البناء: معلومات عن حضور دبلوماسي أميركي –فرنسي تكشف الدور المرسوم لاجتماع الرباط

قفز الاجتماع الذي عقده وزراء الخارجية العرب على هامش المنتدى العربي ـ التركي في الرباط أمس على كل الإيجابيات التي أظهرتها دمشق لإنجاح الحل العربي للأزمة السورية. وأصرّ على الاندفاع في ملاقاة الموقف الأميركي والغربي الهادف إلى تصعيد الوضع داخلها بما يفتح الباب أمام تدويل الأزمة وحتى استدراج التدخل الأجنبي.
وبدا واضحاً من خلال ما صدر عن اجتماع الرباط وما سبقه من إفشال لكل المساعي التي عملت سورية في سبيلها ولاحقاً من خلال مسعى بعض الدول العربية خاصة الجزائر ومصر والعراق والسودان أن الدول العربية "المؤمركة" بدءاً من دول الخليج تضع كل ثقلها في سبيل إخراج سورية من موقعها القومي والعروبي الحاضن للمقاومات العربية والرافض للمشروع الأميركي ـ "الإسرائيلي".
وحمل البيان الذي أصدره وزراء الخارجية العرب من الرباط مساء أمس مضامين خبيثة بحق سورية خاصة لجهة "تحديد مهلة 3 أيام للتوقيع على مذكرة إرسال مراقبين دوليين"، متجاوزاً الدعوة السورية إلى أن يكون البروتوكول فنياً ومتوازناً، ما يعني أن الوزراء العرب لا يرون إلا "بنصف عين" إذ تناسوا ما تقوم به المجموعات الإرهابية المسلحة من إرهاب واعتداء على المواطنين الآمنين وعلى القوى الأمنية.
مشاركة أميركية ـ فرنسية مكشوفة
وليس غريباً في شيء أن يصدر عن اجتماع الرباط مثل هذه القرارات خصوصاً إذا ما تأكد ما تنامى لـ"البناء" من معلومات تفيد أن دبلوماسيين أميركيين وفرنسيين شاركوا الوزراء العرب اجتماعهم أمس ولو في الظل.
وبعد الاجتماع أعلن وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم آل ثاني أن "الجامعة العربية سترسل مراقبين إلى سورية خلال ثلاثة أيام إذا وافقت دمشق على خطة عمل الجامعة".
وفي تهديد بالعمل على تدويل الأزمة السورية قال: "إننا اقتربنا من نهاية الطريق الدبلوماسية العربية بشأن سورية". وأضاف: إنه "ستفرض عقوبات اقتصادية على سورية إذا لم يتوقف القتال فوراً".
كما لوحظ في الوقت ذاته أن الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي أسقط نهائياً إمكانية عقد قمة عربية طارئة لبحث الوضع في سورية، زاعماً أن الوقت ليس مناسباً لعقدها". وهذا الكلام فسرته مصادر دبلوماسية على أنه يتناغم مع موقف مجلس التعاون الخليجي الذي كان قد أعلن رفضه لعقد القمة استجابة "للمايسترو" الأميركي.
وتزامن موقف "جماعة الرباط" مع تصاعد الحملة الأميركية ـ الغربية ـ التركية ضد سورية حيث يتأكد يوماً بعد يوم تورط هذا الحلف المتعدد الأطراف في تمويل وتسليح وتغطية المجموعات المسلحة وفي تحريض ما يسمى "معارضة الخارج" لرفض الحوار كونه الطريق الأسلم لإعادة الهدوء إلى الداخل السوري.
سورية قدمت ورقة متوازنة
وفيما بدا أن مسار الجامعة العربية ذاهب إلى مجلس حقوق الإنسان انطلاقاً من قرارات القاهرة والرباط، علمت "البناء" أن سورية قدمت ورقة تحدد فيها رؤيتها للجنة تقصّي الحقائق، لكن هذه الورقة التي هي أشبه ببروتوكول متكامل جرى رفضها من "المايسترو" الذي يسيّر أعمال الجامعة العربية التي ستضع ورقة أخرى في المقابل.
وقد حرص الجانب السوري على أن تكون أي ورقة أو أي بروتوكول فنياً لا سياسياً، وأن يكون متوازناً بحيث لا يمس السيادة الوطنية السورية. وفيما أكدت دمشق حرصها الكامل على سلامة أعضاء اللجنة، أكدت أن اللجنة إذا قابلت معارضين فعليها، بالمقابل، أن تقابل ذوي الشهداء من الجيش السوري ومن عناصر حفظ النظام.
بيان المنتدى "الرباطي"
وسبق صدور بيان اجتماع وزراء الخارجية العرب في الرباط صدور بيان عن المنتدى العربي ـ التركي دعا إلى اتخاذ إجراءات عاجلة ـ لما وصفه ـ حماية المدنيين في سورية وإلى حل الأزمة السورية دون أي تدخل أجنبي.
ونبيل العربي "اللاعربي"
كما سبق الاجتماع موقف سلبي للعربي الذي دعا الجميع إلى تحمل مسؤولياتهم واتخاذ ما يلزم لوقف ـ ما زعمه ـ نزيف الدم المستمر في سورية.
مسيرات تجمع الملايين في سورية
وأمس شهدت عشرات المدن السورية في الذكرى الـ41 للحركة التصحيحية مسيرات ضخمة رفضاً لقرار الجامعة العربية القاضي بتعليق عضوية سورية وتنديداً بمحاولات الغرب استدراج التدخل الأجنبي ودعماً للرئيس الأسد والإصلاحات التي أعلن عنها. فقد غصت ساحتا الأمويين والسبع بحرات في دمشق بجموع الحشود التي نزلت إلى الشارع رفضاً لما صدر عن الجامعة العربية.
كما شهدت اللاذقية وريف حلب وحماه والحسكة ومحافظات أخرى مسيرات ضمت مئات الآلاف تأكيداً على التمسك بالقرار الوطني ورفضاً للتدخل الخارجي في شؤون سورية.  "إسرائيل" على خط التحريض
كذلك دخلت "إسرائيل" أمس على خط التدخل المباشر في الحملة ضد سورية ورأى رئيس الهيئة الأمنية والسياسية في وزارة الدفاع "الإسرائيلية" عاموس جلعاد أن سقوط النظام في سورية سيترتب عليه حدوث كارثة تقضي على "إسرائيل"، وذلك نتيجة لظهور امبراطورية إسلامية في منطقة الشرق الأوسط بقيادة الإخوان المسلمين في مصر والأردن وسورية.
… وأحقاد الحريري الدفينة!
وواصل رئيس تيار "المستقبل" سعد الحريري عبر ممارسة هواية السياسة على "التويتر" التعبير عن حقده الدفين ضد سورية زاعماً أن لبنان هو الدولة الوحيدة التي تدافع عن النظام السوري إلى جانب "إسرائيل" مداعباً "يا لها من ممانعة" وكرر رهاناته حول رغبته "بسقوط النظام في سورية"!
ورداً على سؤال حول رأيه بكلام رئيس مجلس النواب نبيه بري وتخوفه من حرب أهلية ادعى الحريري "أن هذا الموقف للتهويل لمصلحة النظام السوري".

ساحة النجمة
على صعيد آخر، شهدت ساحة النجمة الحدث الداخلي أمس، وفشل فريق الحريري وحلفاؤه في تفجير جلسة الأسئلة وتوسيع رقعة السجال فيها خارج حدود جدول الأعمال، مركزين حملتهم هذه المرة على الرئيس نبيه بري بدلاً من الحكومة موضع المساءلة في هذه الجلسات.
وحسب الأجواء التي سادت خلال الجلسة فإنه لولا الجزء الأول المفتعل منها على خلفية اتهام نواب المعارضة لرئيس المجلس بالتفرد في وضع جدول الأعمال، فإن الجلسة كان يمكن أن تكون رتيبة للغاية.
وقد احتاط الرئيس بري لمثل هذه المداخلات التي شابهت مواقف سياسية مسبقة فقدم مداخلة دحض فيها كل هذه الاتهامات، مؤكداً على عدم تجاوزه النظام الداخلي وعلى تحديد جدول الأعمال والأسئلة وفق جدول تواريخ الورود، كما نصت مواد النظام، ثم فاجأ المعارضين بقوله: "يبدو أنكم لا تريدون محاسبة الحكومة.. ماشي الحال أنا راض".
وبالفعل فقد انتقل رئيس المجلس من الدفاع إلى الهجوم مذكراً بتجاوز فريق 14 آذار في عديد من الأحيان الأصول والصلاحيات المتعلقة برئيس المجلس، ومؤكداً حسم كل محاولة للخروج عن جدول الأعمال وجر الجلسة إلى التوتير والتصعيد.
وقد فعلها عندما أوقف النائب أحمد فتفت عند حدوده لدى محاولته إثارة ما سمّي بقضية الأخوة جاسم، وأبقاه في حدود سؤاله.
في ضوء ذلك، تراجع نواب المعارضة بطريقة دراماتيكية وشهدت الجلسة جواً عادياً خلال مناقشة الأسئلة، مع العلم أن المعارضة حاولت التمهيد لتفجير الجلسة بتسريب معلومات إلى وسائل الإعلام المعروفة عن أجواء ساخنة وما إلى ذلك.
وإذا كان الرئيس بري قد نجح في احتواء هجوم فريق الحريري وأعوانه، فإن الأجواء السياسية الملبدة في البلاد، انعكست خلال الجلسة من خلال طريقة التعاطي من قبل المعارضة مع فريق الإئتلاف الحكومي، خصوصاً أن نوابها ـ المعارضة ـ حاولوا أكثر من مرة الخروج عن المألوف السياسي في مثل هذه الجلسات.
ولأن نواب الحريري لم يتمكنوا من تحقيق توتير مهم داخل الجلسة فقد خرج النائب أحمد فتفت بعدها ليدلي بتصريح مقتضب يكمل فيه حملته على الرئيس بري ويتهمه بالدفاع عن الحكومة.
وهذا ما اقتضى من النائبين غازي زعيتر ونواف الموسوي الرد عليه وعلى المعارضة بعنف، فوصفه الأول بأنه حاقد على كل شيء وطني وعلى المقاومة.
مجلس الوزراء
داخلياً أيضاً، عقد مجلس الوزراء جلسة له في بعبدا مساء أمس واستكمل بحث مشروع قانون الانتخابات بالإضافة إلى جدول الأعمال.
وقد طالب رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان في كلمة له في مستهل الجلسة بالتهدئة وعقلنة الخطاب السياسي والابتعاد عن المواقف النارية أو المتصلبة والمتطرفة التي ربما تستدعي مواقف مماثلة قد تدخل لبنان في حلقة من التوتر السياسي.
وقد استكمل المجلس البحث في مشروع قانون الانتخابات فبحث في عدد الأصوات التفضيلية ومخاطر التوجهات الطائفية في اعتماد الصوت التفضيلي. كما نوقشت الكوتا النسائية على أن يقدم وزير الداخلية صياغة لها في جلسة لاحقة.
وناقش مجلس الوزراء مد خط التوتر العالي في المنصورية. وأوضح وزير الإعلام بالوكالة وائل أبو فاعور "أن القرار متخذ ويبقى النقاش في آلية وتوقيت تنفيذ القرار".
"البصمة" الأميركية على تقرير بان كي مون
على صعيد آخر، كشف مضمون التقرير الذي قدمه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والذي كان قد أعده منسقه الخاص في لبنان المنتهية ولايته مايكل وليامز عن تنفيذ القرار 1701 التصاق الأمين العام للأمم المتحدة وكل عمل الهيئات التي يشرف عليها بالسياسة الأميركية بحيث يبدو واضحاً التطابق بين مضمون التقرير المذكور وما تطرحه الإدارة الأميركية عن الوضع في لبنان.
وزعم بان كي مون في تقريره أن حزب الله ـ وما وصفه ـ الجماعات المسلحة الأخرى تمثل تهديداً لسيادة لبنان واستقراره، داعياً إلى إجراء مراجعة استراتيجية لمهمة قوات اليونيفيل في لبنان بما يتيح للجيش اللبناني البدء بأخذ حصة أكبر من المسؤوليات الأمنية.
وفيما تناسى أمين عام الأمم المتحدة ما تقوم به "إسرائيل" من خروقات يومية للأراضي والأجواء اللبنانية أبدى قلقه من الجمود في تنفيذ القرار 1701 ودعا "إسرائيل" ولبنان في الوقت نفسه إلى الوفاء بواجباتهما بموجب القرار.
… ومندوب لبنان يرد
وتعقيباً على تقرير بان كي مون أكد مندوب لبنان في الأمم المتحدة نواف سلام "أن "إسرائيل" منذ تاريخ صدور القرار 1701 وحتى اليوم لم تلتزم بتنفيذه والانسحاب من كامل الأراضي اللبنانية المحتلة وهي واظبت على خرقه وانتهاك السيادة اللبنانية".
وجدد لبنان التأكيد على التزامه بالتنفيذ الكامل للقرار 1701، داعياً المجتمع الدولي إلى الضغط على "إسرائيل" من أجل حملها على الالتزام بالتطبيق الكامل لهذا القرار.
ودعا سلام المجتمع الدولي للضغط على "إسرائيل" لحملها على وقف انتهاكاتها اليومية للسيادة اللبنانية، رافضاً أي محاولة لربط هذه الانتهاكات بمزاعم تهريب الأسلحة.
 

السابق
النهار: العرب أمهلوا دمشق 3 أيام لقبول المراقبين وواشنطن تؤكد أن عنف المعارضة يصبّ في مصلحة الأسد
التالي
مقابلة مفبركة !؟