عون وبري وإنقاذ الأسد

لا ألوم كل رفاق بشار الأسد وحلفائه وهم يبحثون عن مخرج له من أزمته الخطيرة، فقد أدركوا جميعا أن السيل الهادر في سوريا سيجرف النظام.

نبيه بري، رئيس مجلس النواب اللبناني والحليف الدائم للأسد، دعا العاهل السعودي إلى مساعدة بشار الأسد قائلا إنه الوحيد القادر على إنقاذ الوضع في سوريا!.. وردد هذه الاستغاثة الجنرال المتقاعد ميشال عون، الذي ميز نفسه عن بقية القيادات اللبنانية بهجومه الصريح والمتكرر ضد سنة لبنان من دون أن يفرق بين الخلاف السياسي مع تيار المستقبل ومخاطر الإساءة لطائفة بأكملها.

لماذا هذه الاستفاقة المتأخرة، وكيف يمكن لأي كان أن يصحح أخطاء عشر سنوات ارتكبها الأسد واستكملت بثمانية أشهر مروعة من القتل والتنكيل والاستهزاء بكل النداءات المخلصة؟

بري وعون يعرفان جيدا كيف أن زعيمهما الأسد هو الذي أدار ظهره لكل النصائح المخلصة والمحاولات الصادقة من الرياض لدفع النظام السوري خارج طريق الشر، في لبنان والعلاقة مع إيران، وحتى داخل سوريا، لكن المكابرة أعمت أعين القيادة السورية التي تبنت سياسة الميليشيات والبلطجة بالاغتيال والتخويف والمفاخرة بالعلاقة مع طهران.

لا نعرف أحدا صبر وكظم غيظه مثل الملك عبد الله، حتى منذ ما قبل اغتيال الحريري، بمحاولات التوسط والمصالحة، ثم الأحداث العنيفة التي أتت على اغتيال قيادات لبنانية باستخدام حزب الله.

كان المشروع السعودي هو نقل نظام بشار داخليا من الفقر، ومساعدته على تطوير اقتصاده ودولته، وإخراجه من حلفه مع نظام طهران. إنما قاتل الله الجهل والغرور.

لا أدري كيف لأي كان أن يساعد النظام السوري اليوم في محنته الخطيرة.

في تصوري، بشار الأسد وحده قادر على إنقاذ بشار الأسد ونظامه. أولا، عليه أن يكف عن القتل والسجن. عليه أن يستيقظ وأن يصبح – ولو للحظة – واقعيا، فيدرك أن نظامه انتهى. لم يعد هناك مجال للتنظير والتحليل والتخطيط. العمل الجيد الوحيد الذي بقي له أن يفعله هو أن يدفن نظامه حتى يشفع له مستقبلا.. أن ينقل الحكم إلى نظام جديد، يقرر فيه السوريون من يختارون بأنفسهم وبترتيب وإشراف ورقابة دولية.. وبذلك يحمي بلاده من الانهيار، ويبعد الجماعات التي تريد استغلال انهيار الأسد لزرع الفوضى والحرب الأهلية مثل إيران، ويؤمن للأقليات المتهمة كل الحماية الضرورية من تبعات السقوط الخطيرة، وأخيرا قد يحظى هو نفسه بخروج آمن.

الذي أعنيه أن الفرصة الوحيدة المتبقية للأسد أن يكون شريكا في ترتيبات جنازة نظام الأسد. يستطيع أن يجعل الخاتمة بيده لا بيد خصومه والقوى الإقليمية والدولية. ولا أقولها سخرية أو شماتة بل أعنيها، فالخناق يضيق وسيضيق حتى ينهار كما انهار نظام القذافي، بل أسوأ، لأن الدمار سيكون أوسع وأكثر دموية. فإن قبل أن يكون طرفا في تسليم السلطة، بل والترتيب لها شكليا، هنا يمكن أن يجد تعاطفا خارجيا يسمح له بالهجرة إلى موسكو أو طهران، ويفتح عيادته الطبية، المهنة التي يقول المفتي الحسون إنه طالما اشتاق إليها. 

السابق
ابي نصر: باب الطعن مفتوح لمن يجد نفسه مظلوما بسحب الجنسية
التالي
حوري: بري يمارس سياسة حماية الحكومة