الاخبار : جرعات دعم من حزب الله وجنبلاط للحكومة

 يحقن حزب الله والنائب وليد جنبلاط حكومة الرئيس نجيب ميقاتي بجرعات دعمٍ في ظلّ «الحملة التسويقية لفريق 14 آذار التي تروّج لاستقالة ميقاتي قبل نهاية الشهر الجاري، الموعد المفترض لإحالة ملف تمويل المحكمة إلى مجلس الوزراءأن تدفع الحكومة اللبنانيّة حصّتها من تمويل المحكمة الدوليّة أو لا تدفعها، ليس هو الجديد. فالتمويل لن يمرّ في مجلس الوزراء. حزب الله أبلغ الرئيس نجيب ميقاتي هذا الأمر بوضوح. وزراؤه لن يُصوّتوا. وحلفاؤه، حركة أمل والتيّار الوطني الحرّ وتيّار المردة والحزب الديمقراطي اللبناني وحزب الطاشناق، ملتزمون أيضاً التصويت ضدّ التمويل. يبقى وزراء رئيسي الجمهوريّة والحكومة والنائب وليد جنبلاط، وهؤلاء، وحدهم، غير قادرين على إقرار الأمر.
الجديد هو أن ميقاتي مُصرّ على طرح الموضوع على مجلس الوزراء، بعد عودته من زيارةٍ يقوم بها هذا الشهر إلى الفاتيكان. لذلك، اشتغلت خطوط الاتصال والتواصل أمس بين ميقاتي وحلفائه في الحكومة، وأبرزهم حزب الله. ورغم تفهّم رئيس الحكومة رفض الحزب، إلا أنه لا يزال يُحاول. هو يُريد الهرب من الضغوط الدوليّة، ويستخدم بنحو غير مباشر ورقة التلويح بالاستقالة. إلا أن ميقاتي يعرف أن لا تأثير لهذه الورقة. فحزب الله وحلفاؤه مقتنعون بأن الرجل ليس في وارد الاستقالة، ولن يقبلوا بالرضوخ لهذا الضغط للموافقة على التمويل. لكن مصادر حكوميّة تؤكّد أنه لا يزال هناك الكثير من الاقتراحات والأفكار التي يجري تداولها في لقاءات مكثّفة.
الحدّ الأدنى الذي يُردّده بعض من في فريق الثامن من آذار، هو أن أي بحث لموضوع تمويل المحكمة يجب أن يمر حكماً في مجلس النواب. وتنطلق وجهة النظر هذه من ضرورة أن تسلك المحكمة المسار الدستوري الذي تجنّبت سلوكه، ويُقرّ بروتوكول التعاون مع المحكمة الدوليّة عبر مجلس النواب.
يُنقل عن ميقاتي وجنبلاط كلامٌ مفاده أن حزب الله قبل بالمحكمة يوم ذهب القاضي سليم جريصاتي (القريب من حزب الله) إلى لاهاي تحت عنوان تقديم الاستشارة لفريق الدفاع عن المتهمين الأربعة. وهما ينطلقان في دعوتهما إلى التمويل من سببين رئيسيين: الأول هو عدم الرغبة في الوقوع تحت ضغوط دوليّة. إذ إنهما يلتقيان، دورياً، سفراء وموفدين غربيين يشددون على ضرورة الالتزام بالقرارات الدوليّة، ويحذّرون من أن عدم الالتزام بها سيؤدي إلى «عواقب وخيمة.
أمّا السبب الثاني فهو الواقع الداخلي. يُريد رئيس الحكومة أن يُراكم شعبيّته في الشمال. يؤكد الميقاتيّون أنهم يُحققون أرقاماً جيّدة على المستوى الشعبي، وهناك من يُردّد أن اي انتخابات قد تجري اليوم في طرابلس، ستسفر عن فوز تحالف ميقاتي ــــ الرئيس عمر كرامي ــــ الوزير محمد الصفدي، بسبعةٍ من ثمانية مقاعد في هذه الدائرة. لكن للموضوع زاوية أخرى. صحيح أن جمهور ميقاتي يؤيّده بالكامل، لكنّ لدى هذا الجمهور مشكلةً حقيقيّة مع حزب الله. وظهور ميقاتي بشكل الراضخ لضغوط حزب الله وعدم طرح موضوع المحكمة على طاولة مجلس الوزراء يُضعف ميقاتي كثيراً؛ وهو ضعف بدأت ملامحه بالظهور شيئاً فشيئاً.
أمّا بالنسبة إلى جنبلاط، فإنه يُعاني من مشكلةٍ في قضاء الشوف. الكيمياء مع النائب ميشال عون مفقودة كلياً، والعلاقة بينهما متوتّرة. حتى الوزير شربل نحاس، الذي كان جنبلاط معجباً به في مرحلة معينة، لم يعد محطّ إعجاب، بل أصبح محطّ ذمّ في كل المحيط الجنبلاطي والاشتراكي. لذلك فإن خياراته في الشوف بدأت تضيق، وعليه التحالف مع واحد من اثنين: الناخب المسيحي أو الناخب السني، علماً أن العلاقة الجنبلاطيّة مع أبناء إقليم الخروب باتت أفضل بكثير، وهو عاد زعيماً مقبولاً في المنطقة.
يحاول ميقاتي وجنبلاط، إذاً، عبر دعوتهما إلى إمرار التمويل، مغازلة الشارع السني. ويعتقدان بأن هذه المغازلة قد تعطي نتائج طيّبة في تخفيف حدّة الخلاف السني ــــ الشيعي. لكن الموقف الجنبلاطي محسوم: لا استقالة من الحكومة. وينقل بعض زوّار زعيم جبهة النضال الوطني أنه يُجيب من يسأله عن الاستقالة ممازحاً: «بعد أن يستقيل ميقاتي، وكأن بعد استقالة ميقاتي هناك حاجة لاستقالة الوزراء.
وكان جنبلاط قد أشار، أمس، في موقفه الأسبوعي في جريدة «الأنباء
الاشتراكية إلى أنه يتفهّم «توجس حزب الله من هذه المحكمة، لكنه لا يزال على موقفه من أن «تمرير تمويل المحكمة فيه مصلحة وطنية لبنانية لن تتحقق في حال الاحجام عن التمويل. كما أن من الأنسب لحزب الله، مع الأخذ في الاعتبار تحفظاته بعد صدور القرار الاتهامي، التعاون الايجابي في هذه المسألة بما يخفف من حدة الاحتقان الداخلي. وشدد جنبلاط على أن «حساسيّة الوضع الحالي تحتم أقصى درجات التضامن الحكومي للحؤول دون سقوط لبنان في الفراغ في ظل هذه اللحظة الاقليمية الحساسة، وكم كان من الأفضل تلافي اعتراض لبنان في الجامعة العربية وأن يتم اتخاذ موقف أكثر توازناً.
وإضافة إلى جرعة جنبلاط الداعمة للحكومة، حقن حزب الله جرعة دعم أخرى على لسان النائب حسن فضل الله الذي قال من الجنوب إن «هذه الحكومة الوطنية مستمرة في عملها رغم كل الشائعات والكلام، تارة عن استقالة رئيس الحكومة، وتارة عن إمكان إسقاط الحكومة، وطوراً بتصعيد لغة مذهبية، لن يغير من واقع الأمر في لبنان شيئاً، فالحكومة مستمرة ونحن نريد لها أن تستمر وتنجز وتسهم بالنهوض بوضعنا العام في لبنان.
ورغم هذا الدعم للحكومة، لا يزال فريق 14 آذار مصراً على أن هذه الحكومة تتجه للسقوط. هذا ما قاله نائب رئيس المجلس النيابي رداً على سؤال عن المسار الذي ستتخذه قوى 14 آذار في حال لم يتم التمويل واذا كانت ستعمل على اسقاط الحكومة، فأكّد مكاري أن «الحكومة ستسقط بنفسها ولا داعي للقيام بهذه الخطوة.
أمّا النائب خالد الضاهر فكان أكثر وضوحاً، إذ كشف عن وجود اتجاه لدى تيار المستقبل للقيام «بالواجب السياسي في حماية لبنان والدفاع عن حقوق اللبنانيين وكرامتهم من خلال كل الوسائل المشروعة من ندوات واحتفالات وحتى مظاهرات
. واعتبر أنه «لا يمكن لنا أن نقف مكتوفي الأيدي امام حكومة تحمي القتلة ولا تقوم بواجبها في الدفاع عن الأحياء وحفظ كرامة الشهداء وكشف الحقيقة وتحقيق العدالة. لذلك أعتقد أن قوى 14 آذار والقوى اللبنانية الحية المدافعة عن القيم وعن لبنان لا يمكن ان تبقى مكتوفة الأيدي بل يجب ان تتحرّك وأن تقول كلمتها، مشيراً إلى أن قوى 14 آذار «اليوم في وضع أفضل مما كانت عليه في الماضي، في حين أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في موقف مفصلي بعدما أعلن انه لن يقف مكتوف الأيدي أمام عدم التمويل. وأضاف الضاهر: «أمام الواقع السياسي المأزوم، وأمام تعنّت فريق 8 آذار ورفضه للمحكمة الدولية والعدالة وتمسكه بنهج السلاح، ليس أمام ميقاتي، في مهلة أقصاها شهر، إلا الاستقالة

السابق
ألف طالب وشاب قومي في دمشق دعما لصمود سوريا
التالي
السفير: مسؤول أميركي: «حزب الله قوة عسكرية واستخباراتية لا يُستهان بها