتستبق اي مخارج لمأزق التمويل مشددة على ان المحك الفعلي لاحترام المحكمة يكون بتسليم المتَهمين الاربعة من «حزب الله» باغتيال الرئيس رفيق الحريري، فتشكّل بذلك قوة ضغط اضافية على ميقاتي الواقع «بين ناريْ»، الحلفاء والخصوم، والموضوع تحت معاينة دولية لصيقة على خلفية التصاق حكومته بالنظام السوري.
لم يكن عادياً مشهد اعلام المعارضة السورية ترتفع في مهرجان «المستقبل» جنباً الى جنب مع اعلام لبنان و«المستقبل» وتركيا والسعودية، ومع لافتات التنديد بالرئيس السوري وبينها «بشار الاسد القذافي بانتظارك»، والترحيب بمواقف قطر من الثورة السورية وبينها «شكراً قطر».

ولا كان عادياً سقف الكلمات التي أُلقيت بدءاً من النائب كبارة، ثم النائب سمير الجسر فالنائب مروان حماده ثم النائب بطرس حرب قبل ان يطلّ السنيورة متحدثاً باسم الحريري معلناً «ان الشعب السوري هو الذي يصنع التغيير في سورية، ونقول له قلوبنا معكم نحن ابناء الحرية في لبنان، ننتظركم نراقبكم وأنتم تعبرون جسر صنع التاريخ المجيد».

اضاف: «لبنان مهدّد بأن لا يبقى كما كان بفعل عقول مغامرة وأحلام مريضة، من هنا تمسكنا بالمحكمة الدولية الذي لم يكن من اجل الإنتقام والتنكيل بل من اجل حماية لبنان المستباحة ساحته عبر الإستهداف الدائم والإغتيال المتكرر لقادته، والخيار واضح وصريح بين من يقف مع الشهداء وحق الأبرياء والمظلومين ومن يقف مع المجرمين وحماية الإرهابيين. اليوم وقد تغير الزمن، وانتقل من زمن الحاكم يريد إلى زمن الشعب يريد أن يعرف الحقيقة كل الحقيقة، والشعب يريد ان يحاكم القتلة والعدالة لشهدائنا، فنتوجه إلى (رئيس الحكومة نجيب) ميقاتي: نفذوا ما يريد هذا الشعب الأبي. المحكمة الدولية والتعاون معها والتمويل لها ليس منة من أحد، إنه حق وواجب لأن الشعب يريد المحكمة أراد البعض ام لم يرد، والشعب يسأل لماذا حماية المتهمين باغتيال رفيق الحريري، فالشعب يريد تسليم المتهمين ونصرة المظلومين».

وأكد «التمسك بعودة الدولة القادرة والعادلة دولة القانون حيث لا دويلات تنازع الدولة في سلطتها، وحيث لا يكون هناك سلاح غير سلاح الدولة من خلال اجهزتها ومؤسساتها العسكرية والامنية».
وكان النائب حماده اعلن «لن اترحم على حكومة حزب الله المتهاوية، ولن أشفع للنظام الاسدي، بل جئت من الجبل الشوفي لأقول للذي نال اصواته من معظم هذا الجمهور (ميقاتي): لا تترك القتلة دون عقاب، ولا تترك العدالة تنهزم».
وتوجّه إلى رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس مجلس النواب نبيه بري وميقاتي بالقول: «لا تُدخلوا لبنان بالسجن الكبير في الوقت الذي تخرج الدول العربية منه، وهذا النداء أرفع من هذا أن نوجّهه لحزب الله الذي هو حزب السلاح وحزب الهيمنة، ولا للتيار العوني الذي هو تيار الكيدية والفساد الكهربائي والشتائم البرتقالية»، مضيفاً: «لا لسلاح مهيمن ولا لإصلاح مزيف، انها لحظة التقاط الانفاس واستعادة المبادرة واسقاط الحكومة». 

السابق
الانباء: الحريري غاب شخصياً وحضر جماهيرياً في مهرجان خريف السلاح وربيع الاستقلال
التالي
إلى ثوّار العرب: كلّ أرض كربلاء