ربح أو خسارة كل شيء

كشفت "دردشات" رئيس الحكومة السابق سعد الحريري "الإلكترونية" أنه ماضٍ وفريقه في الرهان على المتغيرات والضغوط الخارجية لاستعادة السلطة، تماماً كما فعل في العام 2005 والسنوات التي تلتها للتمسّك بالسلطة في تلك المرحلة.
واللافت أنه تجاوز مؤخراً السقف المرسوم له سابقاً ليدخل في مرحلة جديدة من التحريض على سورية، بالتوازي مع رفع وتيرة الحملة على الحكومة الحالية ورموز الائتلاف في الحكومة وفي مقدمهم الرئيس نبيه بري.
ويلاحظ مرجع سياسي في الأكثرية أن رئيس "القوات" سمير جعجع بادر مؤخراً أيضاً إلى الإكثار من التصريحات والمؤتمرات الصحافية المرتجلة مشاركاً في الحملة على سورية عبر إثارته ما يسمى بقضية المخطوفين السوريين التي ثبت بشكل قاطع أنها مجرد قضية وهمية وشماعة للفريق المذكور من أجل الاستمرار في حملة التحريض ضد دمشق والتدخل بكل الوسائل في الشأن الداخلي السوري.
ولا شك أن نفي قائد الجيش العماد جان قهوجي للشائعات التي أطلقها ويطلقها الفريق المذكور في هذا الشأن يشكل رداً مناسباً على ادعاءات جماعة "14 آذار" ونواب كتلة جنبلاط الذين انضموا إلى هذه الحملة، وباتوا يرفعون هذا العنوان في كل تصريحاتم بشكل لافت ومستغرب في آن معاً.
ويقول المرجع أن رهان فريق الحريري وأعوانه على المتغيرات والضغوط الخارجية ليس جديداً، وأن مصيره لن يكون أفضل من الرهانات السابقة التي أدت إلى خسارتهم للسلطة وإجبارهم على تشكيل الحكومة الائتلافية برئاسة الحريري قبل أن يخرجوا من السلطة بشكل كامل جرّاء سياساتهم الخاطئة.
ويرى أن هذه السياسة التي يعتمدها تيار "المستقبل" وأعوانه هي سياسة مغامرة على طريقة "أما كسب كل شيء أو خسارة كل شيء"، وهذا ما يفسر رفضهم للحوار وتوقيت زيادة تصعيد خطابهم في وجه هذه الدعوة، وتماشياً أيضاً مع المناخات التي تخلقها الضغوط الأميركية على سورية لعرقلة مبادرة الجامعة العربية بعد أن وافقت عليها دمشق ونفذت العديد من عناصرها وبنودها. وفي تقدير المرجع أن الذين يراهنون على إسقاط النظام السوري سينتظرون طويلاً جداً من دون جدوى، وأن الفريق اللبناني الذي يعوّل على ذلك لتحقيق مكاسب سياسية في لبنان هو واهم، ولن يحصد سوى الخيبة.
ويؤكد المرجع عشية اجتماع وزراء الخارجية العرب أن دمشق برهنت بموافقتها على مبادرة الجامعة بأنها جادة في مسيرة الإصلاحات، بدليل ما حصل على باب الجامعة بين فصائل المعارضة السورية، لا بل بين ما يسمى بمعارضة الخارج وأنصار "مجلس اسطنبول" من جهة وبين المعارضة في الداخل.
ويرى المرجع أن هذا الأمر يوضع أيضاً في خانة السلطات المصرية متسائلاً ماذا لو تعرض مناصرون للنظام السوري لمعارضين أمام الجامعة العربية في القاهرة؟ بالتأكيد كانت القيامة قامت ولم تقعد، الأمر الذي يؤكد حجم الحملة التي تتعرض لها سورية وشعبها والتي تدار من قبل دوائر الولايات المتحدة الأميركية وبعض "الغرب" بالتعاون والتنسيق مع جهات ودول عربية باتت معروفة ومكشوفة.
ويحذر المرجع من أن أي ضرر كبير يصيب سورية لن تقتصر نتائجه عليها بل سينعكس على المنطقة وعلى لبنان بوجه خاص نظراً الى العلاقة الخاصة بين البلدين على كل المستويات.
وفي اعتقاده أن الوسيلة أو الموقف الصحيح الواجب اتباعه هو الموقف الرسمي اللبناني الذي يؤكد على دعم الإصلاحات وإعطاء الفرصة للنظام السوري لاستكمالها، مع العلم أنه بدأ بخطوات في هذا المجال، رغم محاولات التعطيل التي تقوم بها جهات داخلية وخارجية من أجل عرقلتها وإبقاء الأجواء التصعيدية لتبرير عمليات التخريب والقتل التي تنفذها المجموعات المسلحة في بعض المناطق السورية خدمة للحملة الخارجية ولأهدافها المشبوهة.

ولا يعتقد المرجع أن الجامعة العربية قادرة على اتخاذ قرار يفتح الطريق أمام تدويل الأزمة السورية واتخاذ مجلس الأمن الدولي قراراً مشابهاً للقرار الذي اتخذ في شأن ليبيا، أولاً لأنه لا يوجد إجماع في الجامعة على تغطية عملية التدويل وهو أمر مستحيل، ثانياً لأن مثل هذه المحاولة في مجلس الأمن محكومة بالفشل المسبق بسبب الموقف الروسي والصيني ومواقف عدد من الدول الأعضاء بعد "الفيتو" المشترك لموسكو وبكين على مشروع سابق لم يشكل واحداً على عشرة من مشروع التدخل الدولي المباشر أو بعبارة أخرى تدخل حلف "الناتو". مع الإشارة إلى أن واشنطن نفسها تدرك أن مثل هذا المشروع أو هذا التدخل ضد سورية يعني انفجار الموقف في كل المنطقة. 

السابق
تجهيزات من الكورية إلى جمعية الحنان في العباسية
التالي
الجيش يفجر ذخائر في تول – النبطية