السفير: سوريا تطالب بـتعريب بعثة المراقبين واحترام سيادة الدولة

أصبح مصطلح «الحرب الاهلية» السورية شائع الاستخدام بين مختلف العواصم، ما بين الترغيب والترهيب، والنفي والتأكيد. تداولته واشنطن وأنقرة وباريس وطهران، أمس، غداة التحذير الذي أطلقته موسكو للاشارة الى احتمالات انزلاق الوضع الامني المتأزم الى «حرب أهلية» بين السوريين، بعدما تصاعدت العمليات العسكرية التي يشنها مسلحون ضد القوات الأمنية والمراكز الحكومية، وتزايد التقارير حول جرائم قتل وخطف طائفية. وبينما يفترض ان تنتهي اليوم «المهلة» التي حددتها الجامعة العربية للرد على المبادرة العربية حول الازمة السورية، طلبت دمشق من الأمين العام للجامعة نبيل العربي تعديلات على مشروع البروتوكول المتعلق بمركز ومهام المراقبين الذين تنوي الجامعة إرسالهم إلى سوريا، مشترطة أن يكون المراقبون من جنسيات عربية فقط، وألا تتعدى مهمتهم سيادة الدولة السورية.
وقال العربي، في بيان، إنه تلقى رسالة من وزير الخارجية السوري وليد المعلم أول من أمس تضمنت «تعديلات على مشروع البروتوكول بشأن المركز القانوني ومهام بعثة مراقبي جامعة الدول العربية إلى سوريا» الذي أقره مجلس الجامعة على المستوى الوزاري في 16 تشرين الثاني. وأضاف ان «هذه التعديلات هي محل دراسة الآن».
وكان وزراء الخارجية العرب قد هددوا، خلال اجتماع في الرباط الأربعاء الماضي، بفرض عقوبات اقتصادية على النظام السوري ما لم يوقع خلال ثلاثة أيام بروتوكولا يحدد «الإطار القانوني والتنظيمي» لبعثة المراقبين العرب التي ستُرسل إلى سوريا لحماية المدنيين.
وقال مصدر دبلوماسي لـ«بي بي سي» إن سوريا ردت على ورقة الجامعة العربية بورقة معدلة «تحافظ على روح النص وطبيعة المهمة وتحفظ في الوقت نفسه سيادة سوريا». وأوضح أن «الجانب السوري مستعد للتوقيع فورا على الورقة المعدلة التي تطالب بدرجة أكبر من التنسيق مع الحكومة السورية».
وأضاف المصدر أن «سوريا أبدت استعدادا لاستقبال بعثة من الجامعة العربية، ومن ضمنها مراقبون إذا اتُّفق على التعديلات التي طلبتها دمشق»، موضحا أنه «يجري حاليا العمل على بعض التفاصيل»، لكنه أشار إلى أن ذلك لا يهدف إلى «عرقلة مهمة» الوفد.
وقال مصدر لـ«السفير» إن سوريا اشترطت أن يكون المراقبون من جنسيات عربية فقط، وألا تتعدى مهمة المراقبين سيادة الدولة السورية. ولم يكن واضحا من تصريحات المصدر إن كانت دمشق تحفظت على أحد نصوص البروتوكول التي تحمل السلطات السورية مسؤولية حماية المراقبين، وذلك في ظل تعرض القوات العسكرية والأمنية السورية للكمائن والقتل.

كلينتون
واعتبرت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، في مقابلة مع شبكة «ان بي سي»، أن اندلاع «حرب أهلية» في سوريا أمر ممكن، في وقت أخذ «معارضون يردون على قمع النظام السوري باستخدام السلاح».
وقالت «أعتقد انه يمكن أن تندلع حرب أهلية إذا وجدت معارضة لديها تصميم كبير ومسلحة جيداً وتتمتع بتمويل كبير». وأضافت أن هذا العمل المسلح «إذا لم يتول قيادته المنشقون عن الجيش فسيؤثرون فيه بالتأكيد. إننا نراه ولا نوافق على ذلك، لأننا نؤيد التظاهرات السلمية والمعارضة غير العنيفة». وحرصت على القول إن «نظام (الرئيس بشار) الأسد هو الذي دفع الشعب من خلال العنف الذي يمارسه منذ أشهر الى حمل السلاح ضده».
ويتناقض تقويم كلينتون مع رفض المتحدث باسم وزارتها مارك تونر، أول من أمس، التحذير الذي أعلنه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من أن هجمات المعارضين على المباني الحكومية تشبه «حربا أهلية».
وقال تونر امس ان واشنطن لا ترى أي إشارات حول ان الحكومة السورية ستحترم اقتراح الجامعة العربية. وأضاف «لقد خسروا كل مصداقية، ولهذا نعتقد انه يجب على الأسد التنحي والسماح بعملية انتقال ديموقراطية».
بوتين
وانتقد رئيس الحكومة الروسية فلاديمير بوتين، بعد اجتماع مع نظيره الفرنسي فرانسوا فييون في موسكو، باريس لتدخلها في شؤون الدول الأخرى، مكررا تحذير موسكو من أي تدخل عسكري في سوريا.

وعما اذا كانت روسيا ستدعم الدعوات للأسد بالتنحي أو قرارا دوليا بإدانته، قال بوتين «نحن على استعداد للعمل مع المجتمع الدولي لكننا ندعو إلى توخي الحذر وضبط النفس»، مضيفا «هذا هو موقفنا» إزاء سوريا. وأضاف «نرى أنه من الضروري عدم استخدام القوة على الإطلاق في حل مسائل من هذا النوع».
ومن جانبه، كان تصريح فييون أشد لهجة ضد دمشق، قائلا «نعتبر ان الوضع يتردى أكثر فأكثر، والاسد صمّ أذنيه بمواجهة الدعوات من جانب الاسرة الدولية ولم يفِ بوعود الاصلاح وما زالت أعمال القتل مستمرة». وتابع «نعتقد انه لا غنى عن زيادة الضغوط الدولية، وتقدمنا بمسودة قرار أمام الامم المتحدة نأمل ان تجد دعما واسعا قدر الامكان».
إيران
وحذرت طهران من ان قرار الجامعة العربية تعليق عضوية سوريا هو «خطأ تاريخي» وسيؤدي الى حرب أهلية في هذا البلد.
ونقلت وكالة «الأناضول» عن رئيس اللجنة البرلمانية الايرانية للشؤون الخارجية علاء الدين بروجردي قوله، في مؤتمر صحافي في السفارة الايرانية في أنقرة، ان «النهج الذي سلكته الجامعة العربية يهدف الى إلحاق هزيمة بسوريا من الداخل والتسبب بحرب أهلية».
وأضاف «كان ذلك خطأ تاريخيا بتعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية». واعتبر ان «الحل الافضل لوضع حد للاضطرابات التي تشهدها سوريا راهنا، يكمن في أن يواصل الرئيس بشار الاسد الاصلاحات».

جوبيه وداود أوغلو
وأعلن وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه، خلال مؤتمر صحافي مع نظيره التركي احمد داود اوغلو في أنقرة، أن «الوقت حان لتشديد العقوبات على النظام السوري الذي لم يستجب للمطالب». (تفاصيل صفحة 13)
وأبدى جوبيه تشاؤمه إزاء إمكان أن يحترم النظام السوري المهلة التي حددتها الجامعة العربية لوضع حد لأعمال «العنف». وأكد أن «نشوب حرب أهلية سيكون كارثيا»، ودعا المعارضة السورية إلى تفادي «اللجوء إلى التمرد المسلح». وكرر أن فرنسا تعارض «أي تدخل أحادي الجانب» في سوريا، وان مثل هذا التدخل إذا حصل يجب أن يتم في إطار تفويض من مجلس الأمن الدولي.
وحذر داود اوغلو، من ان «المنشقين عن الجيش السوري بدأوا بالتحرك في الفترة الاخيرة ولذلك هناك مخاطر بالانزلاق الى حرب أهلية». وأضاف «انه حتى الآن من الصعب التحدث عن حرب أهلية، لأنه في هذه الحالة هناك جانبان يتحاربان. بينما في الوضع الحالي غالبية السكان يتعرضون لهجمات من قوات الامن. لكن هناك دائما خطر أن يتحول ذلك الى حرب أهلية».
وعما إذا كانت تركيا تعتزم إقامة منطقة عازلة أو فرض منطقة حظر جوي على حدودها مع سوريا، قال داود اوغلو إن مثل هذا الإجراء ليس مطروحا في الوقت الحالي، إلا انه أضاف انه من الممكن اتخاذ «إجراءات» في المستقبل.

واعتبر المتحدث باسم الخارجية الفرنسية برنار فاليرو ان «الهجوم الذي استهدف مقرا للاستخبارات السورية من قبل عناصر منشقين عن الجيش ليس سوى نتيجة للإصرار الأعمى والوحشي للاسد على قمع شعبه». وأضاف «يجب ألا نتعجب في مثل هذه الظروف من ان نصبح في مواجهة اوضاع من هذا النوع، من هنا الضرورة الملحة لكي يتجند الجميع في المجتمع الدولي لكي يتوقف كل ذلك». وحرض الجنود السوريين على النظام، معتبرا انه «كلما اتسع الانشقاق تضاءلت قبضة القمع».

ويبدو أن باريس أصبحت مقر لقاءات بريطانية وأميركية مع أطراف المعارضة السورية. وينتظر وفد من الخارجية الأميركية وصل باريس أمس، إجراء لقاءات، مع شخصيات لم تحدد بعد من المعارضة السورية. وصباح أمس، وفي مقر السفارة البريطانية في باريس، التقت السفيرة البريطانية السابقة في لبنان فرانسيس غاي، وهي المسؤولة حالياً عن الملف السوري في الخارجية البريطانية، سبع شخصيات من المعارضة السورية، لا يضمون أفراداً من المجلس الوطني، وينتمون إلى هيئة التنسيق للتغيير الوطني والديموقراطي، كحسين كامل، وتيار الدولة كريم تركماني وشخصيات مستقلة كسمير عيطة.
وفي اللقاء الأول من نوعه بين دبلوماسي بريطاني ومعارضين سوريين، عرضت غاي للوفد السوري المعارض اعتراضات مشابهة للاعتراضات الفرنسية على أي تدخل عسكري. وقالت للوفد إن أي تدخل عسكري لن يأتي بحل، وقد يؤدي إلى حرب أهلية لو وقعت فلن تتوقف نيرانها عند الحدود السورية، بحسب ما نسب إلى السفيرة البريطانية السابقة في لبنان.
من جهة اخرى، قال متحدث باسم مجموعة «توتال» النفطية الفرنسية إن السلطات السورية توقفت عن دفع المستحقات المالية للشركة عن أنشطتها لإنتاج النفط. وقال متحدث باسم توتال «لم نعد نتلقى مدفوعات من الحكومة السورية» مضيفا ان الشركة لاحظت انخفاضا طفيفا في انتاج النفط في سوريا   

السابق
نهاية نظام إقليميّ
التالي
اليونيفيل: هل تنجز خطة انسحاب في حال تعرضت لاستهدافات