بشار وخيار الانتصار على شعبه

في اجواء العيد, وفي خضم التضحيات الدموية الرهيبة التي يقدمها الشعب السوري الثائر في ثورته المقدسة من اجل الحرية والعزة والكرامة والتخلص من الفاشية العائلية (المقدسة) كان لرئيس النظام السوري تجليات سلطوية وقمعية بشعة تمثلت في اصرار سيادته اللامتناهي على كسب معركة تحطيم رؤوس السوريين حتى النهاية! ففي تصريح له يوم العيد وفي مدينة الرقة تحديدا اكد بأن لاخيار لنظامه سوى الانتصار!,

وترجمة هذا التصريح لا تحتاج لعبقرية فذة ولا لتجليات كهنوتية غامضة, بل ان سيادة الرئيس كان واضحا وشفافا ومعبرا عن ايديولوجية نظامه العائلي المغلق وهي القمع حتى انقطاع النفس, والدم حتى الركاب, والموت الزؤام لكل من يشذ عن القطيع ويرفض الاستعباد والهيمنة, اي ان سيادته قد اعلنها حربا ساخنة وصريحة وبما يعني بأن جهود جامعة العرب مجرد مضيعة للوقت, فنظام القتلة في الشام كسابقيه من انظمة القمع والموت لا يتعظ وليس على استعداد للاتعاظ, كما انه ليس قابلا للاصلاح او التعديل او حتى الاعتذار! ويبدو ان رفض الاتعاظ من مصائر الفاشيين السابقين هو لعنة مسلطة على رؤوس الانظمة الفاشية التي لا تنتهي الا وفق سيناريوهات تراجيدية ومأساوية كان يمكن تجنبها فيما لو اتعظ الطغاة. فالنظام السوري وهو يمعن في قتل الابرياء ويحاول تخليد وحماية عرش سلطوي انتهت ايامه ودالت دولته لا يقرأ التاريخ ولا يحسب حساب المتغيرات وهو بالتالي لا يقيم وزنا ولا احتراما لدماء الشعب الذي يحكمه ولا حرمة لارواحه وهو يبحث عن انتصار تاريخي مزيف على شعبه.  لقد بات واضحا بأن الجهود العربية لاحتواء الازمة السورية والوصول لحل عربي قد باءت بالفشل الكامل والمريع والمعروف والمشخص مسبقا, وان النظام السوري الذي ادمن القمع الشامل عبر تاريخه الاجرامي الطويل لا يمكن ان يبدل سيرته واسلوب تعامله في ادارة الازمة الداخلية لان ذلك معناه نهايته الحتمية وهي نهاية ستحل في خاتمة المطاف ولن تختلف عن نهايات الطغاة العرب منهم والاجانب كالقذافي او صدام او تشاوسيسكو او غيرهم من العتاة والمجرمين, واصرار النظام السوري على تجاهل النداءات العربية والدولية ومحاولته كسر ارادة الثوار عبر الحل العسكري والقمعي سيؤدي في النهاية لاغلاق جميع طرق الحلول السلمية او المعالجات الحوارية لانه لا معنى لاي حوار مع من يحاول فرض واقع عسكري وامني قسري ثبت فشله ولم يعد صالحا لادارة الازمة في العصر الراهن. من الواضح ان الجامعة العربية ستعلن الفشل التام وستطالب بتدخل المجتمع الدولي لحماية الشعب السوري وهو مطلب القطاع الأكبر من المعارضة السورية بدءا من المجلس الوطني وليس انتهاء بمواقف اطراف قيادية وشخصيات اخرى في المعارضة السورية.

الامر المؤكد هو ان العرب لا يمتلكون حلولا سحرية لازمات الواقع السوري ولكنهم ايضا لا يمكن لهم ان يصمتوا وهم يرون توسع مساحات الموت المجاني في سورية واصرار النظام على اسلوب الابادة الشاملة ووفقا لاساليب العام 1982 رغم تغير العالم وجميع المعادلات الدولية, وهو اليوم يواجه استحقاقات وعواصف التغيير بأدوات قديمة ومستهلكة وبائسة ستؤدي بالنظام للحضيض. قد ينجح النظام في قتل الاف مؤلفة جديدة من احرار الشام, وقد ينجح في جمع عصابات حزب الله اللبناني والحرس الثوري وحزب الدعوة الارهابي العراقي تحت ابطه, ولكنه لن يفلت في النهاية من عقاب الشعب السوري ومن ارادة ومشيئة الثوار في الشام الذين قلبوا كل المعادلات الدولية والاقليمية بارادتهم الجبارة وعزمهم الثابت وشجاعتهم الاسطورية. والانتصار الذي يبحث عنه بشار ليس على الصهيونية الدولية وليس على محتلي الأرض وانما على ابطال الشام الذين يصنعون اليوم تاريخا جديدا للمجد والحرية والكرامة في الشرق القديم بأسره.

نعم من حق الرئيس بشار ان يحدد خياراته وقراراته ومصيره ايضا, ولكن ليس من حقه تحديد خيارات ملايين السوريين الاحرار التي اجمعت على تغيير الواقع الفاسد وملاحقة المجرمين, وانهاء الفاشية العائلية بشكلها الثوري الرث والمزيف. من حق احرار الشام امتلاك زمام المبادرة وكسر التحالف البعثي الصفوي الطائفي المهلك والذي سيكون رد السوريين عليه ردا تاريخيا مزلزلا سيلحق الهزيمة الشاملة به وبرموزه.. لقد حدد شهب سورية الحرة خياراته النهائية وهو لاينتظر رأي الجامعة العربية ولا الدول الكبرى, فأحرار الشام ادرى بشعابها, وهم بالتالي من سيطرز وجه المنطقة بنصر اغر اقتربت بوادره ولاحت بشائره, وما على الفاشيين الا تدبير خطة للهروب او مواجهة الخيار الشعبي وهو لو تعلمون خيار عظيم.. والعاقبة للاحرار. 

السابق
علامات نهاية تاريخ التشبيح
التالي
سورية وإيران: مَنْ يُنجِد الآخر؟