هذا ما يُخطّط لسوريا

لم يكن أمام القيادة السوريّة إلّا رفض بروتوكول الجامعة العربية بنشر 500 مراقب على أراضيها، لأنّ ما كُتب قد كتب، ومهمّة المراقبين ستفضح ما يجري في السجون والمستشفيات من جهة، وتشجّع من لم يجرؤ على النزول إلى الشارع والتظاهر السلميّ للتعبير عن رفضه استمرار النظام الحاليّ من جهة أخرى.

لو وافقت دمشق ووصل المراقبون، يقول مصدر قريب من القيادة السوريّة، لشهدنا أمرين أساسيّين:

1 – مزيد من الحملات الإعلاميّة غير المسبوقة التي تضخّم صورة الأزمة وإجراءات السلطة، وتستنفر مشاعر المجتمعَين العربي والدولي.

2 – بدء الحرب الأهليّة التي يروّجون لها كلاميّاً منذ فترة. إذ إنّ المعارضين الذين سينزلون إلى الشوارع بعشرات الآلاف بتشجيع من المراقبين، سيواجهون مئات آلاف المؤيّدين المتظاهرين الرافضين للفوضى والانهيار في بلدهم.
 ولكن ماذا بعد فشل جهود التسوية؟

إنّ الوضع في سوريا يزداد خطراً أكثر فأكثر:

1 – لم تعد دمشق هادئة وخارج الاضطرابات، بعدما تعرّض مقرّ لحزب البعث الحاكم لقذيفتي "أر. بي. جي" قبل يومين، للمرّة الأولى منذ بدء الأزمة.

2 – أثبت "الجيش السوريّ الحرّ" المنشقّ، قدرة وجرأة في تنفيذ عمليّات نوعيّة، منها قصف مقرّ المخابرات الجوّية في حرستا في ضواحي دمشق الأسبوع الماضي، وإن كان هذا "الجيش" المكوّن من بضعة آلاف من الضبّاط والعسكريّين المنشقّين (مقرّ قيادته في تركيا) لا يشكّل تهديدا للجيش السوري.

3 – ستبدأ الجامعة العربية من الخميس المقبل البحث في فرض عقوبات على النظام السوريّ، واللجوء إلى المجتمع الدولي لتوفير الحماية للمدنيّين السوريّين.

4 – ستدخل أنقرة مرحلة تأمين الغطاء والدعم اللوجستي والمالي لخطط أعدّتها لإقامة منطقة عازلة داخل الحدود السوريّة، كمقدّمة للتدخّل العسكري لاحقاً بضوء أخضر عربيّ ودوليّ إذا استمرّ الفيتو الروسيّ والصينيّ في مجلس الأمن في حماية النظام السوري.

وقد كشف مصدر في الخارجيّة التركيّة أنّ أنقرة تعتبر "أنّ سقوط نظام الأسد بات شبه مؤكّد، وأنّه كلّما سقط أسرع كان ذلك أفضل لتركيا والاستقرار في المنطقة، وبناء على هذه الفرضيّة وضعت الخطط التركيّة".

أمّا إشارة الانطلاق فهي لحظة تقدّم الجيش السوريّ نحو حلب القريبة من الحدود التركيّة.

5 – كذلك يستعدّ الأردن لإقامة منطقة عازلة على حدوده مع سوريا لتأمين ملاذ آمن للّاجئين المدنيّين والعسكريّين السوريّين المنشقّين، ما يشجّع على اتّساع حركة الانشقاق في صفوف الجيش.

لكنّ الوقت لم يحِن لتنفيذ خطط المناطق العازلة التي يعوّل عليها أن تكون بمثابة قارب النجاة الوحيد للمطلوبين من النظام.

في المقابل، يكشف مصدر قريب من القيادة السوريّة عن "أنّ تشكيلات كرديّة – سوريّة عدّة ستردّ في حال تدخّلت تركيا، وإنّ شعب الأردن لن يسمح بالمنطقة العازلة، أمّا في لبنان، فإنّ عدداً من السفارات التي دعمت مبادرات مماثلة، مثل فرنسا، ستطوّق بميليشيات موالية لسوريا".

المرحلة على مشارف حبس أنفاس، بعدما انتهت مُهل التسوية السلميّة، وارتفع منسوب الخطر من نشوب نزاع عسكريّ تشترك فيه قوى خارجيّة. 

السابق
المعلومات وأمن حزب الله قبضوا على عملاء سي اي ايه
التالي
موريس زرد: باولونيا…كنز اقتصادي وبيئي علينا الاهتمام به