ثلاث سيناريوهات محتملة للمنطقة في ظل الربيع العربي

إن الربيع العربي وصعود تركيا بظل رئيس الوزراء أردوغان يمزقان بنية القوة التقليدية الشرق أوسطية المؤلفة من كتلتين ( الموالية للغرب / المعادية للغرب). هناك ثلاث سيناريوهات رئيسة قد تنتشر في المنطقة.
السيناريو الأكثر إرعاباُ هو حصول تحالف إسلامي كبير ضد إسرائيل، الولايات المتحدة والحكومات العربية المنحازة الى الولايات المتحدة. هذا سيحدث إذا أثرت إيران، تركيا، قطر والإخوان المسلمون على الحكومات عبر المنطقة ( تونس، ليبيا، مصر بعد إنتخابات تشرين الثاني واليمن بعد سقوط الرئيس عبالله صالح).
أما السيناريو الأكثر إستحساناً فهو حدوث صراع كبير بين كل هذه القوى مع تصادم الإخوان المسلمين إيديولوجياً مع تركيا؛ وجود إيران وتركيا على طرفي نقيض بسبب سوريا؛ ووجود الإخوان المسلمين على طرفي نقيض مع إيران بسبب الإنقسام السني – الشيعي. في هذه الحالة، ستتطلع الكتلة الموالية للغرب بإستحسان أكبر الى تركيا، لكنها ستتخوف من حصول تقارب محتمل للإخوان المسلمين الأتراك ومن إستفزاز تركي ضد إسرائيل.
السيناريو الثالث هو وجود تحالف بين تركيا والإخوان المسلمين ينافس التكتل الإيراني – السوري. ومن المحتمل أن تنحاز قطر وتصطف مع التحالف الأول في هذا الوضع، رغم أن قطر عالقة ما بين هذا التكتل وبين الحكومات العربية التي تبقى أكثر إصطفافاً وإنحيازاً بشكل وثيق مع الولايات المتحدة. في هذا السيناريو، لا ترى الدول العربية الموالية لأميركا في أي من هذين التكتلين شريكاً موثوقاً، لكنها ستميل الى إعطاء إشارات تصالحية للإخوان المسلمين. من المحتمل أن تزيد هذه الدول التمويل للشبكات المرتبطة بالإخوان المسلمين لإبقائهم بعيدين عن تحريك وإثارة المعارضة ضد حكمهم.
وكما صرحنا في نشرات سابقة للـ Middle East Monitor، فإن حصول حرب أهلية في كل من سوريا واليمن أمر مرجح أكثر فأكثر بمرور الوقت. ومع التكرار هنا للـ " الموجز"( المذكور في البداية)، فإن موت القذافي يجعل من المرجح أن تقاتل هذه الأنظمة وصولاً الى النهاية المريرة إذا ما تصاعد الصراع. كما قد يشجعها موته أيضاً على تجنب حدوث صراع، لكن النظامين السوري واليمني واعيين الى أن مسألة الإطاحة بالقذافي لم تكن لتحدث لولا تدخل الناتو. من المهم الإشارة الى أن الطيارين السوريين الذين قتلوا في اليمن الآن، يشير الى أن صالح والأسد يعتبران نفسيهما في نفس الوضع الآن.
إن تأثير إرتقاء الأمير نايف الى سدة ولاية العهد سيعتمد على مقدار المسؤولية التي سيعطيها الملك عبدالله له. فمن المرجح أن يحاول الأمير نايف محاربة النفوذ والتأثير السياسي والثقافي الغربيين إذا ما أعطي الفرصة لذلك. أما الخطر الحقيقي، رغم كل شيئ، فموجود ما أن يصبح نايف، في نهاية المطاف،هو الملك وذلك يمكن أن يحدث في أية لحظة نظراً لسن الملك عبدالله.
يتوق الشباب السعودي الى تحصيل ثقافة غربية وحقوق إنسانية أكبر، خاصة بالنسبة للنساء. فالناشطات يصبحن أكثر جرأة وتحدياً في عدم إطاعتهن القوانين التي تحرم عليهن قيادة السيارات. في نفس الوقت، هناك صد من قبل رجال الدين الوهابيين، ما يضع العائلة المالكة السعودية في موقف صعب. وكانت العائلة المالكة قادرة على إحتواء التظاهرات الصغيرة نسبياً، لكن هذه التظاهرات ستنمو حتماً، كما سيتزايد تحريض رجال الدين. عاجلاً أم آجلاً، سيطالب رجال الدين الوهابيون بأن تتصرف العائلة المالكة بشكل حاسم إزاء الإخفاقات الأخلاقية لدى الشباب، بحسب تصورهم. فإذا ما منحهم الأمير نايف مطلبهم، فإن ذلك سيشعل شرارة فترة من عدم الإستقرار بما أن التظاهرات ستنفجر. السؤال هنا هو إن كانت حملة فرض النظام اللاحقة ستمنع قيام تظاهرات أخرى أو التسبب بجعلها تنتشر أكثر.
هناك عرض آخر بالإمكان تصوره وهو أن الإسلاميين، كأي فريق سياسي، سيرتكب أخطاء حتماً. والجماهير عادة ما تكون غير صبورة وحساسة في الفترة التي تلي الإنتخابات، بما أنهم يولون إهتماماً دقيقاً بكل قرار يتخذه الحكام الجدد. من المحتمل تماماً أن يدفع الإسلاميون ثمن الإستياء هذا، خاصة إذا ما أساؤوا الحسابات حول المدى الذي يمكنهم المضي فيه بالعمل وفق إيديولوجيتهم.
فقد شهدت حماس هبوطاً في شعبيتها منذ وصولها الى السلطة في قطاع غزة. ومن غير المرجح أن يكون الإسلاميون الآخرون خبثاء كما هو حال حماس، لكن السياسة دورية وفي نهاية المطاف الجماهير تريد تغييراً، وهذا يعطي غير الإسلاميين الفرصة لتقديم أنفسهم على أنهم قوة منافسة.
إن صراعاً إيديولوجياً حقيقياً ما بين الإسلاميين وغير الإسلاميين لكسب العقول والقلوب في الشرق الأوسط سوف يجري في العلن وسيكون هو التنافس الأهم الذي سيقرر مستقبل المنطقة. السؤال الوحيد هنا هو متى سيصل هذا الصراع الى مرحلة يصبح فيه ظاهراً.

السابق
الرئيس سليمان: الوحدة الاقتصادية العربية ضرورية وبداية للوحدة الأوسع
التالي
البناء: اجتماع القاهرة حلقة من مسلسل الضغوط الغربية المُستعربة