حرب: سنقف في وجه محاولة تحويل لبنان الى بلد متطرف ومنغلق

 افتتحت "جمعية التحريج في لبنان" مشروع التحريج للعام 2011 ـ 2012، الممول من "الوكالة الاميركية للتنمية الدولية"، لربط غابتي الارز المعمر في تنورين وبشري، خلال احتفال أقيم في القصر البلدي في تنورين، وبدعوة من بلديتها و"لجنة محمية غابة أرز تنورين"، وفي حضور النائب بطرس حرب، سفيرة الولايات المتحدة الاميركية مورا كونيللي، قائمقام البترون روجيه طوبيا، مدير مشروع "جمعية التحريج في لبنان" ريشار باتون، رؤساء بلديات ومخاتير، رؤساء جمعيات وأندية وهيئات، كهنة وراهبات وآباء، فاعليات تربوية وعسكرية وثقافية واجتماعية وحشد من المهتمين.

حرب
بعد النشيد الوطني، قدم للحفل أمين سر البلدية الشيخ بسام طربيه، ثم القى رئيس لجنة محمية ارز تنورين المحامي نعمه حرب كلمة اشار فيها الى "ان هذا المشروع أتى متوافقا مع هدف انشاء المحميات الطبيعية بموجب قوانين وضعية مرعية الاجراء، وأعطى لجانها دورا أساسيا في تطبيق بنود ومواد هذه القوانين من أجل الحماية والرعاية".

واعتبر أن هذا الدور يتكامل ودور الوزارات المعنية من وزارة البيئة الى وزارات الزراعة والداخلية والسلطات البلدية المحلية والمجتمع الاهلي. كما رأى أن مبادرة جمعية التحريج في لبنان في غرس آلاف الاشجار من أرز ولزاب وشوح وسنديان وصنوبر، جاء ليتلاءم مع أهداف البلدية وأهداف لجنة المحمية والجمعيات البيئية، في خطوة هادفة لاعادة الاعتبار لرقعة تنورين الخضراء ولغطائها الحرجي الذي تناقص عبر الزمن بسبب التعدي السافر من الانسان في القطع والرعي وبفعل التغير المناخي".

ولفت الى "ان هناك صعوبات كبيرة تواجهنا في تطبيق قانون المحمية للتوفيق بين حماية الغابة ومصالح المالكين المجاورين، واننا لواثقون وبالتعاون مع المجتمع المحلي للتوصل الى حلول ناجعة ترضي الجميع".

طربيه

واوضح رئيس البلدية الدكتور منير طربيه "أن اعادة تشجير المساحات الحرجية، هو من أهم المشاريع التي تساعد على الوصول لجعل هذه المنطقة معلما سياحيا بيئيا دينيا رياضيا بامتياز".

وشكر "الوكالة الاميركية للتنمية" على تعاونها من أجل تحسين الواقع البيئي والحرجي في موطن الارز، ما يساعد على الحفاظ على الثروة الحرجية في المنطقة".

وتوجه الى السفيرة كونيللي بالقول: "بادرتكم الكريمة لتحريج تلالنا وسهولنا، تعيد الحياة الى ارضنا، بعد ان كادت تهجره وترجع الجمال الى معالمنا، بعد ان اوشك ان يترك مكانه للقبح واليباس".

وقال: "التوق الى الحرية هو الذي حدا بأجدادنا أن يستوطنوا هذه الجبال العاصية على اقتحام الغزاة، فالحرية مثلها مثل الخبز والنسيم، مثل المياه العذبة النابعة من صخورنا".

وختم مرحبا بالسفيرة كونيلي "التي تحمل رايتها وتقود الشعوب التي تنعم بالانتماء الى العالم الحر".

باتون

ثم كانت كلمة مدير جمعية التحريج ريشار باتون، الذي تحدث عن المشاريع التي تقوم بها الجمعية في لبنان من تحريج ومساعدة مشاتل الغابات في مختلف انحاء لبنان، وغير ذلك من المشاريع.

وقال: "يكتسب حدث غرس الاشجار الذي نحتفل به اليوم، أهمية خاصة لعدد من الاسباب، فهو أولا يمثل بداية جهود امتدت على سنوات لتحديد مواقع التحريج ذات الاولوية في مختلف أنحاء لبنان وتشجيرها".

ولفت الى أن "الجمعية تنوي المشاركة في جهود التحريج الرئيسية في كل المحافظات اللبنانية، فضلا عن ذلك، تشكل المواقع المنوي تشجيرها هنا، في تنورين، جزءا من استراتيجية أوسع، هدفها ربط هذه المواقع بمواقع التحريج في بشري، وبالتالي دعم ربط غابتي الارز المعمر في المنطقتين على المدى الاطول.

وقال: "تفخر مديرية الاحراج الاميركية كما جمعية التحريج في لبنان، أن تشارك هذا المجتمع في ما يبذله من جهود نجتمع لنكرمها، ونتطلع جميعا الى انطلاق مبادرة مهمة لدعم مجتمع تنورين وغيره من المجتمعات في حماية غابات لبنان وتوسيعها لما فيه خيرأجيال اليوم والغد".

السفيرة كونيللي
ثم كانت كلمة السفيرة كونيللي فقالت: "نطلق اليوم برنامج غرس الاشجار في لبنان الذي يمتد على رقعة البلاد بكاملها، ضمن مبادرة التحريج في لبنان. لقد بورك لبنان عبر تاريخه بغاباته بما في ذلك غابات الارز التي تحمل معان كبيرة في لبنان.

وثمنت "فوائد الغابات في لبنان لجهة حماية النظام البيئي ان كان على صعيد الحد من التآكل او الحفاظ على المياه الجوفية وزيادة مستواه وتعديل التلوث الهوائي في لبنان، وكذلك تأمين مناطق ترفيهية وتنظيف المناخ".

وأسفت لتآكل الغابات في لبنان، ولا سيما خلال السنوات ال50 الماضية والذي تسبب بتراجع غطاء الغابات في لبنان بشكل ملحوظ بلغت نسبته اكثر من 35%. هذا التراجع في الغابات اللبنانية يرافقه التغير المناخي الذي يهدد بشكل اساسي جودة الهواء في لبنان ونوعيته، وأمن المياه فيه وهذا الخطر ينسحب على الارز في لبنان وهو يتهدد الاقتصاد ايضا.

واضافت: "من اجل التصدي لهذه المشكلات البيئية، عملت الحكومة اللبنانية على وضع خطة التحريج لزيادة غطاء الغابات بنسبة 20%، ولدعم هذه الجهود عملت الحكومة الاميركية على اطلاق ما عرف بمبادرة التحريج في لبنان للعام 2010 والتي تمتد لاربع سنوات وهي بقيمة 11,9 مليون دولار اميركي".

وتابعت: "وفي هذا الاطار قامت كل من "وكالة التنمية الاميركية" ومديرية التحريج الاميركية، بضم جهودهما الى جهود شركائهم في لبنان من منظمات لبنانية ومشاتل معنية برعاية الاشجار المحلية المنشأ والعاملين في مجال التحريج والغابات، اضافة الى المجتمعات المحلية، من اجل تعزيز جهود التحريج في لبنان وتعزيز تقنيات التحريج الحديث والدعم باتجاه اعتماد الممارسات الفضلى للوقاية من حرائق الغابات والاستجابة لها بالشكل المطلوب".

وقالت: "وتشمل هذه الانشطة المشتركة العمل على غرس مئات الآلاف من الاشجار المحلية المنشأ عبر مختلف المناطق اللبنانية، والعمل على تعزيز عمليات وانشطة المشاتل المعنية بغرس هذه الاشجار، اضافة الى زيادة القدرات المحلية على ادارة الغابات الاساسية في لبنان، وتأسيس نوع من المؤسسات لدعم جهود التحريج واعادة التحريج في لبنان التي من شأنها ان تفيد الاجيال الطالعة في لبنان".

وتابعت: "لقد عملنا مع شركائنا على اختيار 5 مواقع محددة للبدء ب11 نوعا من الاشجار المحلية طوال هذه السنة، بما في ذلك شجرة الارز، وهذه المواقع ستستخدم لاختبار ممارسات غرس الاشجار على الارض والعمل على مقارنتها مع ممارسات المشاتل المتعارف عليها، ليؤدي ذلك الى تعزيز جهود التحريج. وحتى الربيع المقبل سننهي زراعة 15 الف شجرة على مساحة 50 الف كيلومتر مربع في منطقتي تنورين وبشري. واليوم وانا بصدد زرع شجرة ارز هنا في تنورين، اتمنى ان تضرب جذور هذه الارزة عميقا في ارض تنورين وان تظلل اغصانها تنورين وسكانها وكل اللبنانيين".

وختمت: "ان التزامنا تجاه لبنان وشعبه لا يزال قويا كما كان قويا منذ 60 عاما، عندما بدأنا شراكتنا في اطار التنمية مع لبنان، وكما كان قويا قبل 50 عاما عندما أسس الرئيس الاميركي السابق كيندي الوكالة الاميركية للتنمية الدولية والتي تهدف بشكل رئيسي لحماية الحياة ومكافحة الفقر وتعزيز السلام في العالم النامي".

النائب حرب

أما النائب حرب، فشكر مبادرة الحكومة الاميركية والسفارة الاميركية في لبنان والمؤسسات على اهتمامهم بهذه المنطقة التي تحتاج للكثير من التنمية، وتمنى ان تكون هذه المبادرة باكورة مشاريع لاحقة تساعد على تنمية هذه المنطقة.

وعبر عن سروره لاستضافة تنورين للسفيرة كونيللي "فتفهم معنى لبنان ومعناه واهميته وسبب تميزه بنظامه الذي يختلف عن الانظمة المحيطة به، وقال: "ان هذه الجبال التي وصل اليها اجدادنا منذ 500 سنة واكثر كانت الحياة صعبة جدا، جاؤوا الى هنا وتخلوا عن سهولة الحياة، واختاروا صعوبة الحياة هنا لكي يدافعوا عن ارضهم ومعتقداتهم ويهربوا من الاضطهاد، عاشوا في أقسى الظروف، تعبوا وصمدوا وحافظوا على حرياتهم. ومن يصعد الى هذه الجبال، ويطلع على المواقع التي عاش فيها اجدادنا في ظل اصعب الظروف، يدرك اهمية لبنان وجباله ونظامه وصمود اجدادنا وتمسكهم بحقوقهم، ورفضوا الاضطهاد. وعندما يفهم مثل دولة كبرى مثل الولايات المتحدة الاميركية معنى هذا الامر يدرك ما الذي يحصل على ارضنا".

ورحب بالسفيرة كونيللي معتبرا ان "زيارة ممثل اميركا الدولة العزيزة والصديقة لتنورين، في هذا الظرف بالذات، وفي ظل الاتهامات بالجاسوسية والمؤامرات الاميركية والاسرائيلية مهمة جدا. صداقتنا بالولايات المتحدة الاميركية وبالعالم الغربي ليست قائمة على علاقات شخصية، بل هي مبنية على مبادىء وقيم مشتركة وهي قيم الحرية والديموقراطية والتسامح وقبول رأي الآخر مهما كان مختلفا عن رأينا، قيم العيش مع الآخر والسعي لايجاد آلية لحل خلافاتنا بالطرق الديموقراطية. هذا هو لبنان وهذه هي القيم التي نلتقي واياكم حولها لذلك نحن وانتم مرتبطون".

وقال: "دخلنا الى مرحلة في لبنان، حيث هناك فئة من الشعب اللبناني، كلنا يعرفها، تريد ان تقطع هذه القيم وتقضي عليها وتعيد المجتمع اللبناني 1000 سنة الى الوراء وتسقط كل القيم. نحن دفعنا دماء ولدينا شهداء بذلوا حياتهم، وقد ندفع المزيد من الشهداء، ونحن مستعدون من اجل ان يبقى لبنان هذا البلد الديموقراطي، بلد الحريات والقيم والاستقلال والسيادة وحرية شعبه في تقرير مصيره".

وتابع: "اذا وجدنا العالم وعلى رأسه الولايات المتحدة الاميركية الى جانب لبنان لمساعدتنا من أجل الحفاظ على هذه القيم، فهذا أمر طبيعي، لذلك نحن وانتم سنقف في وجه محاولة تحويل لبنان الى بلد متطرف ومنغلق، الى بلد ضد الغرب، وعلينا ان نتعاون لما فيه خير الانسان ومبادرتكم اليوم تصب في هذا الاطار لمساعدة هذا الشعب اللبناني البطل لكي يصمد ويبقى قويا في ظل نظام ديموقراطي".

وختم نجاح المشروع بالتعاون "مع البلدية ورئيسها ولجنة محمية أرز تنورين وشعب تنورين"، مرحبا بأول مشروع للوكالة الاميريكية للتنمية الدولية في منطقة البترون.

وتخلل الاحتفال عرض فيلم مصور عن المشروع وعرض فيلم وثائقي عن محمية ارز تنورين الطبيعية.

بعد ذلك قامت السفيرة كونيللي والنائب حرب بزراعة غرسات ارز في حديقة القصر البلدي في تنورين. ثم كانت زيارة الى محمية غابة ارز تنورين الطبيعية اطلعت خلالها السفيرة كونيللي على تاريخ الغابة وموقعها والمراحل التي مرت بها. 

السابق
فليتشر: المحكمة بحاجة الى قيادة حكيمة وهادئة من مختلف الأطراف
التالي
نقولا: إذا أراد ميقاتي الاستقالة فليفعل ولتُؤلّف حكومة جديدة