الشرق الاوسط: الجدل يحتدم حول تمويل محكمة الحريري.. ومقربون من ميقاتي لا يستبعدون الاستقالة

قبيل ساعات قليلة من وصول الرئيس الجديد للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان، القاضي النيوزيلندي ديفيد باراغواناث إلى بيروت، احتدم الجدل السياسي بين أطراف الحكومة اللبنانية حول ملف تمويل المحكمة الذي ينذر بتفجير الحكومة من الداخل، وقد لاحت مؤشرات هذا التفجير بإعلان وزير الدولة أحمد كرامي أقرب المقربين من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، أن الأخير "قد يلجأ إلى الاستقالة في حال سقط بند تمويل المحكمة في مجلس الوزراء".

وفي هذا الإطار أكدت مصادر رئيس الحكومة أن "الرئيس ميقاتي يعتبر تمويل المحكمة جزءا أساسيا من تعهدات لبنان التي لا بد من الوفاء بها، انطلاقا من الالتزام بالقرارات الدولية". وقالت هذه المصادر لـ"الشرق الأوسط": "إن الرئيس ميقاتي هو ضدّ كل ما يخلّ بمصلحة لبنان، وما يقرره بشأن التمويل سيطرحه على مجلس الوزراء في الوقت المناسب، لكن الآلية الإدارية أخذت طريقها إلى التنفيذ من خلال الكتاب الذي وجهه رئيس الحكومة إلى وزير العدل (شكيب قرطباوي) ووزير المال (محمد الصفدي) والطلب إليهما إعداد الملف الخاص بتمويل المحكمة". وعن تلويح الرئيس ميقاتي بالاستقالة في حال سقط بند التمويل من خلال التصويت في مجلس الوزراء، اكتفت المصادر بالقول "هذا الأمر يعود للرئيس ميقاتي شخصيا وهو سيتخذ القرار الذي يراه مناسبا في الوقت المناسب".

في ظل هذه الأجواء السياسية الملبدة، يبدأ اليوم رئيس المحكمة الدولية ديفيد باراغواناث زيارته الرسمية إلى بيروت، ويبحث خلالها مع كبار المسؤولين اللبنانيين آلية عمل المحكمة، ويرافقه في هذه الزيارة نائبه القاضي اللبناني رالف رياشي، وعضو هيئة المحكمة القاضي (اللبناني) عفيف شمس الدين، حيث يلتقي كلا من الرئيس اللبناني ميشال سليمان ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ووزير العدل شكيب قرطباوي والنائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا، علما أن رئيس مجلس النواب ولغاية مساء أمس لم يكن حدد بعد موعدا لاستقبال باراغواناث.

وكشف مصدر في المحكمة الدولية، عن أن "الهدف الرئيسي من زيارة باراغواناث هو طمأنة القيادات اللبنانية، إلى أن المحكمة ستعمل بكل نزاهة وتجرد للوصول إلى الحقيقة في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري والاغتيالات الأخرى المتلازمة معها". وأكد المصدر لـ"الشرق الأوسط"، أن "باراغواناث سيوضح للمسؤولين اللبنانيين أن قضاة المحكمة ليسوا عملاء لأي دولة وغير منحازين لأي طرف أو جهة وكل هدفهم إجراء محاكمة عادلة ونزيهة وشفافة، ولا سلطة لأحد عليهم إلا الضمير وسلطة القانون". وأشار إلى أن "رئيس المحكمة سيزور موقع اغتيال الرئيس الحريري في منطقة السان جورج، وسيطلع جغرافيا على الطريق الذي سلكه موكب الرئيس الحريري من أمام البرلمان في ساحة النجمة في وسط بيروت، وصولا إلى مكان التفجير، ليكون على بينة مما حصل على الأرض لما لذلك من أهمية خلال مجريات المحاكمة".

وردا على سؤال عما إذا كان باراغواناث سيبحث مع المعنيين في لبنان مسألة سداد لبنان حصته من ميزانية المحكمة، قال المصدر "لا شك أنه سيناقش هذا الأمر بشكل أساسي، خصوصا أنه سيبلغ المسؤولين اللبنانيين بأنه ملزم بحسب القانون أن يراسل مجلس الأمن خطيا في حال لم تسدد الحكومة اللبنانية ما عليها، وسيشرح للقيادات اللبنانية أيضا أهمية التعاون مع المحكمة، لجهة تنفيذ ما يطلب من لبنان خصوصا ما يتصل بتوقيف المتهمين وتسليمهم إلى المحكمة لمحاكمتهم".
إلى ذلك، أمل وزير العدل اللبناني شكيب قرطباوي، بـ"إيجاد حل سياسي وقانوني لموضوع تمويل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان". وقال لـ"الشرق الأوسط": "بالتأكيد لدي رأي واضح في هذا الموضوع سأدلي به بلا تردد حينما يُعرض الأمر على مجلس الوزراء، ولكن لن أقول شيئا في هذا الخصوص إلا على طاولة مجلس الوزراء"، لافتا إلى أن "تمويل المحكمة ليس مدرجا على جدول أعمال الجلسة (الحكومة) المقررة يوم (بعد غد) الجمعة". وتوقع أن "تكون زيارة رئيس المحكمة الدولية للبنان في إطار التعرف على المسؤولين اللبنانيين"، مؤكدا أنه سيلتقيه غدا (الخميس).
  

السابق
هل يطلق سليمان وبري وميقاتي مبادرة لإنقاذ لبنان؟
التالي
في ضرب المخابرات السورية تفكيك للنظام؟