أشواق الى بوش

قد يكون العالم مشغولا بأشياء اخرى، لكن اميركا تنتخب المرشح الجمهوري لمواجهة المرشح الديمقراطي المؤكد – باراك اوباما. هذا يثير الاهتمام والضحك معا. في كل يوم يجري الكشف عن قضية جنسية تتعلق بواحد من المرشحين الجمهوريين، وحينما يظهرون أمام وسائل الاعلام يبدون بمظهر هواة محض يحاولون حفظ اجوبتهم عن ظهر قلب سلفا وينسون أهم سطر.

بإزاء جماعة الجمهوريين البائسة هذه تبدأ الاشتياق تقريبا لمرشح بائس آخر نجح في تولي الرئاسة ثماني سنين وهو الرئيس الـ 43 للولايات المتحدة جورج بوش الابن، الذي يبدو اليوم اذا قيس بورثته العقائديين متزنا ومسؤولا تقريبا. ان المرشحين الجمهوريين متحدون على عداوتهم لأوباما ويعارضون أي رفع للضرائب، ويعارضون الاصلاح في الجهاز الصحي، ويعارضون خروج الجيش الامريكي من العراق، ويعارضون خروجه المتوقع من افغانستان، ويعارضون زيادة العجز في الميزانية ويؤيدون بقدر ما عملية عسكرية في ايران لا سيما اذا قامت اسرائيل بالعمل، ومن المفهوم أنهم يعارضون الاجهاض، ويفضل ألا يبلبلوا أذهانهم بجميع أنواع الاسئلة المتعلقة بالشرق الاوسط أو بآسيا أو بافريقيا لأن هذا لا يشغلهم حقا وهم يفخرون كثيرا بأنهم لا يعلمون شيئا عما يسألونهم عنه. 
لا يمكن أن نعلم أي شيء قبل الانتخابات بأقل من سنة بقليل. في هذه اللحظة يخسر اوباما بنسبة 3 في المائة أمام ميت روماني المرشح المتقدم في الجانب الجمهوري، ويتغلب على سائر المرشحين ومنهم نيوت غينغريتش، السياسي القديم الذي يؤلف على نحو رائع بين آرتشي بانكر واستاذ للتاريخ. لكن اوباما يملك أوراق لعب غير قليلة لكونه يتولى المنصب ولكونه الأكثر خبرة بين جميع المنافسين.
يتنبأ فريق من خبراء الاقتصاد الامريكيين بأن الوضع الاقتصادي سيتحسن قليلا وأن البطالة ستنخفض. وان الولايات المتحدة ستعود وتصبح مرساة استقرار اقتصادي في العالم ازاء الازمة في اوروبا وازمة الصين الاقتصادية التي أخذت تقترب. اذا كان هذا هو الوضع بعد سنة فستكون احتمالات فوز اوباما كبيرة جدا.

لكن هذا بعيد من كونه مؤكدا، فحتى لو فاز اوباما فقد يجد نفسه في مواجهة مجلسي نواب مع أكثرية جمهورية وهو شيء سيجعل ولايته الثانية والاخيرة كابوسا، واذا بقي مؤيدوه الخائبو الآمال في بيوتهم في يوم الانتخابات فإنه تحتمل صورة رئيس جمهوري ومجلسي نواب جمهوريين. وسيكون هذا سيئا لاميركا وسيئا للعالم. اذا كان يوجد شخص ما في القدس يعتقد انه في اليوم الذي ينتخب فيه جمهوري رئيسا سينقل السفارة الامريكية من تل ابيب الى القدس، ويخرج لحرب لا هوادة فيها على ايران ويشجع اسرائيل على انشاء مستوطنات جديدة – فانه يخطئ خطأ شديدا. ان رئيسا غوغائيا جاهلا قد يخطب اليوم خطبا تلائم تصور الليكود – اسرائيل بيتنا ويتصرف غدا تصرفا فظا مع اسرائيل اذا بدا له فقط أن الفظاظة تمنحه نقاطا من الرأي العام.
بإزاء المنافسة بين المرشحين الجمهوريين، يصعب احيانا ألا ننفجر بالضحك. لكن يصعب ألا نخاف حينما يكون الحديث عن أهم منصب في العالم. 

السابق
هل أنتَ مَنْ تقول على مواقع الانترنت؟
التالي
أنقذوا البحر