الخليج والحرب المقبلة

 مع ارتفاع وتيرة التصريحات الدولية، خصوصا تلك الصادرة من فرنسا وألمانيا وروسيا عن النوايا الاسرائيلية بتوجيه ضربة عسكرية للمفاعلات الايرانية النووية، وقلق الدول المحيطة بإيران، خصوصا الدول الخليجية، فإن نتائج هذه الحرب، لو وقعت لا سمح الله، تصنف بالكارثية، خصوصا انبعاث الاشعاعات النووية وتأثيراتها المميتة على كل شيء، ومنها البشر الذين سيصابون بالأمراض ومنها الأمراض السرطانية والتي تقدر الدراسات ان شدة الاشعاع النووي المنبعث له تأثيرات ليست فقط آنية، وإنما أيضا بعيدة المدى تظل لفترة زمنية قد تصل 50 عاما.
واقعنا كدولة صغيرة تقع بالقرب من المحطات النووية الايرانية يعني أنه في حال تدمير هذه المحطات بالوسائل العسكرية فإننا سنتعرض للمخاطر، خصوصا اذا كانت الرياح تحمل الاشعاع في اتجاهنا. لكن كيف نحمي أنفسنا، وماذا قمنا به حاليا من استعدادات مختلفة في حال نشوب الحرب في المنطقة؟ وما دور مجلس التعاون الخليجي في حماية الخليج المهدد بسمائه ومياهه بالملوثات النووية؟ وهل هناك خطة محكمة يمكن تنفيذها حال نشوب الحرب والتي من المؤكد انها ستحدث وفق خطة اسرائيلية سرية ومفاجئة وسريعة؟
لاشك ان تفرد اسرائيل بضرب المنشآت النووية الايرانية لن يكون بمعزل عن التأييد الأميركي وحلفائها، وتقديم الدعم غير المباشر وفي ميادين المعلوماتية والخبرة العسكرية، وربما التزويد بالأدوات العسكرية المختصة بتدمير المنشآت النووية. دراسات تشير الى ان أميركا لوحدها تمتلك صواريخ جو – أرض تقذفها الطائرات فتخترق الأرض بعمق أكثر من 50 مترا مدمرة المسطحات الخرسانية التي تزيد على خمسة عشر متراً سماكة. انها أسلحة ذكية تزن 900 كجم للواحدة، ولها قوة تدمير هائلة.
ومع ان هناك العشرات من المنشآت النووية الايرانية الا ان ثلاث منشآت ترى اسرائيل انها اكثر أهمية من غيرها وهي التي يجب ان تستهدف بدقة، وهذه المنشآت: مركز الأبحاث النووية في أصفهان، مفاعل تخصيب اليورانيوم في نتانز، ومفاعل المياه الثقيلة في آراك.
لاشك ان تدمير هذه المنشآت مع انبعاثات مستويات إشعاعية عالية يجعلنا في دائرة الخطر. لذلك نتمنى على الحكومة ان تعلن خطتها على أساس فرضيات نشوب الحرب وألا تخشى انها بالإفصاح عن مستلزمات مواجهة المخاطر فإنها تساهم في إخافة الناس وخلق الذعر في نفوسهم. فالخوف أو القلق ضرورة لأنه يؤدي الى اليقظة وأخذ الاحتياطات من أجل تجنب الأزمات. هناك واجبات كثيرة على الأفراد والمؤسسات لتجنب المخاطر، خصوصا خلق الوعي، والتدرب على الإسعافات الأولية، وإعداد الملاجئ الضرورية، وتوفير الغذاء والدواء، واتخاذ كل ما يلزم لتجنب المخاطر ضمن إطار العمل الجماعي، الحكومي والشعبي، الموجه نحو حماية الناس والدولة. 

السابق
«لبننة» الأزمة السورية
التالي
الاخوان والكرد السوريون وتركيا