الاخوان والكرد السوريون وتركيا

 صرح المراقب العام للإخوان المسلمين في سورية المهندس محمد رياض شقفة في مؤتمر صحافي عقد في مدينة اسطنبول في الأسبوع المنصرم, أنه اذا رفض نظام الاسد وقف قمعه العنيف فانه يمكن الدعوة لتدخل عسكري أجنبي ويفضل أن يكون تركيا لحماية الشعب السوري. وأضاف "اذا كان المجتمع الدولي يتلكأ…فالمطلوب من الدولة التركية كجارة أكثر من الدول الاخرى أن تكون أكثر جدية في معالجة ذلك اذا اضطرت نتيجة تعنت النظام الى حماية جوية أوهكذا فالشعب يقبل التدخل التركي ولا يريد تدخلا غربيا."
هذا التصريح وماجاء من ردود فعل رافضة له من قبل القوى الكردية ونشطائها, وصلت عند بعضهم من الاصدقاء للحديث بطريقة لاتنم عن الموضوعية في تناول التصريح وسياقاته من جهة, ومنهم لايطبق نفس المبدأ الذي رفض بناء عليه موقف المراقب العام على نفسه بالمثل, وتحولت تركيا بنظر الاصدقاء تارة إلى دولة سنية, وتارة إلى أنها تريد دعم أمارة طائفية وخلاف ذلك في سورية, وهذا جعل الرفض وكأنه يتجه ليكون تهما تنعكس سلبا على وحدة المطلب الديمقراطي السوري الذي عمده الشعب السوري بالدم, سواء كان هذا الدم عربيا أو كرديا, إن توحد الشعب السوري على مطلبه الديمقراطي لايميز بين كردي وعربي أو بين مسيحي ومسلم, واعتقد من باب الامانة انه يجب القول أن غالبية الاتهامات جاءت خاصة من طرف أجواء ونشطاء حزب العمال الكردستاني التركي, وفرعه السوري, الذي كان حليفا لنظام الأسد منذ لحظة تأسيسه وحتى خروج عبد الله أوغلان زعيم الحزب من سورية تحت تهديد الجيش التركي بشكل أساسي. فهل يحق لحزب العمال الاستناد على نظام قمعي كنظام الأسد في نضاله ضد الدولة التركية, ولا يحق للمعارضة السورية, ان تعتمد على تركيا, سواء كانت هذه المعارضة السورية إسلامية أو ليبرالية أو قومية!! على الأقل تركيا ليست دولة دينية, صحيح انه يجب ان يحصل الشعب الكردي في تركيا على حقوقه السياسية كاملة غير منقوصة في تركيا ووفقا للوضع الراهن, والصحيح أيضا, ان هذه المواقف تؤكد بما لايدع مجالا للشك أن حزب العمال الكردستاني لايزال يأخذ المناطق الحدودية السورية كأرضية لوجستية لتحركاته العسكرية, وبخلاف ذلك يصبح هذا النوع من رد الفعل غير مبرر!! أنا اتفهم حركة حزب العمال الكردستاني التركي, ولكن بالمقابل أن يتحول إلى طرف في الداخل السوري فهذا أيضا غير مقبول, وخاصة عندما يبدأ نشطاؤه بالحديث عن الثورة السورية كثورة طائفية, ويدللون على ذلك بالجيش السوري الحر, بأنه ذو صبغة دينية طائفية, مع العلم أنه لايوجد ضابط انشق من أي من التكوينات السورية ولم ترحب به الثورة, أو الجيش السوري الحر, ربما هنالك من هم في هذا الاتجاه يتمنون دخول سورية في حرب أهلية وفوضى لأسباب تتعلق بصراع الحزب الكردستاني التركي مع الحكومة التركية, او من أجل تخفيف الضغط عن نظام الأسد الداعم بالسر والعلن لبعض تحركات هذا الحزب..مع أنني لا اتفق مع الأستاذ المراقب العام للإخوان في طريقة حديثه وطلبه من تركيا بالتدخل بشكل فردي, علما أن تركيا عضو في حلف الناتو, ولا يمكن ان تدخل حربا مع دولة اخرى من دون موافقة من هذا الحلف, أقله من الزاوية الرمزية والسياسية, وإذا كنت اتفهم التصور السياسي عند الأستاذ الشقفة, لكن ليس من مصلحة الثورة السورية فصل الدعم التركي عن الدعم الغربي. وتركيا رغم كل ما يقال فإن موقفها لايزال قاصرا حتى قياسا بموقف الجامعة العربية وبموقف الدول الغربية التي طالبت بشار الأسد بالتنحي ولا تزال الحكومة التركية تطلق التهديدات والوعود من دون أن تنفذ شيئا منها, ذا طابع ملموس. وأنا ضد اي تدخل إقليمي لحماية المدنيين من دون غطاء دولي أو عربي.
كما أنه واهم من يعتقد أن المجلس الوطني السوري, يمكن أن يكون مطية لأية دولة مهما كانت, وليس مضطرا لذلك فهو لايحتاج إلى قواعد عسكرية ولا يحتاج إلى طرق آمنة للحصول على السلاح, كما يفعل حزب العمال الكردستاني التركي. جماهيركم الكردية السورية ليست جزءاً من حربكم على الساحة التركية, حتى لو كانت تساندكم. أيعقل أن تتحول الامور إلى لغة تخوين وتخوين متبادل, لأن الثورة السورية من وجهة نظركم, يمكن أن تسقط النظام الأسدي? وإلا لماذا هذا الهجوم على الثورة من كل حدب وصوب داخل جهازكم الاعلامي? أتمنى أن تعيدوا النظر في طريقة تعاملكم مع الساحة السورية, لأن النظام السوري ساقط عاجلا أم آجلا? لاتراهنوا على أوراق خاسرة واصبحت خارج التاريخ في دعم نضالكم, أنا أعرف جيدا أن القيادات الكردية السورية داخل حزبكم, ليست بذي وزن في قرارات الحزب, وأنا متأكد انه لو تركت لهم حرية الحركة والخطاب لكان خطابهم مختلفا تماما, ولكانت جماهير الحزب خرجت مع الشباب الكرد الذين يخرجون يوميا للتظاهر في القامشلي وعامودا والدرباسية وكل المدن ذات التواجد الكردي ماعدا عفرين واحياء حلب ذات الغالبية الكردية, لماذا برايكم?
وساختم بقول للصديق الكاتب علي ديوب,"كل الثورات كانت مهمتها محددة بخوض صراع الوجود مع نظام حاكم أو محتل, بكامل عدته و عتاده و منظوماته المتعددة..; إلا ثورة الشعب السوري المنكوب بنظام مرتبط بحبال سرة مع أعتى دولة احتلال في العصر الحديث( إسرائيل), و مقترن قرانا كاثوليكيا مع أخطر نظام حكم ثيوقراطي أيضا في العصر الحديث- ايران- و فوق كل هؤلاء محمي بدولة كبرى تحكمها مافيا هي ولية أمره بوصفها مزوده بالسلاح و مختلف أدوات الفتك بشعبنا, أواه يا شعبي الحزين, إن انتصارك ليس أقل من معجزة, لكن من قال أن ثورتك ليست بحد ذاتها معجزة; و أن من اجترح معجزة لن تعجزه معجزة أخرى.. و أخرى.. و أخرى"
فلا تنضموا إلى القوى المعادية لثورة شعبنا السوري بكرده وعربه وكل مكوناته. 

السابق
الخليج والحرب المقبلة
التالي
كلينتون اعترفت فماذا عن الدجَّالين؟