البناء: حصار عربيٌ ـ غربي ضد الشعب السوري

انكشف أمس فريق النائب سعد الحريري وأعوانه في مهرجان طرابلس، إذ تمخض الجبل فولد فأراً، وتحول المهرجان الذي لوّحوا وهددوا به إلى احتفال متواضع لم تمتلئ به الساحات وغابت عنه مدينة طرابلس وذكرى الاستقلال، وكان المشاركون مجموعات متفرقة أغلبهم من عكار وبعض القرى الشمالية.
واللافت أيضاً، هو أن ما روّجته أوساط تيار "المستقبل" قد تبخّر، فلم يحضر سعد الحريري لا شخصياً ولا عبر الشاشة أو "التويتر"، بل اكتفى مساءً ببيان مقتضب عبر البحار شاكراً وحامداً.

أما الرئيس فؤاد السنيورة، فقد تولى في غيابه قيادة السفينة والخطاب السياسي، فكان كلامه كلاماً مكرراً لم يحمل أي جديد، لا في الشكل ولا في المضمون، فتولى مروان حماده الخطاب التصعيدي المعتاد طالما أنه "لا يدفع من كيسه".
أما أحد أعضاء تيار "المستقبل" النائب محمد كبارة فقد ألقى كلمة تضمنت مضمون الخطاب الحقيقي لهذا التيار، مطيحاً الاستقلال وركائزه عندما دعا إلى إسقاط الثالوث المقدس الشعب والجيش والمقاومة. بمعنى آخر أعلن كبارة صراحة العزم على إسقاط الجيش في يوم الاستقلال وعلى إلغاء الشعب في يوم الاستقلال وشطب المقاومة في يوم الاستقلال، فتحوّل عنوان المهرجان حقيقة إلى "خريف الاستقلال" وسقطت كل الشعارات الأخرى.

مرّ يوم أمس في طرابلس مروراً عادياً، فمن قصدها للمشاركة في المهرجان عاد إلى قريته وبلدته، أما المدينة فقد بقيت شاهداً على هذا التخبط للحريري وفريقه وعلى الفشل الذريع الذي وصل إليه والذي لا تنفع معه التهديدات المتنقلة والبطولات الدونكيشوتية.
ويبقى أن جل ما فعله فريق الحريري الـ"14 آذاري" من طرابلس أمس، هو أنه تعمّد ومن طرابلس تحديداً تأجيج التوتير الداخلي وفضح تورطه في أحداث سورية. الوضع الحكومي
أما في المقلب الآخر، فقد نجحت المساعي التي قادها الرئيس نبيه بري منذ يوم الجمعة الماضي في لجم التوتر الذي أصاب الحكومة. وأكدت مصادر مطلعة لـ"البناء" أن هذه المساعي والاتصالات التي شارك فيها حزب الله، قد توصلت إلى نتائج إيجابية وهدأت الأمور خصوصاً في ضوء الخلاف الذي نشب بقوة بين العماد عون والرئيس ميقاتي.
وأضافت المعلومات ان الاتصالات ستستمر للانتقال إلى مرحلة أخرى من أجل انصراف الحكومة الى معالجة القضايا والمشاريع الحيوية واستكمال الإنجازات.

أما في خصوص موضوع تمويل المحكمة، فإنه يبقى موضع أخذ ورد بعيداً من التشنجات والتجاذبات.
وتقول مصادر سياسية عليمة إنه رغم وجود الرئيس ميقاتي خارج البلاد فإن اتصالات حثيثة تجري على مستويات مختلفة استباقاً لجلسة مجلس الوزراء يوم الأربعاء المقبل التي ستبحث في ملف تمويل المحكمة الدولية وأيضاً في معالجة ملاحظات وزراء تكتل التغيير والإصلاح على أداء الحكومة وعملها.
وتوضح المصادر أن هناك أفكاراً يجري تداولها للوصول إلى حلول تعيد إطلاق العجلة الحكومية، وإن كانت قد أشارت إلى أن موضوع التمويل يشكل مشكلة جدية نظراً الى صعوبة الوصول إلى تفاهم ينهي التباين القائم داخل الحكومة حول هذا الموضوع.
وأشارت أوساط قريبة من الرئيس ميقاتي الى أن الأخير لديه الرغبة في الوصول إلى حلحلة لملف تمويل المحكمة، وإذا ما وجد أفكاراً واقتراحات قد تساهم في إيجاد المخارج للتمويل فإنه لن يمانع في إعطاء المزيد من الوقت للوصول إلى هذه المخارج.
وحول موقف وزراء تكتل التغيير والإصلاح الأخير، قالت المصادر إنه ما من سبب لمقاطعة جلسة مجلس الوزراء، وبالتالي يبدو أن أولويات ونظرة تكتل التغيير والإصلاح هي غير التي لدى رئيس الحكومة.

القرار العربي الجائر
أما على صعيد التطورات المتعلقة بالوضع السوري، فقد كشفت نتائج الاجتماع الوزاري العربي في القاهرة أمس تصميم بعض القابضين على الجامعة المضي في حملة استهداف سورية من جهة، وسعيهم الحثيث الى فرض حصار عربي ودولي على الشعب السوري من جهة أخرى.
فالإجراءات التي وافق عليها هؤلاء، واجهت تحفظاً عراقياً ورفضاً لترجمة هذه الإجراءات. كما أن لبنان الذي نأى بنفسه عن القرارات لن يترجمها أيضاً. هذا عدا عن أن الأردن التي وافقت عليها ليست في موقع تنفيذ مثل هذه الإجراءات وتحمل نتائجها، وبالتالي فإن موافقتها هي موافقة سياسية لا عملية.

من هنا، فإن هذه الإجراءات لن تنال من صمود سورية وموقفها في مواجهة ما تتعرض له، لا بل إنها ستزيد من حراجة هؤلاء الذين يخضعون للتعليمات العليا من واشنطن وغيرها، مع العلم أن الأمين العام للجامعة نبيل العربي قد أشار إلى مراجعة هذه القرارات إذا ما وقّعت دمشق على البروتوكول في إشارة الى أمرين:

أولاً: عكس مشهد الإرباك الذي ساد في اجتماع وزراء الخارجية العرب من جهة، وثانياً: إبقاء الأمور مفتوحة على التفاوض.
عقوبات اقتصادية وتجارية
وكان وزراء الخارجية العرب قد قرروا فرض عقوبات اقتصادية ومالية وتجارية على سورية تشمل وقف التعامل مع البنك المركزي السوري، وقف المشاريع التجارية مع الحكومة السورية، منع سفر كبار المسؤولين السوريين إلى الدول العربية وتجميد أرصدتهم في هذه الدول.
وفي مؤتمر صحافي في عقب الاجتماع أعلن العربي أنه "إذا وقّعت سورية بروتوكول المراقبين سيعاد النظر في هذه العقوبات وسيعرض الأمر على وزراء الخارجية العرب قبل اتخاذ أي قرار".  

السابق
…فلنوحد الحزن
التالي
تراجع في الشراء