لا وجود للجيش اللبناني في سوريا

رصد الجيش في الايام الاخيرة تصاعد الحملة السياسية في اتجاهه على اكثر من خط. وبرز في هذا الاطار ارتفاع الاصوات محليا في عدد من الملفات التي يفندها مرجع عسكري بارز لـ"النهار"، وبدء حملة خارجية عبر تقارير صادرة عن مراكز دراسات استراتيجية غربية حول وضع الجيش اللبناني وعمله خارج الحدود اللبنانية وعمل المعارضة السورية داخل لبنان. وبعض ما ورد في الساعات الاخيرة يحمل بذورا امنية خطرة لها دلالات غير مطمئنة.

لا ينفي اي مسؤول عسكري اولا حساسية الوضع اللبناني وارتباطه امنيا بالاحداث السورية وتداعياتها، ولا سيما لجهة الوضع الحدودي، واوضاع اللاجئين السوريين في الشمال خصوصا. لكن ما يهم الجيش نظرا الى خطورته السياسية والعسكرية، هو كثرة التسريبات التي تتحدث عن دور ووجود له في سوريا، وهو ينفي بحسب مرجع عسكري بارز لـنا نفيا قاطعا اي وجود عسكري لبناني داخل سوريا، مهما تكن الجهة التي تسرب الخبر. وكذلك الامر بالنسبة الى وجود شاحنات عسكرية لبنانية يتعلق مرورها بنقل اعتدة وقطع غيار اميركية من الاردن الى لبنان برا، بدل نقلها جوا توفيرا على الخزينة اللبنانية، اضافة الى قطع غيار من سوريا.

ثلاث نقاط يتحدث عنها المرجع العسكري البارز، اولاها ما اثير عن وضع اللاجئين السوريين في الشمال. ويؤكد ان احدا لم يفاتح قيادة الجيش في اقامة اي مخيم، والجيش اساسا لا علاقة له بالموافقة على اقامة المخيم او رفضه، ما دام الامر يتعلق حصرا بقرار تتخذه السلطة السياسية المتمثلة برئيسي الجمهورية ومجلس الوزراء. ولهذه السلطة وحدها حق اتخاذ مثل هذا القرار او عدمه. وما عدا ذلك كلام سياسي لا شأن للجيش به. وعادة فان، الامر من صلاحية الهيئة العليا للاغاثة ومفوضية اللاجئين، وليس الجيش الذي يبني اي مخيم لاجئين.

وتبلغ قيادة الجيش اصداء سياسية عن المواقف الرافضة او المؤيدة لاقامة المخيم، ومنها محاذير ينقلها بعض السياسيين حول خطورة اقامة مخيم لاجئين، في حين ان لبنان عاش ولا يزال تبعات اقامة مخيمات للاجئين على ارضه وتحولها بؤرا امنية لا يزال لبنان يعانيها. وكذلك فان تجربة تركيا باقامة مخيم للاجئين تختلف عن تجربة لبنان، نظرا الى اختلاف الحساسيات بين سوريا وتركيا من جهة ولبنان وسوريا من جهة اخرى. واستطرادا فان اقامة مخيم في شمال لبنان يستوعب لاجئين معارضين او جنودا منشقين يمكن ان يشكل استفزازا لسوريا لا قدرة للبنان على تحمل تبعاته.
 
ويلفت الجيش الى ان تقرير المفوضية العليا للاجئين كان واضحا، اولا لجهة اعداد اللاجئين ووجودهم لدى عائلات مضيفة وكيفية مرورهم عبر المعابر الشرعية حصرا. وهذا في ذاته دلالة معبرة. في حين ان الكلام عن زرع ألغام انما يتم داخل الاراضي السورية وفقط عند المعابر غير الشرعية، وهذا امر لا يتدخل فيه لبنان لانه لا يحصل على اراضيه.
اما لجهة ما يقال عن حصار اعلامي وتطويق لبقعة اقامة اللاجئين، فينفي الجيش مطلقا اي نوع من انواع الحصار، او ان يكون اصدر اي تعميم يتعلق بضرورة نيل الصحافيين موافقة مديرية التوجيه للتوجه الى حيث هناك لاجئون سوريون. ويفند الجيش حالتين تعطى فيهما الأذونات لجميع الصحافيين غير اللبنانيين، والمنطقة الممتدة جنوب الليطاني. اما بالنسبة الى الشمال، فكل ما جرى ان الصحافيين يتصلون بمديرية التوجيه للحصول على معلومات والتشاور في كيفية التنقل في المنطقة، وما عدا ذلك سجلت حالة او حالتان منع فيها تنقل جميع المدنيين حفاظا على سلامتهم، نظرا الى تحركات امنية على الحدود.
وفي المعلومات ايضا ان الجيش غيّر خطة تحركه شمالا على الحدود واعاد انتشاره بحيث يتمكن من ضبط الحدود بطريقة ملائمة اكثر، وهو يركز اداء قطعه على منع تسلل المجموعات الارهابية التي قد تحاول الافادة من الوضع شمالا للتحضير لأي عمليات ارهابية.

لا مخطوفين
يؤكد المرجع العسكري البارز ان" لا مخطوفين سوريين في لبنان بحسب تقارير الجيش اللبناني، وان فروع الاستخبارات في المناطق لم تسجل اي حالة خطف، والجيش لم يسلم السلطات السورية ا ي موقوف لبناني. ويستطرد ان كل الحديث عن مخطوفين غير واقعي في غياب الاسماء. ويقول: "فلتقدم العائلات او المنظمات التي تتحدث عن عمليات خطف اسماء المخطوفين الى الجهات الامنية للتحقق منها، او فلتبلغ مخافر قوى الامن باسماء المخطوفين".
لدى الجيش حاليا عدد من اسماء موقوفين، وبعضهم اوقفه الامن العام في مطار بيروت وليس الجيش، ولكن بتهم جنائية، وسلموا الى الجهات القضائية المختصة، وهؤلاء هم بحسب التقارير الامنية: محمد شاكر بشلح سوري (مواليد 1983) اوقف بتهمة تهريب سلاح من لبنان الى سوريا واحيل على النيابة العامة العسكرية، وسرهدان محمد علي سوري (مواليد 1990) اوقف لمحاولته السفر الى المانيا بموجب اقامة المانية مزورة ، وجان ميخائيل شمعون (مواليد 1980) بالتهمة نفسها واودعا دائرة التحقيق والاجراء بناء على اشارة النيابة العامة الاستئنافية، ومحمد سعيد حسن (مواليد 1974) سوري الجنسية لشرائه جواز السفر التركي الخاص بخطيبته رانيا الحسن من شخص تركي يدعى علي، ورانيا اسماعيل حسن (مواليد 1977) لمحاولتها السفر الى المانيا بموجب جواز سفر تركي خاص مزور ، واودعا مكتب شؤون المعلومات بناء على اشارة النيابة العامة الاستئنافية.

وكانت استخبارات بيروت اوقفت في ايلول الفائت عاصم عبد الرحيم فاضل وباسل عبد الجبار شويت، وهما سوريان، وابرهيم احمدي مهدي (لبناني) بتهمة تجارة السلاح بين بيروت وسوريا، وحولا على النيابة العامة العسكرية.
اخيرا يتناول الجيش ما روج بعد الانتخابات الطالبية في جامعة اللويزة، من دعوات وجهتها عبر الهواتف الخليوية قيادات سياسية تطالب الجيش بالانسحاب من الداخل والذهاب الى الحدود. ويشرح ان ما حدث حينها هو تطويق الفهود السود لمجموعات طالبية حاولت قطع الطرق واطلاق مفرقعات نارية، وحين تطورت المشكلة، تدخل الجيش واوقف طالبين بعدما تفاقمت الحالة ثم اطلقهما. وثمة اسئلة يطرحها البعض عن السبب الذي جعل حزب الكتائب يتحرك في الاعلام وعلى الارض في حين ان من ربح الانتخابات هم "القوات اللبنانية" الذين لم يحركوا ساكنا. والسؤال الذي يطرحه المرجع العسكري: هل تريد القوى السياسية فعلا ان يسحب الجيش وحداته وقطعه من جبل لبنان وكسروان والمتن الى اي منطقة اخرى، وهل يتحمل السياسيون الذين طالبوا بذلك تبعات الانسحاب؟  

السابق
نصرالله يتحدث اليوم: الازمة السورية ..تهديد ايران ..التمويل ومأزق اسرائيل
التالي
حمدان: المحكمة لن تصل الى الحقيقة