مستشار وزير الزراعة محمد الخنسا: في انتظار تشريع القانون الخاص بالزراعات العضوية

 تجتاح العالم موجة (العودة الى الجذور) الى عالم الغذاء، مقابل هوس شعبوي بما يسمى(الفاست فوود)، وبإنتظار أن تحزم الدولة اللبنانية أمرها فيما يخّص القطاع الزراعي وفرض الرقابة عليه، سيظل هذا القطاع يعاني قلة الثقة لدى المواطن اللبناني، بعد تعرّضه للعديد من الخيبات في مجال الزراعة التقليدية، خاصة في مجال اللحوم والبيض والمنتجات البحرية التي تفوح منها روائح التلوث على أشكاله. علماً أن مختصين في عالم الأغذية رأوا أن "الريف يشهد تحوّلات سلبية على الصعيدين البيئي والإجتماعي. فهو يفرّغ من أهله الذين صاروا يتناولون الغذاء المستورد والمعلّب. أما المزارع الصغيرة، فتقفل أبوابها واحدة تلو الأخرى أمام مضاربة المزارع الكبيرة، وتقع أراضيها فريسة للمستثمرين الذين يحوّلونها إلى مشاريع تجارية مفرغة من الحياة". وقبلا لابد من التوضيح أن المنتجات البلدية ليست بعضوية.
ومع الدعوة إلى إقرار قانون المزروعات العضوية الموجود في المجلس النيابي، يؤكد أحد الإختصاصيين أن "حجم السوق فيما يتعلق بالزراعة العضوية لا يتجاوز الـ1 في المئة من قيمة حجم القطاع الزراعي التقليدي" .
ولأن فارق السعر بين منتجات الزراعة العضوية وتلك التقليدية، كبير جدا كونه يتراوح بين 20 إلى50 في المئة، فإن قطاع الزراعة العضوية يواجه مشكلات عدة منها كلفة الإنتاج وصعوبة التسويق. والتحدي الأكبر أمام وزارة الزراعة يكمُن في نقل المنتجات الزراعية العضوية من النخبة إلى عامة الشعب.
بعد تجربة غنيّة له مع الجمعيات الأهلية الإنمائية، انتقل المهندس محمد الخنسا للعمل كمستشار لوزير الزراعة الدكتور حسين الحاج حسن وكان لـ(شؤون جنوبية) لقاء معه حول الموضوع.
• بداية ما هو تعريف "الزراعة العضوية"؟
"للزراعة العضوية عدة تعاريف من حيث الشكل. هي نظام إنتاج يعتمد على استخدام المواد الداخلية في المزرعة بشكل مستدام وعدم استخدام مواد ذات خطر بيئي. ويعتمدعلى كل ما هو موجود بالطبيعة. فالزراعة العضوية نظام إنتاج زراعي أقرب الى الطبيعة وهو يراعي التوازن البيئي في نظام الإنتاج الزراعي. ويعتبر هذا النظام من أكثر نظم الإنتاج الزراعي استدامة وحفاظا على البيئة.
وعن دور الوزارة في موضوع الزراعات العضوية، يقول: تُعد الزراعة العضوية من القطاعات الزراعية الأكثر نموا في السنوات العشرين الماضية في لبنان. هذا القطاع نما في لبنان في الفترة الماضية، وترافق ذلك مع اهتمام الناس بالغذاء الصحي، وزيادة الوعي البيئي. وعندما أصبحت النُظم التقليدية للزراعة تظهر مشاكل معينة جاءت المبادرة من المجتمع الأهلي وبعض الجمعيات الأجنبية التي استطاعت تنفيذ بعض البرامج التي ساعدت على إنطلاق هذه الزراعة.
في تلك الفترة لم يُواكب هذا الجهد من قبل وزارة الزراعة بالسرعة المطلوبة، ما أدى الى عدم المساعدة على تطوّر هذا القطاع الحديث نسبيا بالنسبة لنا. وهو كأي قطاع زراعي إذا لم تحتضنه الدولة اللبنانية فأن فرص تطوّره تبقى قليلة.
ويضيف الخنسا:" حين ترأّس الوزير طراد حمادة وزارة الزراعة في العام 2006 شُكلت لجنة للزراعة العضوية وكانت مهمتها الأساس وضع مشروع قانون للزراعة العضوية. وأستطيع القول أنه منذ استلام الوزير حسين الحاج حسن الوزارة تركّز الإهتمام على الزراعات العضوية أكثر من أي وقت مضى، أي منذ العام 2009. وكان الوزير الحاج حسن قد رعى ورشة حول تطوير القطاع أواخر العام الماضي شارك فيها كل المعنيّين تقريبا وصدر عنها مجموعة توصيات يتم العمل منذ ذلك الوقت على تنفيذها. فقد أُرسلت الوزارة مشروع قانون الزراعة العضوية الى مجلس الوزراء.
وشُكلت لجنة في الوزارة لمتابعة تنفيذ التوصيات، وعملت هذه اللجنة على إعداد كافة الأنظمة الداخلية لإنشاء النظام الخاص بهذا الملف، إن على مستوى إصدار القرارات من روح القانون المطروح، أو من خلال إنشاء إدارة مختصة للإشراف على هذا القطاع.

الزراعون العضويون
وعن عمل المزارعين العضويين في ظل غياب القانون الخاص بهذه الزراعة يقول: تمنح شهادات للمنتجين العضويين من خلال شركات خاصة بمنح الشهادات، هذه الشركات بدورها لديها(إعتماد) خاص بها ممنوح لها من مؤسسات مختصة من الخارج، مثل شركة(آي أم سي) وشركة (ليبان سرت). أما عدد المنتجين العضويين في لبنان فيتراوح بين 250-300 مُنتج. هذا هو الواقع الحالي. ونحن كوزارة، ونتيجة الإهتمام بالقطاع الزراعي، باشرنا بإعطاء مساعدات عينية للمنتجين كالأدوية المسموح باستخدامها ونخطط لدعم أكبر. كما ننوي، كوزارة، بعد الإنتهاء من الورشة التشريعية، التعاون مع المنتجين فيما يخص موضوع الترويج للزراعة العضوية.
ومن أهداف الوزارة إتاحة الفرصة لهذه الزراعة لأن تنمو كما هو الحال في مناطق عديدة من العالم، وخلق فرص عمل جديدة. وسوف نتعاون مع أصحاب العلاقة على توسيع شبكة المستهلكين، وخفض كلفة الإنتاج، وتوفير المنتجات العضوية بأسعار ونوعية تناسب كافة شرائح المجتمع.
 

وحول ما يقدم للمزارعين العضويين على مستوى الإرشاد الزراعي أوضح: هناك أكثر من جمعية عملت على موضوع الإرشاد في الزراعة العضوية مثل:(وورد فيجن) و(الخط الاخضر) و(جهاد البناء) و(الجمعية اللبنانية للزراعة العضوية). وقد قام الوزير

حسين الحاج حسن بإنشاء 28 مركز إرشاد زراعي في في مختلف الأقضية اللبنانية يعمل فيها مهندسون وفنيون، ونحن نعمل على توفير مرشدين في مجال الزراعة العضوية في الأقضية حيث تنتشر هذه الزراعة.
وعن فائدة الزراعة العضوية على الصعيد الصحي قال: صحيّا، لا خلاف أن الإبتعاد عن المبيدات والمدخلات الكيميائية في هذه الزراعات هو خيار أفضل. وكما ذكرت سابقا تُعد هذه الزراعة من أسلم النُظم مراعاة للسلامة البيئية، وصحة الإنسان. ونؤكد على خطورة المبيدات الزراعية.

خلل مستمر
• لكن ثمة مزارعين يشكون من خلل في المواسم بعد التحّول من الزراعة التقليدية إلى الزراعة العضوية؟
طبعا، فعندما نبدأ أي انتاج عضوي بعد فترة من إستعمال الأسمدة الكيماوية، يشهد هذا الإنتاج خللا، لكن بعد عدة سنوات يتصحح هذا الخلل. وفي عدة دول من العالم يساوي حجم الإنتاج في الزراعة العضوية لبعض المحاصيل الحجم نفسه في الزراعة العادية.

(كادر)
أبرز الدول التي تعتمد الزراعة العضوية؟
أبرز الدول التي تزدهر فيها الزراعة العضوية هي: الولايات المتحدة وأوروبا واليابان، نظرا للقدرة الشرائية العاليّة فيها، كما للزيادة في مستوى الوعي الصحي والبيئي. وتزداد المساحات المخصصة للزراعة العضوية سنويا في مختلف أنحاء العالم. أما عربيا، فعدد من الدول تهتم بهذه الزراعة منها مصر وسوريا وبعض دول الخليج.

السابق
الضاحية التي هزمت إسرائيل.. هل تهزمها شبيحة المخدرات والخوّات؟
التالي
تركيا وإيران تتقاسمان المنطقة… ولا تتصارعان عليها؟