من اشتاق الى الجامعة اللبنانية؟

"لا شغلة ولا عملة" هكذا كانت حال طلاب الجامعة اللبنانية قبل تعليق اضراب اساتذتهم وكانوا يتماوجون بين رغبتهم الدائمة في تمديد العطلة الصيفية وبين خوفهم من ضياع سنة دراسية، واليوم بعدما اصبحت عودتهم قريبة يتوجب السؤال: هل هناك من اشتاق الى الجامعة اللبنانية؟ سؤال قرأته في تعليق على صفحة الفايسبوك الخاصة بصديق، سؤال طرح ربما بحسن نية، بقصد به الاشارة الى النفور المزمن بين الطلاب ومقاعد الدراسة: هل حقا من اشتاق الى الجامعة اللبنانية؟
لم يشتق الطلاب الى جامعتهم رغم انهم في كل صباح كانوا يستيقظون ليروا زملاءهم في الجامعات الخاصة غائبين عن منازلهم لان قاعات هؤلاء فتحت ابوابها. الاشتياق كان غائباً ايضا عن مشاعر الاساتذة المرتاحين من عناء التدريس الذي لا يتقنه معظمهم، لكن اذا كان هؤلاء لا يشتاقون الى الجامعة، فهل هناك من يشتاق؟ نعم، للجامعة اللبنانية محبوها، نعم لها اناس لا يمكنهم العيش من دونها… 
"نحن لم نفتقدها، ولن نفتقدها يوما" يقول احد الطلاب، لكن اصحاب الفانات اشتاقوا لزحمة طلابها، ولاصحاب الكافيتريات حصتهم ايضا، في غياب الطلاب ينعدم البيع وتنعدم مداخيل الاسعار "السياحية" التي لا يمكن وصفها الا بالخيالية.
الجامعات الخاصة تشتاق ايضا الى اللبنانية، اشتياق لا ينبع من محبة، بل من مصلحة دفعت وتدفع معظم الجامعات الخاصة او الدكاكين كما يرغب البعض بتسميتها الى انشاء مراكزها بالقرب من جامعة الفقراء (الجامعة اللبنانية)، فبسبب الاضراب لن يستطيع الراغبون بالدخول الى الجامعة اللبنانية من طلاب السنوات الاولى، من اختبار التعجيز الذي تفرضه مناهج هذه الجامعة ولن يختبروا ايضا مزاجية اساتذتها في تصحيح الامتحانات، وبالتالي فالوقت لن يتيح لهم ان يصبح الهاربون من الجامعة اللبنانية خزانها البشري الاساسي.
نعم، اشتاقت اعلام الاحزاب وشعاراتها الى الجامعة، كما اشتاقت الاحزاب الى اندفاع بعض الطلاب المحازبين، الذين يعلنون ثورتهم بتكسير زجاج هنا، وحرق غرفة هناك، اشتاقت العصي القابعة في بعض الغرف الى من يحملها ليهدد طالباً هنا واستاذا هناك. ليس هؤلاء وحدهم من اشتاقوا الى اللبنانية، بل اشتاقت لقاعاتها القطط على مختلف الوانها واحجامها، واشتاقت العصافير الى شبابيكها، وكم مرة هرع الطلاب لنجدة صغار العصافير التي وقعت من الاعشاش المبنية داخل مكبرات الصوت المعطلة بغية عدم ازعاج قاطنيها.
اشتاقت مياه الأمطار الى قاعات كانت تتدفق اليها من كل حدب وصوب، "يا لها من قاعات"، يهزأ احد الاساتذة "كادت تكون مثالية تحيا فيها كل مخلوقات الله بسلام لو لا اشعة الشمس الحارقة التي تفسد الجو".
اشتاق للجامعة اطباء الربو الذين انخفضت مداخيلهم بسبب الاضطراب الذي غيّب غبار الطبشور الذي يخنق طالبي العلم في جامعاتنا الوطنية.
ستفتح الجامعة اللبنانية ابوابها قريبا، وعندها ستختفي كل هذه الاشواق لتطفو على السطح اشواق جديدة يكون الطلاب اصحابها، اشواق لملاعب ومختبرات ومناهج، لتكافؤ في الفرص ولمهنية في التدريس. سيعود الطلاب الى مقاعدهم لأن مطالب الاساتذة نفذت وحقوقهم المسلوبة عادت اليهم، ولكن من سيوفر للطلاب حقوقهم؟

 

السابق
احمد قبلان: للتجاوب مع الدعوة الى الحوار والتشبث بالثوابت الوطنية لتجنيب لبنان خضات وأحداث
التالي
السلاح الفلسطيني