الوضع اللبناني معلّق بين حوار مرفوض وتوترات الثورة السورية

دعوة الرئيس نبيه بري الى استئناف الحوار الوطني واستعجاله حصول ذلك في أقرب وقت ممكن، تأتي من خلفية اقليمية لها علاقة بتطورات الأوضاع في سورية، وانعكاساتها السلبية المحتملة على لبنان في ضوء الانقسام الداخلي حولها بين مؤيد للنظام ومؤيد للمعارضة في سورية، ومن خلفية أن حكومة الرئيس نجيب ميقاتي غير قادرة لوحدها على احتواء المخاطر والانعكاسات رغم أنها نأت بنفسها عن الأزمة والصراع الداخلي في سورية.
أما قوى 14 آذار فإنها قرأت الدعوة الى استئناف الحوار من منظار لبناني داخلي بحت له علاقة بالمعادلة القائمة، حيث اعتبرت أن هذا الطرح يهدف أولا الى إخراج الأكثرية الجديدة من مأزقها وتغطية ضعف الحكومة وعجزها عن الإحاطة بالتطورات الاقليمية وعن السير بالملفات الداخلية.

ولذلك جاء جواب المعارضة على طرح بري «سلبيا» واشترط للعودة الى الحوار تنفيذ ما كان اتفق عليه في جلسات الحوار سابقا وعدم طرح المحكمة الدولية على بساط البحث والحوار، ووضع سلاح حزب الله (وليس الاستراتيجية الدفاعية) بندا أول على جدول أعمال الحوار. بالقول: "«إننا غير مستعدين الآن أن نوفر الغطاء لأحد لاسيما حزب الله من خلال القبول باستئناف اجتماعات طاولة الحوار وإحياء الهيئة الوطنية في هذا الظرف لتواكب ما يجري في المنطقة والتطورات الجارية"
 من جهة أخرى تبقى أجواء المحادثات التي أحاطت بزيارة بعض المسؤولين والديبلوماسيين الأخيرة في لبنان،  حول مدى انعكاس تداعيات الثورات العربية على الساحة اللبنانية، وأيضا لاستطلاع الواقع لمعرفة مدى امكانية تفجير الأوضاع في لبنان فيما لو
اتجهت الأمور على أكثر من ساحة عربية إلى مزيد من التصعيد، لاسيما على الساحة السورية التي تبقى فيها كل سيناريوهات التفجير والتصعيد قائمة طالما أن الحل العربي لايزال هشا ولا يحمل أي مؤشرات واقعية تدل على قدرته على حل الأزمة الراهنة.

وفي إطار متصل، اعتبرت مصادر سياسية متابعة لحركة الربيع العربي وقريبة من المعارضة «ان لبنان يقف حاليا على رصيف الانتظار يترقب نتائج الاحداث في سورية والتي تنعكس على واقع التوازنات السياسية فيه والتي سيكون لها تأثير مباشر في
الحركة السياسية الداخلية فيه، نجحت حركة الاحتجاجات الشعبية في اسقاط النظام الحالي ام لم تنجح، فلكلتا الحالتين نتائجها المختلفة على لبنان».

ولكن أوساطا مطلعة تستبعد جنوح الوضع في لبنان نحو التأزم والانفجار. ويؤكد أحد الديبلوماسيين العرب الموجود في باريس أن منطقة الشرق الأوسط تتجه نحو مسار تغيير جذري، وما حصل حتى الآن هو خطوة الى الأمام لا عودة منها ولا رجوع الى الوراء بعدها، وأن الساحة اللبنانية ستبقى على هدوئها الهش في ظل التغيير في المنطقة، وسيبقى الاستقرار الذي يهتز بين الحين والآخر صامدا، لأنه لا مصلحة لأحد من الأطراف اللبنانية في القيام بمغامرة غير محسوبة النتائج خصوصا في هذه المرحلة. وثمة تقاطع بين المطلعين على الموقف الاميركي على ان واشنطن لا تعتقد ان ثمة طرفا لبنانيا يمكن ان يلجأ الى تفجير الوضع الداخلي، تحت اي ذريعة، وان الطرف المسلح والاكثر قدرة على توتير الوضع وتفجيره، لا مصلحة لديه اليوم في الذهاب بالوضع اللبناني الى حافة الانفجار.

ويعلق ديبلوماسي غربي في بيروت على ما تشهده المنطقة من مستجدات في نوعية المعادلة السائدة وكنهها بالقول: هناك قوى كبيرة في الاقليم تكتشف شيئا فشيئا، ان اوراق نفوذها خارج ارضها اصبحت خاوية.. لقد انهارت قيمها الشرائية فجأة كما يحدث للعملات النقدية في أزمنة الازمات الاقتصادية الحادة. يضيف الديبلوماسي: لم تعد هناك ساحات نفوذ، فكرة لبنان الساحة انتهت وفكرة غزة الساحة انتهت، وفكرة مقايضة الساحات انتهت. 

السابق
مانجيان: قرار تمويل المحكمة يعود ديموقراطيا الى الحكومة
التالي
تغريد سعد الحريري