الحرب على سوريا حقيقة أم زوبعة في فنجان؟

يوماً بعد يوم ينكشف المزيد من غموض يلفّ المنطقة العربيّة بأسرها، جرّاء الأحداث الحاصلة على غير محطّة، لا سيّما تلك المتعلقة بسوريا، والتي أرخت بظلالها السلبيّة على بقيّة الدول المحيطة بها وخصوصا لبنان.

في ظلّ انسداد الأفق التعاونيّ بين سوريا من جهة وبين جامعة الدول العربية ومجلس الأمن الدولي من جهة اخرى، يبدو أنّ الامور ذاهبة نحو مزيد من التأزّم مع استنفاد الوقت المتقطّع الذي لعب على كسبه النظام السوريّ من أجل تمرير المرحلة بأقلّ أضرار ممكنة.

وما يُحكى اليوم عن سيناريو حرب محتملة قد تشنّها بعض الدول الغربيّة على رأسها الولايات المتّحدة الاميركيّة ضد سوريا، يشبّهه البعض بزوبعة داخل فنجان، لأنّ باعتقاده أنّ هذا الغرب يدرك تماماً مدى اهمّية العلاقات او الخيوط التي نسجها النظام السوري مع بعض الخارج المسمّى بحلف الممانعة على مدى اربعين عاماً، والذي يبدو أنّه العامل الوحيد الذي يمنع شنّ هذه الحرب، أقلّه حتى اليوم.

أمّا من المنظور الآخر، فهناك أمور قد تبدّلت مع بدء الربيع العربي، حيث أصبح للصوت البشريّ وقع أكبر وأقوى من صوت الرصاصة او القذيفة، لأنّ الشعوب المقهورة والمضطهدة لم تعد تؤمن بالعيش في ظلّ أنظمة مستبدّة.

"الوضع في سوريا لم يعد يُطاق، وعلى الجميع ان يدرك مدى خطورة ما يحصل هناك جرّاء المذابح التي تُرتكب يوميّاً بحقّ المواطنين العُزّل"، هكذا عبّر مصدر ديبلوماسي اقليمي في حديث إلى "الجمهورية" عن مدى استياء بلده ممّا يحصل داخل سوريا.

وأضاف أنّ "الرئيس السوريّ بشّار الأسد لم يأخذ بالنصائح التي وُجّهت اليه خلال تسعة الأشهر الماضية بضرورة وقف العنف"، وبالتالي "إذا لم يتوقّف هذا النظام عن قمع شعبه وقتله فإنّ نهايته ستكون مأسوية، على غرار ما حصل للرئيسين السابقين صدّام حسين ومعمّر القذافي".

وقال المصدر إنّ "الدول العربيّة قد خبرت الأسد في السلطة على مدى سنوات، أقلّه منذ رحيل والده، وهو تمّيز بالمناورات والتهرّب من الالتزامات التي كان يتعهّد بها أمامهم"، مؤكّداً أنّ "الاسد لم يعد في موقع يؤهّله قيادة بلد بحجم سوريا، لأنّه أصبح رئيساً لكتيبة عسكريّة، وليس رئيساً لدولة".

وكشف المصدر "أنّ الرئيس السوريّ دعا منذ أيّام جميع حلفائه في الخارج إلى التحضّر للمرحلة المقبلة" التي، وبحسب المصدر، "تبدو مرحلة حاسمة للانتهاء من هذا النظام في حال لم يقدم على خطوات جادّة وملموسة توقف إزهاق أرواح المواطنين الأبرياء، وتنتقل بهم الى حياة اكثر حرّية وديموقراطية".

وتطرّق المصدر الى موضوع إقامة مناطق عازلة، حيث لفت الى أنّ "هذا الأمر مطروح بشدّة في ظلّ غياب بوادر حسن نيّة قد يقدّمها النظام السوريّ تجاه معارضيه"، موضحاً "أنّ هذه المناطق في حال أنشئت سوف تكون تحت إشراف الأمم المتّحدة".

ودعا المصدر الحكومة اللبنانيّة الى "اعتماد سياسة النأي بلبنان عن جميع الصراعات الحاصلة من حوله، وذلك من خلال التعاون الوثيق بين الحكومة وبين مجلس الامن الدولي، وتطبيق القرارات الدوليّة لاسيّما القرار 1701"، معتبراً أنّ " تمويل المحكمة الدوليّة الخاصة باستشهاد الرئيس رفيق الحريري ورفاقه يبقى المعيار الأوّل والوحيد لتطبيق العدالة في لبنان وإبعاد شبح الاغتيال السياسي عنه".

وراهنَ المصدر على تغيير موقف كلّ من روسيا والصين الداعمتين لنظام الاسد، لأنّ ما من عاقل يستطيع ان يتّخذ موقف المتفرّج أمام هذه الارواح التي تسقط يوميّاً لذنب وحيد اقترفته هو "مطالبتها بالحرّية والعيش بكرامة".

وختم المصدر حديثه بالقول: "لا نسعى لنكون بديلاً عن أيّ قوى في المنطقة، بل العكس، نحن وبحكم العلاقات الطيّبة التي تربطنا بالدول العربيّة نعمل على تمتين الروابط الأخويّة لما فيه مصلحة لبلادنا وشعوبنا على حدّ سواء". 
 

السابق
هل سينسحب العسكر من بر مصر؟
التالي
أزمات.. ولا تسوية!