الواقع السياسي في لعبة الكترونية

«وراك وراك والزمن طويل». تنطبق هذه الجملة على الأحزاب السياسية اللبنانية التي تلاحقك أينما كنت. فاليوم لم يعد يقتصر الأمر على رفع راية حزبك المفضل، أو ارتداء شعاره على قميصك، أو وضع صورته على هاتفك الخلوي، بل أصبح الفضل للتكنولوجيا التي أتاحت المجال بأن تكون ممثلاً لحزبك، وتقرر من هو حليفك لتقود معه الحرب على «خصمك».
هذا ما يجري على موقع hezbi.com. الفكرة التي يتمحور حولها الموقع هي «لعبة الجنرالات اللبنانية» أو لعبة الأحزاب، حيث تنشئ دولتك وتوسّعها وتدّرب جيشاً لحمايتها، وذلك بالتعاون مع لاعبين آخرين من المفترض أن يكونوا حلفاءك، لمنافسة الأحزاب المعارضة لحزبك. هي لعبة حربية إستراتيجية، تبدأ بمدينة صغيرة وتنتهي بامتلاك مدن كبيرة ومتطورة. أما الأسلحة فتتضمن تلك الفتاكة منها مع جيوش مدربة باحتراف لخوض أشرس المعارك ضد أي عدو قاهر. ولكي ترتقي إلى رتبة جنرال، عليك محاربة بقية جنرالات الأحزاب بهدف فرض سيطرة حلفك على جميع المدن.
تعتمد اللعبة على 17 حزباً، هي: الكتائب اللبنانية، التيار الوطني الحر، القوات اللبنانية، المستقبل، حركة أمل، حزب الله، التقدمي الاشتراكي، المردة، الأحرار، الحزب الشيوعي، حزب البعث، السوري القومي الاجتماعي، التنظيم الشعبي الناصري، حركة الشعب، تيار التوحيد، الحزب اللبناني الديموقراطي وحزب الطليعة.
يقوم اللاعب باختيار الحزب الذي يريده، فيسجل نفسه داخل خانته عند الاشتراك. وما عليه بعدها إلا تسمية المدينة التي تصبح ملكه، أما هذه التسمية فتكون وهمية أو تعود لإحدى مدن المحافظات الست. يحظى اللاعبون الجدد بما يعرف بـ«حماية المبتدئين»، وذلك لمدة أسبوع ابتداء من تاريخ التسجيل، فلا يتعرض أحدهم خلالها للهجوم، ولا يستهدف بالمدفع الذري، وهو سلاح لكل لاعب يحمي المدن من القصف الذري. لكنه في المقابل يُحرم من حق الهجوم على الآخرين.
تنصّ اللعبة على قوانين أخرى غريبة ومتناقضة. ففي الوقت الذي تبيح فيه الاقتتال بين الأحزاب واحتلال المناطق، تحذّر «أي لاعب يمس الأحزاب أو الأديان» بإقفال حسابه فوراً «من دون أي إنذار مسبق»، وتمنع الشتائم والشعارات «اللاذعة» التي قد يلجأ إليها مناصرو الأحزاب في معركتهم السياسية المستمرة، كما يمنع استخدام عبارات دينية أو أسماء الله الحسنى أو أسماء شخصيات دينية، ويُفرض حظر أيضاً على استخدام أسماء بعض الشخصيات التاريخية. وفي حال مخالفة هذه الشروط، يحق لإدارة اللعبة التدخّل من غير الرجوع إلى اللاعب عبر سؤاله أو إنذاره. ويعاقب كل لاعب عند مخالفته للقوانين، حيث من الممكن استبعاده أو فرض عقوبات عليه قد تصل إلى سلبه مدينته.

يذكر هنا أن اللعبة لا تعرّف عن اسم مبتكرها، ولا تسمح بالاتصال به إلا من خلال الموقع.
ومن شروط اللعبة أيضاً، يتوجب على كل لاعب شراء «نقاط ذهبية» في بعض التحركات، وعلى الصفحة الرئيسية للعبة تبرز عبارة بالخط العريض تشير إلى إمكانية شراء هذه النقاط من خلال شركتي الهاتف الخلوي. أما الوسيلة الثانية للحصول على المال فتأتي من خلال تطوير محطات البترول والغاز، ليرتفع مدخول مدينة كل لاعب كلما ارتفع مستوى الإنتاج في هاتين المحطتين. أما «الحرامي» فهو الوسيلة الثالثة للحصول على المال، وذلك من خلال مهاجمة المدن الأخرى.
يستطيع اللاعب احتلال مدن الآخرين، شرط ألا تكون المدينة هي العاصمة بيروت، وأن يكون عدد سكانها أقل من 500 شخص. وبوسع اللاعب أيضاً بناء مدينة جديدة إذا توافرت لديه الشروط التي تحددها اللعبة، شرط ألا يكرّر هذا الأمر. وعند عقد معاهدة سلام أو هدنة، يفترض باللاعب الجديد الالتزام بها، خلافا لما يجري في الواقع. أما من يترك التحالف فيعتبر في عداد الخونة.

مكافحة الإرهاب

لعبة أخرى تنطلق من دوافع سياسية، لكن هذه المرة من الأردن، حيث أطلق الشاب الأردني سليمان البخيت، على موقع «فايسبوك» لعبة «الواحة السعيدة». تهدف اللعبة إلى مكافحة التشدد من خلال تصوير أبطال عرب خارقين يمثلون نماذج إيجابية للأطفال ويحاربون «الإرهاب». وتعتبر هذه أول لعبة عربية الكترونية يتم إطلاقها كبرنامج على الموقع المذكور.
ويتوقع بخيت أن تساهم لعبته في خلق نماذج إيجابية لمستخدمي الـ«فايسبوك» الذين قد تجذبهم الأفكار المماثلة. ويأمل في أن تقدم اللعبة تجربة فريدة عبر إيصال رسالة تحارب التطرف عبر التواصل مع الصغار، وهي رسالة بسيطة مفادها «لسنا إرهابيين».
ويعود سبب ابتكار اللعبة إلى تجربة شخصية خاضها، عندما تعرّض للضرب من قبل أربعة رجال أميركيين لكونه عربيا، وذلك بعد هجمات الحادي عشر من أيلول، حينما كان طالباً في جامعة «مينيسوتا». بدأ بخيت حملته برواية القصص في مدارس محلية على طريقة حكايات علاء الدين، وسأله طفل مرة إن كان ثمة رجل خارق (سوبرمان) عربي. عندها أدرك أن لا وجود لرجل مماثل. وهكذا بدأ مشروع كتاب هزلي بهدف إلى إنشاء مجموعة من الشخصيات العربية، ومن بينها أنثى جيمس بوند وعميلة سرية أردنية تحارب التطرف. وباع بخيت 300 ألف نسخة من كتابه الهزلي في الأردن، قبل أن يقرر تحويله إلى لعبة إلكترونية على موقع «فايسبوك».
وتشبه اللعبة في بعض جوانبها لعبة (Frontier Ville) المشهورة على «فايسبوك»، والتي تحاكي وصول أحد المزارعين من الغرب إلى منطقة لبناء منزل وتوسيع رقعة أعماله، من خلال تشييد الأبنية المفيدة، بالإضافة إلى مزاولة الزراعة وتربية المواشي. أما «الواحة السعيدة» فتحكي عن قصة عربي وصل إلى واحة في الصحراء ليبني خيمته ويوسع رقعة أعماله، قبل أن تتطوّر حياته على النحو الذي يريده.. افتراضيا.  

السابق
أكاليل من فتح عند أضرحة الشهداء في صيدا وعين الحلوة
التالي
منع المراسلين المحليين والأجانب من دخول منطقة “وادي خالد”