حمادة: جنبلاط في صدد خطوة

لم يكن هناك الكثير من الأَطباق السياسيّة على طاولة العشاء التي جمعت النائب وليد جنبلاط وصديقه القديم مروان حمادة ورفاقه في "اللقاء الديموقراطي"، الأحد الفائت، في أحد مطاعم العاصمة. ويقول أحد المشاركين: لم نتطرّق الى السياسة إلّا سريعاً. فاللقاء حمل طابع التواصل الشخصي. ولكنّه يندرج في سياق من التقارب الشامل، تعزّز في الشهرين الأخيرين، وتخلّلته اتّصالات ولقاءات ثنائيّة وجامعة بين أركان الصفّ الذين افترقوا في 24 كانون الثاني. وكان الفريق التقى إلى مائدة العشاء في دارة حمادة في بيروت، في 11 تشرين الأوّل.

النائب حمادة يقول تعليقاً على اللقاء الأخير واحتمال ترميم "اللقاء الديموقراطي": إنّ رئيس الحزب التقدّمي الاشتراكي هو أخي. وكنت ولم أزَل الى جانبه في كلّ المحطّات والمفاصل السياسيّة. ومعاً ألغينا اتّفاق 17 أيّار وواجهنا محطّات تاريخيّة. ولا تزال علاقتنا ممتازة. وفي ما يتعلّق بإحياء "اللقاء الديموقراطي"، عقدنا لقاءات عدّة حتى الآن، ولا شيء يحول دون ذلك. وقبل أيّام كان لنا لقاء الى مائدة الغداء، وكانت الأجواء ممتازة. وسيعلن "وليد بيك" في مناسبة معيّنة عن خطوة تتعلّق بـ"اللقاء". ونحن سنعيد التضامن في ما بيننا، لأنّنا لم نختلف لنفترق، ولم نتساجل. والأمور تأخذ طريقها في هذا الاتّجاه. وما يهمّنا معاً هو مصلحة الجبل وأبنائه والبلد والثوابت التي نعمل لأجلها.
 خطوات ملموسة خلال أيّام

المصادر المواكبة تتحدّث عن خطوات ملموسة في الأيّام المقبلة في هذا المجال، بعدما بات تموضع جنبلاط السياسيّ ناضجا لاتّخاذ خطوة تعيد ترميم "اللقاء". فهو يحتفظ بمسافة بينه وبين طرفي الصراع الداخليّين، ويحاذر أن يجري تفسير مواقفه الأخيرة على أنّها عودة إلى 14 آذار. لكنّه عمليّاً عاد الى المواقف التي كان ينادي بها قبل خروجه. فهو يلتزم تماماً مواقف 14 آذار إزاء المحكمة الدوليّة والملفّ السوريّ وملفّات داخليّة أخرى. ويتجنّب فقط خلق إشكال مع "حزب الله"، لأنّ ظروف العلاقة الشيعيّة – الدرزيّة وحساسيّة بعض المناطق في الجبل تستدعي ذلك.

وأساساً، لم يكن كثيرون يصدّقون أنّ جنبلاط انتقل فعلاً الى صفٍّ يواجه فيه رفاقه في "ثورة الأرز"، وهو واحد من أبرز أعمدتها. لذلك، عندما كان يهاجمهم أحياناً، كانوا يتريّثون في الردّ عليه، ويمنحونه الأعذار والأسباب التخفيفيّة. ولم تكن إقامة "أبو تيمور" طويلة في أحضان دمشق. فما إن عبرت موجة الهواجس الأمنيّة – نسبيّاً – عنه وعن الطائفة والجبل، حتى أعاد ترتيب تموضعه ليكون أكثر قدرة على التعبير والحركة.

واليوم، يبدو جنبلاط في صدد إعادة الحياة الى "اللقاء الديموقراطي" ليكون له دور حاسم بين الطرفين المتصارعين داخليّاً. فهو وحده، بنوّابه الـ11، يستطيع ترجيح الأكثريّة. وكما استطاع إتاحة المجال لتولّي ميقاتي رئاسة الحكومة، يستطيع إتاحة الفرصة لخلط الأوراق، إذا نضجت الظروف التي تسمح بالتغيير.

وفي ظلّ التطوّرات المتسارعة التي تعيشها سوريا، تهتزّ الحكومة التي أوجدها النظام لتلائم مصالحه، خصوصاً في ملفّي المحكمة والوصاية السياسيّة والأمنيّة السوريّة على قرار هذه الحكومة. وفي الأسابيع المقبلة، قد يصبح ممكناً الحديث عن سقوط الحكومة وإعادة خلط الأوراق الداخليّة. وثمّة من يسأل: هل إنّ تراجع الهواجس الأمنيّة عن جنبلاط قد يصلح مقياساً لتراجع الهواجس عن الرئيس سعد الحريري، ما يتيح له العودة الى الساحة لإكمال المعركة؟

خبّأ رأسه فترةً…

هذه المرّة، يلعب الوقت لمصلحة 14 آذار، خلافاً لفترات سابقة. وما فعله جنبلاط خلال عامين كان ملائماً لتمرير فترات غير محسوبة العواقب. وهو اليوم يدرك إلى أيّ حدّ زالت هذه الظروف، أو تراجعت.

خبّأ "أبو تيمور" رأسه لمرور العاصفة، ثمّ عاد… تقريباً الى 14 آذار، وهو يفتح قنوات تواصل مع الرئيس الحريري. ففي الشكل، يعود مروان حمادة وأركان "اللقاء الديموقراطي" ليستظلّوا عباءة وليد جنبلاط. ولكن، في المضمون، يعود جنبلاط الى حيث كان رفاقه يتابعون الطريق التي رسمها هو نفسه. 

السابق
من أجل لبنان لابد من سورية ديموقراطية
التالي
صفقات نفطية