المجلس العسكري يصعّد ويكلّف الجنزوري للحكومة.. ويرفض التنحّي

على رغم الاحتجاجات الشعبية المتصاعدة في مصر، أكد المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يتولى إدارة شؤون مصر أمس أن الانتخابات النيابية ستبدأ الاسبوع المقبل كما هو مقرر، ورفض النداءات من أجل التنحي فوراً، بعدما اعتذر في وقت سابق عن مقتل عشرات المتظاهرين منذ السبت، وتعهد محاكمة المسؤولين عن قتلهم، في محاولة هي الاخيرة لتهدئة المحتجين.

بدا المجلس الاعلى للقوات المسلحة أمس عازماً على عدم تقديم أية تنازلات جديدة تحت ضغط عشرات الالاف من المتظاهرين المجتمعين في ميدان التحرير.
ففي مؤتمر صحافي نقلته وسائل الاعلام مباشرة، قال العضو في المجلس الاعلى للقوات المسلحة اللواء ممدوح شاهين إن الانتخابات في مواعيدها و"لا تأجيل لها".
وذهب العضو الاخر في المجلس الاعلى الذي شارك في المؤتمر الصحافي اللواء مختار الملا الى القول إن ترك الجيش السلطة في هذا الوقت، سيكون "خيانة للامانة" التي حمله اياها الشعب.
فعندما سئل هل يعتزم المجلس تنظيم استفتاء شعبي على ترك الجيش السلطة، أجاب: "ليس هدفنا ترك السلطة او الاستمرار في السلطة وانما تنفيذ ما التزمناه مع هذا الشعب… اذا تركت السلطة الان، اكون خائنا للامانة وتكون القوات المسلحة تخلت عن الامانة" التي حملها الشعب اياها. ولئن أعرب عن احترام الجيش وجهة نظر المتظاهرين في ميدان التحرير الذين يطالبون بإنهاء الحكم العسكري، أضاف: "اذا نظرنا الى من هم في ميدان التحرير بغض النظر عن اعدادهم، نجد أنهم لا يمثلون كل الشعب المصري".
وكان رئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة المشير محمد حسين طنطاوي، الممسك بالسلطة منذ تنحي الرئيس حسني مبارك في شباط الماضي، قال الثلثاء ان المجلس العسكري على استعداد لترك السلطة اذا اقر الشعب هذا الخيار من طريق استفتاء شعبي، وذلك رداً على الهتافات التي يرددها المتظاهرون في ميدان التحرير والمطالبة بان يسلم الجيش سلطة مدنية الحكم فورا.
وأوضح الملا أن مشاورات تجرى لتأليف حكومة جديدة خلفاً لحكومة عصام شرف التي قبل المجلس الاعلى للقوات المسلحة استقالتها الثلثاء.
وقال: "نجري منذ اول من امس اتصالات ودراسات وتقويمات لاختيار رئيس الحكومة لتنفيذ المهمة الرئيسية وهي الانتخابات… نأمل أن تشكل هذه الحكومة قبل بدء الانتخابات". وأكد بدوره أن الانتخابات ستجرى في موعدها المحدد اعتباراً من الاثنين المقبل. ومع تكراره أن المجلس الاعلى لن يعرقل التحول الديموقراطي، حذّر من أنه لن يرضخ للمحتجين المطالبين بنقل السلطة الى مدنيين على الفور. واستشهد بكلام طنطاوي ليقول إن "القوات المسلحة ليست بديلاً من الشرعية التي يرتضيها الشعب. كان هدفنا الأول منذ بداية المرحلة الانتقالية هو إعادة الامن الى الشعب المصري". واشار الى أن رئيس الأركان الفريق سامي عنان عقد لقاء مع الأحزاب السياسية وبعض المثقفين تمخض عن توصيات بوقف العنف فورا والإفراج عن المعتقلين وعلاج المصابين.

اعتذار
وفي وقت سابق، قدم المجلس العسكري اعتذاره رسمياً عن سقوط "شهداء" خلال التظاهرات التي تشهدها البلاد منذ ايام، وذلك غداة تدخل قواته بشدة لوقف الاشتباكات بين المحتجين والشرطة في وسط القاهرة.
وجاء في بيان رسمي أورده في صفحته بموقع "فايسبوك": "يتقدم المجلس الاعلى للقوات المسلحة بالاسف والاعتذار الشديد لسقوط الشهداء من ابناء مصر المخلصين خلال احداث ميدان التحرير الاخيرة… يتقدم بالتعازي الى اسر الشهداء في كل انحاء مصر ويؤكد التزامه" اجراءات في مقدمها "التحقيق السريع والحاسم لمحاكمة كل من تسبب بهذه الاحداث وتقديم الرعاية المتكاملة لاسر شهداء الاحداث الاخيرة فورا".
وكانت الكلمة التي وجهها المشير طنطاوي مساء الثلثاء أثارت استياء كبيرا بين المتظاهرين المعتصمين في ميدان التحرير لعدم تقديمه اي اعتذار عن اعمال القتل، فضلا عن امتناعه عن وصف من قتلوا بانهم "شهداء" واشارته اليهم عوض ذلك على أنهم "ضحايا".
وكان اثنان من اعضاء المجلس الاعلى للقوات المسلحة، هما اللواءان محمد العصار ومحمود حجازي، أطلا في ساعة متقدمة من مساء الاربعاء على التلفزيون الرسمي وقدما كذلك "اعتذاراً عن سقوط شهداء" ودافعا عن المجلس العسكري في مواجهة عاصفة الانتقادات التي يتعرض لها.
وتدخل الجيش بقوة ليل الاربعاء – الخميس لوقف الاشتباكات بين قوات الشرطة والمتظاهرين في شارع محمد محمود المتفرع من ميدان التحرير.ميدان التحرير
وأمس، كان الميدان أكثر هدوءاً بعد خمسة أيام من الاشتباكات المكثفة أوقعت 40 قتيلاً وألفي جريح تقريباً، عقب التوصل الى هدنة دخلت حير التنفيذ السادسة صباح أمس توسط فيها رجال دين مسلمون.
وأقام الجيش المصري جداراً عازلاً من الكتل الاسمنتية على مسافة نحو 200 متر من ميدان التحرير في شارع محمد محمود المؤدي الى مبنى وزارة الداخلية والذي شهد اشتباكات استمرت أياما بين الشرطة ومحتجين يرفضون استمرار الحكم العسكري.
وأقيم الجدار بارتفاع مترين أمام مكتبة الجامعة الأميركية في القاهرة، ووقف جنود من القوات المسلحة فوقه في مواجهة ألاف المتظاهرين الذين تقدمهم بعض رجال الأزهر وهم يهتفون: "الشعب يريد حقن الدماء".

تأليف حكومة
على صعيد آخر، أفادت مصادر سياسية ان المجلس الاعلى للقوات المسلحة بدأ مشاورات غير معلنة مع ممثلي القوى السياسية لاختيار رئيس جديد للوزراء خلفا لعصام شرف.
ونشرت صحيفة "المصري اليوم" المستقلة أن الاسماء المرشحة لرئاسة الوزراء "يتصدرها" المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي.
وأبدى البرادعي "أسفه الشديد وحزنه العميق لاستمرار سقوط الشهداء والجرحى وخصوصاً من الشباب الذي هو مستقبل هذه الأمة". وقال في بيان: "ان أفضل ما يمكن أن نقدمه للاسر التي فقدت فلذات أكبادها هو العمل على أن لا تذهب تضحيات الشهداء والمصابين سدى… هذه الايام العصيبة في حق على مصر كلها، ليس بسبب الثورة وانما بسبب هؤلاء الذين لا يزالون ينكرون أن هذه ثورة شعب بحق، وأن للشعب مطالب مشروعة، وقد حان أوان التغيير الشامل".
وقدمت الحركات الشبابية في ميدان التحرير تصورات لانهاء الازمة السياسية الاعنف في البلاد منذ سقوط مبارك تتلخص اساسا في حكومة انقاذ وطني تفوض اليها "كل صلاحيات المجلس العسكري ورئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة" وتأليف "مجلس استشاري" من شخصيات سياسية، بينها عدد من المرشحين المحتملين لرئاسة الجمهورية ليكون همزة الوصل بين الشارع والجيش.
ودعت أحزاب سياسية الى تظاهرة "مليونية" جديدة اليوم اطلقت عليها "جمعة الفرصة الاخيرة"، بينما دعت الحركات الشبابية الى التظاهر في ما سمته "جمعة الشهيد".
وحددت الحركات الشبابية ثلاثة مطالب هي "محاكمة فورية وعاجلة لكل من تورط في قتل المتظاهرين أياً كانت صفته وتشكيل حكومة انقاذ وطني بصلاحيات كاملة تتولى ادارة ما تبقى من فترة انتقالية، على أن تنقل اليها كل صلاحيات المجلس العسكري السياسية والاقتصادية، والبدء بهيكلة تامة لوزارة الداخلية تتضمن حل قطاع الامن المركزي وضمان محاكمة من تلوثت ايديهم بدماء المصريين".  

السابق
اسود: التغيير والإصلاح لن يوافق على تمويل المحكمة
التالي
توافق على التعامل كشركاء وبمسؤولية واحدة بين مشعل وعباس