تحفظ بغداد انحناء لضغط إيراني أم لمصير مليون لاجئ عراقي؟

يحمل القادة العراقيون وجهات نظر عدة بشأن تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية، وبينما ترى كتلة دول القانون، التي يتزعمها رئيس الوزراء نوري المالكي، أن القرار كان خاطئًا، تسير كتلة العراقية في اتجاه آخر، وتقف إلى جانب قرار الجامعة العربية.

تباينت آراء الكتل السياسية العراقية حول القرار الذي اتخذته جامعة الدول العربية بتعليق عضوية سوريا، وموقف الحكومة العراقية المتحفظ على هذا القرار، حيث تراوحت الآراء بين مؤيد ومعارض، ولكل أسبابه التي دفعته إلى الوقوف ضد أو مع ما جرى، على الرغم من الاتفاق بين الجميع على إدانة العنف والقتل.

وأعرب نواب عراقيون في تصريحات خاصة لـ (إيلاف) عن تصوراتهم ومواقف كتلهم حول هذا الموضوع، والتي تمثل وجهة النظر نفسها في الاختلاف في المضامين العامة والخاصة، لاسيما ما بين دولة القانون والعراقية، ما عدا الرؤية الكردية، التي تميزت ربما لأسبابها الخاصة.

وقال النائب محمود عثمان، من التحالف الكرستاني إن "الإجراء الذي اتخذته الجامعة العربية واضح، وهو من أجل تمهيد الطريق لتدخل أميركا والدول الخارجية، وليس شرطًا أن يتدخل الأميركيون تدخلاً عسكريًا، بل أي تدخل من أجل أن يتنحّى الرئيس السوري بشار الأسد".

وأضاف: "وقد كان الأميركيون وغيرهم من الدول الغربية بحاجة إلى نوع من الشرعية بعدما فشل مجلس الأمن الدولي في هذا، وعندما تقوم جامعة الدول العربية بتعليق عضوية سوريا فهذا يعني وجود نوع من الشرعية، لكون الذين أعطوا هذه الشرعية هم العرب، الذين تنتمي إليهم سوريا".



وتابع: "أعتقد أن هناك توجّهًا دوليًا لإسقاط نظام بشار الأسد، وبالنتيجة النهائية سيسقط النظام، لأن شعبه لا يريده، وهناك عمليات قتل يومية، لذلك لن تكون هنالك أي نتيجة غير التنحّي وسقوط النظام السوري، وهذا هو توجهنا في التحالف الكردستاني، إذ إننا مع إسقاط النظام السوري، ونحن غير موافقين على القرار الذي اتخذته الحكومة العراقية، وإن رأي وزير الخارجية هوشيار زيباري هو رأي الحكومة العراقية، وليس رأينا في التحالف الكردستاني".

وأضاف عثمان "موقف العراق المتحفظ على قرار الجامعة العربية ربما للحكومة العراقية أسبابها في ذلك، منها أن الحكومة العراقية لها علاقات قوية مع إيران، التي ترى أن الوضع السوري مهمّ لها، وبالتأكيد إذا ما سقط النظام في سوريا فسوف تتأثر إيران، مثلما يؤثر الوضع هذا على لبنان والشرق الأوسط، لذلك أعتقد أن الحكومة العراقية راعت هذا الجانب، فضلاً عن مراعاتها لوجود مليون لاجئ عراقي في سوريا".

أما النائب علي الشلاه، عن كتلة دولة القانون التي يرأسها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، فقال: "نحن لا نتمنى لأي بلد عربي أو في العالم أن تحدث فيه مشاكل، ونستغرب ما يحصل في الجامعة العربية من أمور غريبة، فمرة نراها تسارع في إصدار قرارات، ومرة أخرى تتأخر، وكأن هناك من يهيمن على قراراتها بعد ضعف الدور المصري، بسبب ما حدث في مصر، ونحن نعلم أن هناك تحكمًا محوريًا أسندت قيادته إلى أحد وزراء الخارجية العرب، الذي صار يتصرف بالجامعة العربية كما يشتهي، وصار مندوبًا ساميًا".

وأضاف: نحن في العراق لا نريد أن نصبح طرفًا في أي محور، وأن نتخذ قراراتنا بحرية ووفق المصلحة العراقية، لذلك كان تحفظ الحكومة العراقية على قرار الجامعة العربية هو الأفضل، حتى لا نصبح جزءًا من مشروع يسيّره الآخرون، فنحن لا نريد أن نكون مسيّرين، كما إننا لا نريد أن نسهم في عزلة سوريا أو منع الحوار بين الأطراف السورية من معارضة وحكومة، نحن نعتقد أن قرار الجامعة العربية هو انتصار لطرف على طرف آخر".

وتابع الشلاه: الجامعة العربية اليوم بحاجة أكثر إلى الموضوعية، وأن تكون أكثر ديمقراطية وأكثر ابتعادًا عن الجانب الطائفي، فالشارع العراقي اليوم يتساءل: لماذا سوريا، وليست اليمن، ولماذا تتحدث عن غياب حريات وديمقراطيات في دول معينة، وتترك دول الخليج، هل يمكن القول إن هناك جزءًا من القرار في أياد أجنبية، وإن هذا العراق، الذي احتل، يتصرف بحرية، ولم يسر لا وراء ذاك ولا وراء هذا، وانفرد بموقف منفرد، لأنه لا يريد أن يصل بالأمور إلى أن يستغل أعداء سوريا الظرف، نحن نريد الخير للجميع، ونحن نحترم وجهة نظر الحكومة العراقية في اتخاذها قرارها بحرية".

أما النائب كمال الساعدي عن دولة القانون أيضًا فقال: "هذا القرار يعود إلى الحكومة العراقية، وكان هناك تحفظ على قرار تجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية، وبالتأكيد هي لها أسبابها الموضوعية، ونحن نتمنى على الجامعة العربية أن تتصرف مع كل العرب بهذه الطريقة، أي أن تكون قراراتها واحدة ضد الدول الأخرى، التي يجري القتل اليومي فيها من قبل السلطات، وأن لا تقف الجامعة أي موقف متناقض ما بين نظام وآخر يمارس كل منهما القتل".

وأضاف الساعدي: لو كان للجامعة العربية موقف موحد من كل الأنظمة القمعية لكان لها موقف إيجابي ويستحق التقدير، ولكن الانتقائية تجعل الكثير من الأعضاء ومن الشعب أيضًا يتحفظ على الدوافع التي تقف خلفها قراراتها وإجراءاتها المتناقضة".

النائب رياض الزيدي عضو البرلمانيين العرب أكد من جهته على أن قرار الجامعة العربية بتجميد عضوية سوريا غير صحيح. وأضاف: "لأننا نعرف أن قرار رفع العضوية يجب أن يكون على مستوى الرؤساء وفي قمة عربية، ولا يمكن تجميد عضوية أي دولة إلا بقمة عربية وبالإجماع، وهذا الموضوع طرح في البرلمان العربي عندما عقدت الجلسة الطارئة له، ورفضنا تجميد عضوية سوريا، ولن نوافق، ولن تحصل الغالبية على التأييد، وهناك دول قليلة صوّتت على هذا القرار، وبالتالي هذا مخالف لقانون الجامعة العربية، والقانون ينص على أن تجميد عضوية أي دولة يكون بعقد قمة عربية على مستوى الرؤساء، وهذا ما لم يحدث الآن، وكان القرار لوزراء الخارجية".

وأضاف: هناك ملفات أكبر من الملف السوري، لماذا لا تتعامل الجامعة العربية معها بالنفس والأسلوب نفسه، هناك احتلال دول عربية من دول أخرى، وهناك تجاوز على الشعوب العربية، ويجب أن يكون الدم العربي في سوريا مساويًا للدماء في البحرين ومساويًا للدم العربي في اليمن وليبيا، ويجب علينا أن نتعامل مع سوريا بمعيار واحد هو المعيار الذي يشمل كل الأنظمة، وأن لا يكون هناك انحياز لطرف ضد طرف. وتابع: قرار الجامعة العربية خاطئ، وتحفظ العراق عليه موقف صحيح".

من جانبه، قال النائب نبيل حربو عن القائمة العراقية إن "قرار الحكومة العراقية لم يكن مبنيًا على أساس مصلحة العراق ومصلحة الشعب العراقي، وإنما اتخذ على أساس مصلحة حزب معين تحت ضغوط أجندة من خارج العراق، لأننا نعلم أن مايحدث في سوريا هو مطلب جماهيري للشعب السوري، والحكومة العراقية أيّدت مطالب الجماهير في تونس ومصر وليبيا وغيرها من الدول، وإذن .. لماذا تؤيّد مطالب الجماهير في خمس دول، وتعارضها في سوريا فقط، إلا إذا كانت هناك أجندة خارجية تضغط على الحكومة العراقية لاتخاذ قرار حزبي فئوي، وليس وطنيًا".

وأضاف: أليس هذه الحكومة هي نفسها التي اتهمت الحكومة السورية بتسريب الإرهابيين إلى العراق؟، ألم تتهم الحكومة العراقية النظام السوري بالقيام بعمليات إرهابية، وأن النظام السوري ملطخة يداه بدماء الشعب العراقي والسوري؟، وكان على الحكومة العراقية أن تؤيّد هذا القرار، وأعتقد أن اتخاذ العراق هذا الموقف يعني خلق حاجز بينه وبين الجامعة العربية، ونحن حالياً في أمس الحاجة إلى إزالة الحواجز".

وكان المتحدث الرسمي باسم الحكومة العراقية، قد أعلن: أن إمتناع العراق عن التصويت لمصلحة قرار الجامعة العربية بتعليق عضوية دمشق جاء من قناعة لدى بغداد بأن القرار لا يخدم مصلحة الشعب السوري.

وأفاد علي الدباغ أن إمتناع العراق عن التصويت لمصلحة قرار الجامعة العربية بتعليق عضوية دمشق لم يأت دعماً لنظام بشار الأسد"، مشيراً إلى إدانة الحكومة العراقية للعنف والقتل، الذي يمارسة النظام السوري ضد المتظاهرين من أبناء شعبه.

كما نفى الدباغ دعم الحكومة العراقية للنظام السوري في الوضع الراهن، منوهاً إلى أن تصويت بعض البلدان الأعضاء في الجامعة العربية لمصلحة قرارها تعليق عضوية دمشق جاء بسبب رضوخ تلك البلدان إلى ضغوطات الجامعة.

وكان وزراء الخارجية العرب، في إجتماعهم، قرروا تعليق عضوية سوريا في مجلس جامعة الدول العربية إلى حين قيامها بالتنفيذ الكامل لتعهداتها، التي وافقت عليها بموجب خطة العمل العربية لحلّ الأزمة السورية، التي اعتمدها المجلس في اجتماعه غير العادي يوم 2 تشرين الثاني/ نوفمبرالجاري، لكن القرار اتخذ بموافقة 18 دولة، فيما شهد التصويت عليه اعتراض لبنان واليمن، وإمتناع العراق.

السابق
واتكنز: قلقون على أمن اليونيفيل في لبنان
التالي
مناورات للعدو بالذخيرة الحية وأشغال عند السياج التقني