حكومة ميقاتي تسعد لتصريف الاعمال إلاّ إذا..!

بعد 304 أيّام على تسمية نجيب ميقاتي رئيسا للحكومة في 25 كانون الثاني الماضي وتكليفه تشكيلها، وبعد 164 يوما من الإعلان عنها في 14 حزيران الماضي وبدء ممارستها لمهامها الحكومية، وبعد أقلّ من 24 ساعة على مواقف ميقاتي تصدّعت الحكومة من الداخل، حيث سارع وزراء "تكتل التغيير والإصلاح" إلى اتخاذ خطوة هي الأولى من نوعها في عهد حكومة ميقاتي الذي أعلن عزمه على الاستقالة في حال عدم اتخاذ قرار تمويل المحكمة.

وفي مقابلة مع "المؤسسة اللبنانية للإرسال" التي أجراها معه الزميل مارسال غانم، خرج عن المألوف في سياسته القائمة على تدوير الزوايا واتخذ مواقف تصدر عنه للمرة الأولى سواء لجهة اعتباره أن عدم التزام لبنان بالقرارات الدولية تستفيد منه اسرائيل، أو لناحية قوله إن لبنان لن يصوت مع العقوبات العربية المفروضة على سورية لكنه يلتزم بتطبيقها.

واضاف رئيس الحكومة «كان في غنى عن الموقف من العقوبات ومن حقه أن يهدد بالاستقالة في حال تمنَّع مجلس الوزراء عن تمويل المحكمة، ونحن نتفهم موقفه الرامي الى الضغط لتأمين الغالبية في جلسة مجلس الوزراء المقررة في 30 الجاري والمخصصة للبحث في طلب سلفة مالية تقدم بها وزير المال محمد الصفدي لتمويل المحكمة».

وقالت مصادر بارزة في تيار المستقبل لـ"الجمهورية" إنّ "الحكومة أصبحت في حكم السقوط، لكن ليس بقرار من ميقاتي بل بقرار كبير اتخذ من أولياء أمره، بهدف تحجيمه ربّما ردّا على الكلام الذي قاله أخيرا، وفي الوقت نفسه كي يقال إنّهم هم من أسقطوا الحكومة وليس هو من أسقطها". واعتبرت المصادر أنّ الأمور وصلت إلى مرحلة اللاعودة مبدية اعتقادها أنّ ميقاتي "يبحث عن مخرج بشكل مشرّف. فالمسألة لم تعد خاضعة للمناورات ولا لردّات فعل".

وأبدت اعتقادها أنّ موقفه "مرتبط أكثر بأزمة النظام السوري، وشعوره بقرب نهاية هذا النظام قبل أن يكون له علاقة بالمعطيات الداخلية، وفي الوقت نفسه لا قدرة لحزب الله وأعوانه على التراجع أمام جمهورهم في مسألة التمويل لذلك الأزمة مفتوحة وميقاتي يبحث عن مخرج له عبر الاستقالة". وأكّدت المصادر أنّ "حزب الله لن يستطيع بعد اليوم تأليف حكومة لأنّ الأكثرية التي أمّنها من خلال القمصان السود لا يمكن أن تتكرّر مرّة أخرى".

 اما قوى 8 آذار فالوضع مشابه والخوف على الاستقرار حيث سألت "النهار" هل بدا العد العكسي لرحيل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي؟ السؤال طرح امس بقوة على خلفية ما سبق تطيير الجلسة الاستثنائية لمجلس الوزراء في قصر بعبدا وما رافقه وأعقبه. وبدا ان كلام الرئيس ميقاتي أول من أمس والذي أعرب فيه عن عزمه على الاستقالة اذا لم يصوّت مجلس الوزراء في 30 تشرين الثاني الجاري على تمويل حصة لبنان من موازنة المحكمة الخاصة به، بمثابة صفارة انذار عرف المعنيون مباشرة وتحديدا "حزب الله" انها تنبئ باقتراب حكومته من نهايتها.

وكتبت "السفير" في رئيسيتها اليوم "سقطت حكومة نجيب ميقاتي سياسيا! لعل هذا السقوط الافتراضي، هو الاستنتاج المنطقي ربطا بتطورات الساعات الأخيرة التي تنبئ بأن الهيكل السياسي الذي قام على انقاض حكومة سعد الحريري، قد اخذ طريقه إلى التداعي، إن لم يكن قد تداعى بالفعل، ولم يبق سوى تحديد مراسم التشييع. ولعل الثلاثين من الشهر الجاري، وهو الموعد الذي تقرر رسميا لطرح ملف تمويل المحكمة الدولية أمام مجلس الوزراء، قد يرسم خط النهاية لحقبة سياسية وحكومية امتدت لنحو احد عشر شهرا، ويفتح بالتالي الباب على مشهد آخر، يخشى ان يتحكم فيه المجهول، في ضوء انعدام المرجعية المحلية والإقليمية الضامنة للاستقرار وتشكيل الحكومات(..).

وحسب معلومات "الديار" فان تأجيل جلسة الامس الى يوم الأربعاء سيؤدي الى تأخير موضوع البحث في تمويل المحكمة أسبوعاً وبالتالي فانه سيكون هناك وقت متاح للتعاطي مع هذه المسألة في أجواء نقاش هادئ مع العلم ان التسوية غير واضحة المعالم بعد، وان كان هناك أفكار عديدة يمكن ان تطرح في هذا المجال مع العلم ايضاً ان موقف حزب الله والعماد عون ما زال هو هو ولم يطرأ عليه أي تغيير بالنسبة لتمويل المحكمة.

وقد تولى "تكتل التغيير والاصلاح" قيادة معركة تطيير نصاب جلسة مجلس الوزراء. وأفادت معلومات "النهار" ان رئيس التكتل النائب ميشال عون، بعد المقابلة التلفزيونية التي أجرتها المؤسسة اللبنانية للارسال مساء الخميس مع الرئيس ميقاتي، قرر أخذ زمام المبادرة، في رسالة مؤداها ان بقاء الحكومة ورحيلها لا يتوقفان على رئيسها. وتبين لاحقا ان "حزب الله" وحده من وزراء 8 آذار كان على علم بخطوة عون ومؤيدا لها. وفي هذا السياق أبلغت مصادر حزبية في 8 آذار "النهار" ان الرئيس ميقاتي "يعيش أيامه الاخيرة ونحن مقبلون على مرحلة الخيارات الصعبة اذا سمت الاكثرية الجديدة مرشحا من 14 آذار".

وعلمت "النهار" ان رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي التقى ميقاتي قبل جلسة مجلس الوزراء، كان يحاول سابقا اقناع الاخير بعدم الدخول في موضوع الاستقالة في انتظار ما سيصدر عن مهرجان المعارضة في طرابلس غدا، على ان يبلور موقفه مطلع الاسبوع المقبل، وفي الوقت عينه يسعى بري الى ايجاد مخرج في عطلة نهاية الاسبوع لموضوع تمويل المحكمة. لكن موقف ميقاتي الصريح من الاستقالة غيّر الحسابات. وتأكد أمس ان رئيس الحكومة جدي في استقالته وهو ما لم يكن في حسبان حلفائه في الحكومة. وعليه، فان هؤلاء الحلفاء لم يعد في حسبانهم ان يبقى ميقاتي على رأس حكومة تصريف أعمال، كما انهم ليسوا في وارد القبول بمجيء حكومة تكنوقراط.

وقال أحد الوزراء لـ"النهار" ان خطوة مقاطعة الجلسة لم تنسق مع فريق من وزراء محسوب على 8 آذار، ولو قيض للغائبين غير وزراء عون ان يحضروا لانعقدت الجلسة. فيما قال وزير محسوب على الكتلة الوسطية ان النتيجة حاليا هي تطيير جلسة الاربعاء المقبل التي من المفترض ان تبت تمويل المحكمة.
وأكد مصدر سياسي بارز في حزب الله لـ"الشرق الأوسط"، أن "موقف الرئيس ميقاتي متوقّع". وقال "إن موقفنا من التمويل مبدئي وليس قابلا للمساومة لا من قريب ولا من بعيد، وإذا كان الرئيس ميقاتي مصرا على الاستقالة فلا مشكلة".
 

السابق
السفير: ما بعد سقوط الحكومة: لبنان ساحة لاشتباك إقليمي كبير؟
التالي
النهار: 8 آذار حكومة ميقاتي شارفت نهايتها و14 آذار والحريري يستعيدان المبادرة غداً من طرابلس