سيناريوهات محتملة لحزب الله لفترة ما بعد الأسد !؟

مع صدور قرار تعليق عضوية سورية في الجامعة العربية, سارعت قيادة "حزب الله" إلى عقد سلسلة اجتماعات لتدارس الموقف وتداعياته على لبنان, وخصوصاً على فريق "8 آذار", وبتحديد أكثر على الحزب نفسه.
وقررت القيادة بنتيجة هذه الاجتماعات إصدار تعميم سياسي داخلي يشرح للأعضاء والمناصرين الخيارات الممكنة لمواجهة ما قد يطرأ في سورية.
الجديد في التعميم أن "حزب الله" الذي كان يجزم أن النظام السوري سيصمد ولو احتاج إلى وقت للخروج من الأزمة قد يطول لسنوات, أدخل هذه المرة في قراءته احتمال سقوط النظام, محدداً مهلة لا تتجاوز الثلاثة أشهر لذلك, وواضعاً قاعدته في أجواء خطة مواجهة ذلك لبنانياً.

يشير التعميم إلى أن القيادة اتخذت منذ الشهر الأول لاندلاع الأزمة السورية إجراءات معينة تخص الوضع العسكري للحزب, من دون تحديد ماهية هذه الإجراءات, وهي لا شك إشارة إلى تفريغ كل مستودعات الأسلحة التابعة للحزب داخل الأراضي السورية ونقلها إلى لبنان.
أما على الصعيد السياسي, فيقدم التعميم احتمالين بالنسبة للوضع الحكومي ربطاً بالتطورات السورية, من دون أن يجزم الأرجحية لأحدهما, لأن موقف الرئيس نجيب ميقاتي لا يزال مجهولاً:

الاحتمال الأول أن يستغل ميقاتي تردي وضع النظام السوري ونهايته الوشيكة ليفرض على الحزب وشركائه تمرير تمويل المحكمة تحت طائلة التهديد بالاستقالة, وبطبيعة الحال فإن فريق "8 آذار" لن يقبل, وهذا يعني الاستقالة المؤكدة للحكومة, التي سيقدمها ميقاتي لجمهوره ولجمهور "14 آذار" بأنها "توبة" وتراجع عن الانقلاب الذي مارسه.

في هذه الحالة سيضطر الحزب ومن معه إلى توتير الأجواء الداخلية, أمنياً من خلال بعض الحوادث, واجتماعياً من خلال تظاهرات واعتصامات, وممارسة الضغوط السياسية على النائب وليد جنبلاط لمنع حصول استشارات نيابية تفضي إلى تكليف إحدى شخصيات "14 آذار" لتشكيل الحكومة الجديدة. ولن يتمكن أحد من تشكيل حكومة من دون رضى "حزب الله", فيقع الفراغ الحكومي لفترة طويلة, ولا يخرج البلد من هذه الحالة إلا باتفاق جديد مماثل لاتفاق الدوحة يعيد طرح تشكيل حكومة "وحدة وطنية", يملك فيها الحزب قوة التعطيل.

الاحتمال الثاني أن يسقط قرار تمويل المحكمة في مجلس الوزراء من دون استقالة ميقاتي, وهو ظاهرياً الاحتمال الأقل ضرراً, ولكن في الواقع فإن بقاء الحكومة, في الوقت الذي يتداعى فيه النظام السوري, سيضع لبنان أمام مخاطر العقوبات الدولية القاسية, والتي سيستغلها فريق "14 آذار" للهجوم على "حزب الله" وحلفائه, وقد يلجأ إلى الشارع, بحيث سيضطر الحزب للمواجهة في الشارع أيضاً. ولكن في نهاية المطاف سنصل إلى النتيجة نفسها, أي اتفاق جديد ينهي الفوضى بتشكيل حكومة مع "14 آذار".

يغلب على تعميم "حزب الله" الطابع التفاؤلي, حيث تنتهي قراءته للوضع اللبناني بعد سقوط النظام السوري, بأنه يستطيع السيطرة على لبنان, عسكرياً وسياسياً, ليقوم بعد ذلك بمساومة ما تحفظ وجوده, ولكن ما يغيب عن التعميم هو قدرة الفريق اللبناني الآخر, أي فريق "14 آذار", وحلفائه الإقليميين والدوليين, على مقاومة هكذا سيناريو وإسقاطه, فقد اعتاد "حزب الله" على ممارسة العمل السياسي بذهنية عسكرية بحتة, بحيث لا يرى في موازين القوى إلا الجانب العسكري, لثقته أنه متفوق فيه.
  

السابق
النهار: الصفدي رفع طلب سلفة لتمويل المحكمة وجنبلاط: إذا كان للنسبية رسالة فقد فهمناها
التالي
الحياة: لقاءات السنيورة في الفاتيكان ومصر ركزت على طمأنة مسيحيي الشرق