بيضون: الشيعة قلقون على مستقبلهم في المنطقة

رأى النائب والوزير السابق د.محمد عبدالحميد بيضون ان موافقة النظام السوري على المبادرة العربية غير مرتبطة كما سرب اعلاميا بتعريب المراقبين الدوليين كشرط لقبوله بتطبيقها، وذلك لاعتباره انه حتى الساعة وبالرغم من انقضاء المهلة العربية المعطاة له، مازال سير العمليات العسكرية على الأرض يشير الى اقتناع النظام بالحل العسكري وليس بالحل العربي المدرج على متن المبادرة العربية، هذا من جهة، مشيرا من جهة ثانية الى ان النظام السوري يحاول بشتى الوسائل والحجج عرقلة المبادرة العربية لتفادي انسحاب آلته العسكرية من المدن والشوارع السورية، وذلك لاعتبار النظام ان الانسحاب سيؤدي حكما الى وصول المظاهرات الى عتبة قصر المهاجرين، ما يعني ان النظام السوري ما عاد يملك سوى خيار المواجهة مقابل الخيار العربي.

ولفت بيضون في تصريح لـ «الأنباء» الى ان القرار العربي يعتبر النظام السوري في حكم المنتهي، انتقلت بموجبه المعارضة السورية من ضفة البحث في انجاز النظام للاصلاحات الى ضفة البحث بالمرحلة الانتقالية التي ستؤسس لمرحلة ما بعد الرئيس الأسد، وهي الضفة التي تتعارض مع الموقف الروسي الداعي الى حوار بين النظام والمعارضة، والقائم على مبدأ «اللبننة» أي على مبدأ إضاعة الوقت لسنوات عديدة كما هو حال الحوار بين اللبنانيين بمعنى آخر يعتبر بيضون ان الجامعة العربية حسمت الأمر السوري وذهبت باتجاه البحث في المرحلة الانتقالية على عكس الموقف الروسي الذي خلا من أي ضمانات للمعارضة حيال سلمية تحركها.

وردا على سؤال حول رؤيته لاتجاه الأزمة السورية ومستقبل المعارضة، لفت بيضون الى وجود صراع بين مشهدين أساسيين على الساحة السورية سيحدد أحدهما اتجاه الأزمة ومستقبل سورية وهما:

ـ الأول وهو ان المجتمعين العربي والدولي كانا مقتنعين في بداية الأزمة السورية بأهلية الرئيس الأسد لقيادة الإصلاحات، انما لجوء هذا الأخير الى الحل العسكري وسقوط آلاف القتلى والجرحى أسقط تلك القناعة ما آل بهما الى مطالبته بالتنحي عن السلطة، (علما ان المطالبة بالتنحي لن تلقى آذان مصغية بدليل عدم اتخاذ الرئيس الأسد أي خطوات أو إجراءات عملية تشير الى استعداده للتنحي أو أقله الى استعداده للقبول بالمبادرة العربية)، مشيرا في المقابل الى ان المعارضة السورية، اضافة الى رفضها لأي تدخل عسكري خارجي للتأكيد على سلمية ثورتها، استطاعت انتزاع اعتراف دولي بها واكتسبت نتيجة سلمية تحركها، باستثناء تصرفات بعض الضباط والعناصر المنشقين عن الجيش، مصداقية جدية غير قابلة للشك أو الطعن بها، وذلك بدليل استقبال وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف لها في وقت لم يستطع فيه وزير خارجية سورية وليد المعلم زيارته، بمعنى آخر يعتبر بيضون ان المعارضة السورية أصبحت تمتلك العلاقات الدولية وأصبح النظام السوري في عزلة عنها، لذلك يرى بيضون ان قوة المعارضة واكتسابها تدريجيا للشرعية الدولية ووضوح برنامجها للمرحلة الانتقالية هو من سيحدد اتجاه الأزمة ومسارها ومستقبل سورية ما بعد الأسد. ـ الثاني ويعتبره بيضون المشهد الأخطر على المعارضة والذي لابد من تحذير قياداتها منه، وهو ان النظام السوري يتعمد سحب البلاد الى حرب أهلية كي يتسنى له التنصل من الإصلاحات الحقيقية المطالب بها شعبيا وعربيا ودوليا والإفلات من التحضيرات للمرحلة الانتقالية الموصى بها في المبادرة العربية، معتبرا ان هدف النظام من نشوب حرب أهلية هو النيل من سلمية المعارضة وفرض واقع دموي قائم على مبدأ «الغالب والمغلوب» على ان يحكم الغالب بنتيجتها البلاد، معتبرا ان هذا التوجه مجرد فخ ينصبه النظام للمعارضة بحيث سيفقدها شرعيتها الدولية وينهي مستقبلها ومستقبل سورية فيما لو وقعت به او نجح النظام باستدراجها اليه.

وحول ترددات الأزمة السورية على الداخل اللبناني وتسببها في توسيع الشرخ بين اللبنانيين، لفت بيضون الى ان «حزب الله» بدأ يشهد انقسامات بين قياداته نتيجة انحيازه للنظام السوري ضد المعارضة ونتيجة تغطية مواقفه وتصرفاته غير القابلة للتبرير، لاسيما ان المظاهرات في سورية تشهد يوميا عمليات حرق لأعلام «حزب الله» ولصور أمينه العام السيد حسن نصرالله، وصيحات التنديد بالموقف اللبناني الرسمي، مؤكدا بالتالي ان غالبية الطائفة الشيعية ما عادت ترضى بمنطق «حزب الله» القاضي بزجها في الموقع المعادي للثورة السورية، ومستاءة من الإطلالات الإعلامية للسيد نصرالله الداعمة للنظام السوري دون تلفته الى ما تقتضيه مصالح الشعب السوري والمعارضة السورية، كونها معارضة تحظى بشرعية عربية ودولية وكون مطالبها مشروعة ومحقة، خصوصا ان أبرز ما يدعو الى التعجب هو ان إيران أعلنت مرارا عبر رئيسها أحمدي نجاد عن وجود اتصالات بينها وبين المعارضة السورية وكلفت سفيرها في باريس عقد لقاء مع قياداتها، وهي اتصالات تؤكد ان ايران لم تضع كل بيضها في سلة النظام السوري كما هو حال «حزب الله» بحيث يتصرف وكأنه فرع من الشبيحة السورية.

وأضاف بيضون ان شيعة لبنان غير المسلحين باتوا قلقين على مستقبل الطائفة في المنطقة نتيجة دفع «حزب الله» والرئيس بري لها في آتون الصراع السوري واتخاذ المواقف المعادية للثورة السورية، مشيرا الى ان شيعة لبنان يطالبون اليوم الدولة اللبنانية باستقبال المعارضة السورية والاستماع اليها ودعم الانفتاح عليها أسوة باستقبالها السفير السوري وغيره من المسؤولين في النظام السوري.

وعن مخاوف الرئيس بري من اندلاع حرب أهلية في لبنان على خلفية التطورات في سورية، لفت بيضون إلى ان الرئيس بري يلعب دور الكشاف لدى «حزب الله» بحيث ان كلامه عن الحرب الأهلية اليوم يذكر اللبنانيين بتكرار كلامه عن «الشر المستطير» قبيل أحداث السابع من مايو 2008، معتبرا ان التهديد بنشوب حرب أهلية جاء تبعا لإعلان مسؤول الأمانة العامة في قوى 14 آذار د.فارس سعيد استعداده للقاء المعارضة السورية، اضافة الى انه يحمل في طياته محاولة لجعل لبنان مختزل بتوجيهات وزير خارجية سورية وليد المعلم، واصفا التهديد بالحرب الأهلية بالسخيف، مؤكدا انه لا حرب أهلية في لبنان لانتفاء وجود مؤيدين لها من الفريق الأعزل المقابل للفريق المسلح.

وعن مناشدة كل من الرئيس بري والنائب ميشال عون خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز انهاء الأزمة في سورية لاعتبارهما انه الشخصية الوحيدة القادرة على انهائها، لفت بيضون الى ان المناشدة وبغض النظر عن أهدافها وأبعادها حملت في صياغتها الكثير من التزلف والمداهنة، خصوصا لجهة تنازل العماد عون عن كبريائه وتلفظه بعبارة «جلالة الملك وخادم الحرمين الشريفين»، معتبرا من جهة ثانية ان الرئيس بري والعماد عون استشرفا انهيار الوضع في سورية وبالتالي سقوط النظام فيها، فسارعا الى مغازلة الملك عبدالله لاستحداث مكانة لهما لدى المملكة السعودية بمعنى آخر يعتبر بيضون ان التغيير في سورية سيحدث معه تغييرا في لبنان ويقلب موازين القوى فيه رأسا على عقب، وهو ما حمل الرئيس بري والعماد عون على محاولة حجز مقعد في القطار القادم بعد مغادرة قطار المحور السوري ـ الإيراني. 

السابق
عناوين الخطاب الرئاسيّ في ذكرى الاستقلال
التالي
سورية.. الإمساك بزمام المبادرة