الحياة: بري بعد اتهامه بمنع محاسبة الحكومة: حق للنواب استعجال استجوابها

غلب على جلسة الأسئلة والأجوبة التي عقدها المجلس النيابي اللبناني امس برئاسة نبيه بري وحضور رئيس الحكومة نجيب ميقاتي والوزراء، طابعُ التهدئة. على رغم السجال الذي دار بين بري ونواب من المعارضة على خلفية عدم تطبيق النظام الداخلي، واتهام بري «بحماية الحكومة وبعدم وجود نية لديه لمحاسبتها ومناقشتها»، واحتواء الاخير النقاش، عبر تاكيده أن الجلسة للأسئلة وليست للمناقشة، وأنه سيبحث مع هيئة مكتب المجلس في عقد جلسة مناقشة.

وبعد نقاش بين بري وأعضاء هيئة المكتب، الذين شددوا على «ضرورة احترام النظام الداخلي وحقهم في التشاور معهم والمشاركة في إعداد جدول الاعمال»، قال بري: «نريد تطبيق النظام الداخلي ونمشي بالدور» (في موضوع الاسئلة). واستهل كلامه مهنئاً منتخب لبنان لكرة القدم بالفوز، باسمه وباسم المجلس والشعب اللبناني. وقال: «اذا كانت القدم اللبنانية تستطيع جمع اللبنانيين، لعل العقل اللبناني يجمعهم اكثر».

واثار النائب مروان حماده موضوع اقتحام مطرانية الارثوذكس في الاشرفية، معتبراً ان ما حصل يستوجب من المجلس النيابي والحكومة الاستنكار والإدانة.

ورد بري: «حصل اعتداءان في مدينة صور وكأنهما لطائفة معينة، والآن لنبق في موضوع الجلسة».

وقال نائب رئيس المجلس فريد مكاري: «اتصلت بأحد الزملاء وسألته عن فحوى الجلسة، عندما أتى جدول الاعمال تبين ان هناك اسئلة موضوعة».

وقال حماده بالنظام: «الشيء الوحيد الذي نصرّ عليه كهيئة مكتب المجلس هو الالتزام بالمادة 8 من النظام الداخلي، اضافة الى المادة 128، وتمنينا ان يوزع جدول الاعمال».

بري مقاطعاً: «وزعناه، علينا ان نسير بالدور، وتطبيق النظام الداخلي، لو فضلت الرئاسة سؤالاً على سؤال ستكون أسئلة وأجوبة». ورد حماده: «ربما السؤال الثامن مهم وإستراتيجي، حصرت الموضوع بسبعة اسئلة وطالبت بأن تعقد جلسة لهيئة المكتب يوم الإثنين». بري: «قلت إنني أسير بالدور ولا ضرورة لعقد جلسة للاستجوابات».

وأبدى بري أسفه لإثارة مسألة النظام الداخلي في الإعلام وليس في اجتماع لهيئة مكتب المجلس، سائلاً: «ما هي الجريمة النكراء التي ارتكبها رئيس المجلس؟». وأكد الاتفاق على عقد جلسة للأسئلة والأجوبة مع أعضاء هيئة المكتب قبل عيد الاضحى، لافتاً الى أنه حدد بنود جدول الاعمال وفقاً لورود الاسئلة اليه. وأضاف:» إذا كان هناك نواب مستعجلون على استجواب الحكومة وطرح الثقة بها، فهذا من حقهم».

وهنا أعلن النائب بطرس حرب أنه سيتوجه بتقديم عريضة هو و10 نواب لعقد جلسة لاستجواب الحكومة في موضوع المحكمة والمتهمين والسياسة المالية والاجتماعية والوضع الامني، لانه لا يجوز ان تكون الحكومة غائبة عما يجري ولا يزال هذا الصرح البرلماني بعيداً من بعض الامور السياسية». ثم تقدَّم بالعريضة بعد انتهاء الجلسة.
  وقال فتفت إن «المادة الثامنة مادة أساسية وهناك تجاوز لها». بري: «لم يحصل مرة». فتفت: «هناك قانون النفط لم يمر على هيئة مكتب المجلس». بري: «لا أسمح بالمس بالنظام الداخلي او بالقانون بأي شكل، لرئيس المجلس الحق وللمجلس حق الرفض». فتفت: «نصر على ان يمر أي جدول اعمال على هيئة المكتب». بري: «مش على خاطرك بهذا الموضوع، هناك تكلم بحسب الورود». فتفت: «مكتب المجلس له حق ان يقرر». بري: «ليس عليك ان تقوم بانتقادات». فتفت: «علينا ان نلتزم بتطبيق المادة الثامنة». بري: «انا أطبقها ولا اتحمل اختيارات بموضوع الاسئلة والاجوبة، سر بحسب الدور». فتفت: «كانت الحكومة تأتي ايام حكومة الرئيس فؤاد السنيورة الساعة الثانية عشرة من اجل المحاسبة، الآن لا يتم هذا الموضوع». وعندما قال له نواب من 14 اذار انه كان يعقد جلسة أسئلة كل يوم ثلثاء في عهد السنيورة أجاب بري: «لا تنسوا اننا اعطينا فرصة لحكومة السنيورة اكثر من الآن».

واستغرب نواب عدم نقل الجلسة مباشرة على الهواء عبر وسائل الاعلام. وتوجه حرب الى بري قائلاً: «أفهم خوفَك من الاعلام بعد ما رأيناه من ملاكمة على التلفزيون». فيما رأى فتفت في غياب النقل المباشر «نهجاً لحماية الحكومة وعدم محاسبتها». ورد بري بأنه «لم تدرج العادة على البث المباشر في جلسات الاسئلة والاجوبة بل في جلسات الثقة والموازنة والمناقشة العامة».

واضاف: «اما في شأن الملاكمة الحمد لله مضى على وجودي في رئاسة المجلس 20 سنة ولم يأكل احد بوكس».

وبعد تلاوة الاسئلة والاجوبة، لم يكتف بجواب الحكومة حول تلوث مجرى الليطاني فطلب تحويله الى استجواب. اما النائب محمد الحجار، فاكتفى بالجواب حول قضية وفاة الطفل رامي الهاشم في احد المنتجعات السياحية، قائلاً: «إن المسؤولية تقع على الحكومة مجتمعة».

ثم طرح سؤال فتفت المتعلق بإصدار جوازات سفر بأسماء غير صحيحة، ومنها جواز سفر لمواطن لبناني اعتقل في مصر وكان يتولى تهريب اسلحة الى «حماس» في غزة، وتبين ان اسمه الحقيقي محمد منصور إلاّ انه اقام في مصر تحت اسم سامي شهاب، وقد ظهر في مهرجان لتنظيم مسلح. وقال: «هذه جريمة نفّذها جهاز أمني لبناني ولم يحصل نفي من الأمن العام ولم تُتخذ اجراءات في حق المسؤولين». وعندما حاول الاستطراد بالكلام الى قضية خطف المعارضين السوريين والمحكمة الدولية وقال: «هل أنتم يا دولة الرئيس مصممون على التغطية على الجرائم البشعة، حيناً بالنأي بالنفس او الزج بالنفس في القاهرة»، على خلفية التصويت في الجامعة العربية، قاطعه بري داعياً إياه الى البقاء في موضوع السؤال تحت طائلة منعه من الكلام، وتوجه اليه قائلاً: «اذا عندك شيء عن النأي بالنفس فهذا شرفٌ ندّعيه».

وتوجه فتفت الى وزير الداخلية بالقول: «تكلم عن عمليات اغتيال قد تحصل ولم يعطنا تفاصيل عن المعلومات التي تحدث عنها. كما رفض اعطاء معلومات عما اذا كان اهل المخطوفين السوريين من آل جاسم غادروا الاراضي اللبنانية، وحول موضوع ( المخطوف شبلي) العيسمي؟».

وردّ الوزير مروان شربل قائلاً: «منذ عُيِّنت وزيراً للداخلية، فتشت لأرى ما أنجزه الوزير فتفت أثناء توليه الداخلية فلم أجد شيئاً». واجاب فتفت: «انجزت اشياء كثيرة واشياء مُنعت من القيام بها». وحاول التكلم مجدداً، فقال له بري: «عليك ان تقول اكتفيت بالجواب او لا فقط، وأنا لا اريد سياسة هنا في هذا المجال». فردّ فتفت: «كله هنا سياسة، بدءاً من جدول الأعمال»، فعقّب بري: «انا لا سياسة عندي في ادارة الجلسة، ناقشني في هيئة مكتب المجلس».

وسجل النائب نواف الموسوي ملاحظة رد فيها على فتفت، وقال: «ما قام به محمد منصور عمل بطولي، ونعتز بأننا قدمنا الدعم للقضية الفلسطينية، والجريمة هي في محاصرة الشعب الفلسطيني وليس في من يساعده»، فيما سجَّل حرب اعتراضه على «عدم تطبيق النظام الداخلي».

أما في موضوع السؤال عن عائدات البلديات من القطاع الخليوي المقدم من النائب غازي يوسف، فانضم بري الى الاخير في مطالبة وزير الاتصالات نقولا صحناوي بإنصاف البلديات وتوزيع الاموال بحسب السكان. ولفت بري الحكومة الى «ضرورة الالتزام بمهلة الرد على اسئلة النواب خلال 15 يوماً، فردَّ رئيس الحكومة بأن السؤال وصل متأخراً».

وبعد جواب صحناوي عن تشكيل لجنة تضمه ووزيري المال والداخلية لحل الموضوع، حوَّلَ يوسف سؤاله الى استجواب، كذلك فعل في موضوع جريمة التعدي على ممتلكات اوجيرو في مبنى العدلية بعدما قال صحناوي إنه دخل الى وزارته، وإنه حصل خلع لباب الغرفة الموجودة فيها معدات الاتصالات. ثم تلي محضر الجلسة وصُدِّق وكانت الساعة تشير الى الاولى والنصف عند رفعها.

وبعد انتهاء الجلسة قال النائب فتفت: «شكَّلت الجلسة، التي كان يفترض ان تكون لمحاسبة الحكومة، طعنةً للديموقراطية ولعمل مؤسسة المجلس النيابي، من ناحية الرقابة والمحاسبة، حيث تم تفريغ المضمون من اساسه من خلال جدول الاعمال، بداية بانتهاك المادة الثامنة من النظام الداخلي، اذ كان يفترض بمكتب المجلس ان يضع جدول اعمال الجلسة وليس رئيس المجلس».

وأضاف: «كان هناك ايضاً انتهاك لحقوق النواب ولإمكان ردهم على اجوبة الحكومة من خلال رفض الرئيس بري تطبيق المادة 129 من النظام الداخلي وهي واضحة جداً، إذ تقول إنه بعد تلاوة الاسئلة والاجوبة يحق للنائب الذي طرح السؤال ان يرد على الحكومة، وعلى الحكومة بعد ذلك ان ترد اذا ارادت، ومن ثم تحويل السؤال الى استجواب، فاختصر الرئيس بري حق النائب فقط بطرح السؤال، وبالتالي فإن هذا انتهاك اضافي لحقوق النائب ونوع من حائط حماية يوضع امام هذه الحكومة لمنع المساءلة والمحاسبة عنها».

وبدوره قال النائب الحجار إن «المادة 124 من النظام الداخلي تنص على التعقيب على الاسئلة والاجوبة. وكان من المفترض على رئيس المجلس ان يفسح المجال امام الاسئلة الشفوية التي توجه الى الحكومة، وللأسف الرئيس بري رفع الجلسة ولم يسمح لنا بأن نمارس هذا الحق».

دفاع نواب الموالاة

ودافع نواب الموالاة قاسم هاشم وغازي زعيتر ونواف الموسوي عن بري، فقال هاشم: «يبدو ان هناك من لا يريد ان يفتش عن مصلحة لبنان ومصلحة اللبنانيين في توفير المزيد من الاستقرار على كل المستويات، ويريد هذا البعض الاثارة وفق اهواء سياسية بعيدة من المصلحة العامة التي كانت تقتضي هدوءاً في الخطاب السياسي في مثل هذه الظروف، فإذا كان من كلام، فإننا نقول فعلاً شكراً للرئيس بري على ادارته الجلسة وعلى رحابة صدره وتوخّيه المصلحة الوطنية في شكل محايد وفق ما تقضيه الاصول والمصلحة العليا».

وقال زعيتر: «بعدما استمعنا لبعض الاصوات بعد الانتهاء من الجلسة، يبدو ان هناك أناساً لا يهمهم الا الحقد على كل ما هو وطني، والكراهية لكل عمل مقاوم ضد العدو الاسرائيلي، حتى الحقد على تطبيق القوانين، فالرئيس بري لم يمارس الا النظام في رئاسة المجلس، ولكن بعض هذه الاصوات، امثال احمد فتفت وغيره، حاولت اعطاء تفسيرات كما تشاء، وهذا ينمّ عن اهداف اخرى تتمثل بالحقد. واخطر ما في هذا الحقد، هو الحقد على المقاومة وسلاح المقاومة في مواجهة العدو الاسرائيلي».

اما الموسوي، فلفت الى ان «اللبنانيين تابعوا الحملة الحقودة التي تشن على رئيس المجلس، وما يقال في ما يتعلق بمواد النظام الداخلي انما هو ذرائع يجري تفسيرها لهذه النصوص ووفق أحكام مسبقة لكي تخدم غرضاً واحداً سبق أن أطلق صاحبه عنوانه على صفحات الشبكة العنكبوتية منذ عدة أيام. هذه الحملة أُطلق جرسها منذ ذلك التصريح الذي سمعتم به على تويتر». واستغرب أن يصل «الإسفاف الى هذا الحد بالنيل من موقع رئيس المجلس، الذي أظهر وطنية فائقة حين أقدم على خرق سمّاه بري عرفاً، ونعتقد انه خرق للميثاق حين تنازل عن مقعد وزاري لوزير آخر في سابقة لم تشهدها السياسة اللبنانية، وكانت دليلاً كافياً على أن بري حريص على إنقاذ لبنان من حال الصراع والانقسام لكي يطلق نواة لوحدة وطنية».

جنبلاط وكتلة «المستقبل»

إلى ذلك، التقى رئيس «جبهة النضال الوطني» النائب وليد جنبلاط أول من أمس وفداً من كتلة «المستقبل» ضم النواب أحمد فتفت وهادي حبيش وزياد القادري، في حضور النائب أكرم شهيب وأمين السر العام في «التقدمي» ظافر ناصر وعضو مجلس القيادة زياد نصر. وبحث المجتمعون في قانون الانتخاب وعناوين المرحلة السياسية الراهنة، واتفقوا على اجتماعات لاحقة.

السابق
متمّمات السقوط
التالي
انفجارا صور: لا رسائل مموّهة والمستهدف… الكحول؟