السفير: تصويب غربي على دمشق يستعجل إجهاض المبادرة العربية

اعطت واشنطن وباريس مؤشرات اضافية على انهما تجاوزتا المبادرة العربية حول الازمة السورية، بنية اجهاضها، قبل ايام من اجتماع المجلس الوزاري العربي السبت المقبل، وذلك سواء من خلال الترويج للحديث عن مرحلة ما بعد حكم الرئيس بشار الاسد، وتسريب معلومات حول عروضات لجوء له قدمها زعماء عرب، او من خلال تجديد استخدام فكرة «حماية المدنيين» وهو ما قوبل باعتراضات جديدة من روسيا والصين والهند التي رفضت تكرار «المأساة الليبية».
في هذا الوقت، تعرض وفد من المعارضة السورية في الداخل الى الرشق بالبيض والبندورة والضرب، خلال محاولته الدخول الى مقر الجامعة العربية في القاهرة للاجتماع بأمينها العام نبيل العربي، ما يظهر الخلاف الواضح بين المعارضة الداخلية التي ترفض التدخل الخارجي في الشؤون السورية، والتي طالبت الجامعة العربية بعدم اعطاء النظام مهلة جديدة لزيادة القمع، ومعارضة الخارج التي تسعى الى هذا الامر، وذلك قبل يومين من اجتماع لوزراء الخارجية العرب لدراسة التطورات في سوريا.
وأعلن مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الادنى جيفري فيلتمان، امام لجنة فرعية للخارجية في مجلس الشيوخ الاميركي، «كل القادة العرب تقريبا يقولون الشيء نفسه: ينبغي ان ينتهي نظام (الرئيس بشار) الأسد. التغيير في سوريا حتمي». وأضاف ان «عددا من القادة العرب بدأوا باقتراح اللجوء على الاسد لدفعه الى التخلي عن السلطة بهدوء وبسرعة».
وأعلن فيلتمان ان السفير الأميركي لدى سوريا روبرت فورد الذي سحب الشهر الماضي لاسباب امنية سيعود الى منصبه «خلال اسابيع، اعني اياماً او اسابيع».
وقال فيلتمان ان «الاحتجاجات العنيفة غير مجدية»، مضيفا «نعتقد انه في الظرف الراهن تكمن قوتهم في التظاهرات السلمية» مشيرا خصوصا الى التجار السوريين الذين يقفلون محلاتهم تضامنا مع حركة المعارضة.
وتابع «نشجع المعارضة وحلفاءنا في المنطقة على الاستمرار في رفض العنف. عدم التخلي عن العنف، صراحة، يجعل القمع الوحشي للنظام أكثر سهولة». واشار الى ان «المقاومة المسلحة ستصب في مصلحة النظام وستقسم المعارضة». ووصف مثل «هذه المقاومة بانها ستكون وبالا على اعداء النظام». وتابع ان «بشار الاسد يدمر سوريا ويزعزع المنطقة. رسالتنا الى الرئيس الاسد بسيطة: استقل واترك مواطنيك يبدأون المرحلة الانتقالية نحو الديموقراطية»، معتبرا انه مع العقوبات المفروضة على دمشق «زادت عزلة سوريا».
وكرر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية مارك تونر دعوة واشنطن للمسلحين السوريين الى عدم إلقاء السلاح وتسليم انفسهم للسلطات من اجل الحصول على عفو. وقال «من غير الحكيم للمتظاهرين تسليم أنفسهم لان سجلات النظام السوري تشير الى العنف وتعذيب المعارضين». واعتبر ان «انتقال سوريا من الدكتاتورية الى الديموقراطية يجب ان تكون سلمية».

وردا على دعوة واشنطن المسلحين لعدم الاستسلام للشرطة على الرغم من صدور وعد بالعفو عنهم من قبل السلطات السورية، قالت دمشق، في بيان في مجلس الامن، ان «الجمهورية العربية السورية تعتبر ان الولايات المتحدة ومن خلال اعلان وزارة الخارجية متورطة مباشرة في الاضطرابات العنيفة في سوريا». واضاف ان «هذا الموقف الاميركي يعكس النية لاجهاض جهود الجامعة العربية من اجل التوصل الى نهاية للازمة في سوريا».

مجلس الأمن
وقال مندوب فرنسا لدى الامم المتحدة جيرار آرو، اثناء نقاش في مجلس الامن حول حماية المدنيين في مناطق تشهد نزاعا مسلحا، ان «مجلس الامن تخلى عن مسؤولياته: البعض (الصين وروسيا) استخدموا النقض (الفيتو) ضد عمل لمجلس الامن ولو محدودا. آخرون اختاروا الامتناع، اي اللامبالاة». وأضاف ان «فرنسا ستواصل العمل بعزم لكي يضطلع المجلس اخيرا بدوره وهو الذي استطاع ال تثبت من كلفة عدم تحركه».
من جهتها، اعتبرت مندوبة الولايات المتحدة سوزان رايس ان «سوريا تمثل في مجال حماية
المدنيين التحدي الاكثر إلحاحا بالنسبة الى مجلس الامن». وأضافت انه وعلى الرغم من الفيتو المزدوج الروسي الصيني، فإن «الازمة في سوريا تبقى على جدول اعمال مجلس الامن ولن نتوقف حتى يضطلع هذا المجلس بمسؤولياته».
وتطرق المندوب الروسي فيتالي تشوركين، وهو يورد الضربات الجوية لحلف شمال الاطلسي في ليبيا، الى «محاولات تلاعب غير مقبولة بقرارات التفويض الصادرة عن مجلس الامن». ورأى ان مثل هذه الاعمال «تخرب احتمال القيام بأعمال مشتركة من المجتمع الدولي في اوضاع مماثلة».
من جهته، قال مندوب الهند في الامم المتحدة هارديب سينغ بوري «نعتقد ان عددا من الدول الاعضاء (في المجلس) يرغبون بقوة في استخدام موارد مهمة للحصول على تغيير النظام باسم حماية المدنيين». وشدد نظيره الصيني لي باودونغ على انه يتعين استبعاد اي «دوافع سياسية» في العمليات المتعلقة بحماية المدنيين.
واعتبرت المفوضة السامية لحقوق الإنسان نافي بيلاي «حيثما تنتهك الحقوق الأساسية للإنسان وتقابل المطالب السلمية بالتغيير بعنف وحشي يضطر الناس في آخر المطاف للجوء إلى التمرد على الطغيان والقمع». وأضافت «حدث ذلك في ليبيا وربما يحدث في سوريا. يرفض المزيد والمزيد من الجنود أن يصبحوا شركاء في جرائم دولية وينضمون إلى الجانب الآخر. ثمة احتمال كبير أن تنزلق سوريا إلى صراع مسلح».
وقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ، في بيان، إن «الحكومة السورية لم تف بالتزاماتها أمام اللجنة العربية». وكرر ان على «الأسد الاستقالة والسماح لآخرين بقيادة عملية التغيير السياسي الذي تحتاجه البلاد بشدة».

بيض وبندورة
على وفد المعارضة
ومنع حوالى 100 شخص مجموعة من المعارضين السوريين المعروفين، ومن بينهم الكاتب ميشال كيلو والناشط هيثم المناع، من دخول مبنى الجامعة العربية في القاهرة ورشقوهم بالبيض والبندورة.
وأعلن مؤمن كويفاتيه، المعارض السوري المقيم في القاهرة، ان منع المعارضين من دخول مبنى الجامعة العربية ورشقهم بالبيض مبرر لانهم «خونة اشتراهم النظام». واتهم أعضاء الوفد بعدم دعم مطالب «المجلس الوطني السوري» بتعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية وفرض منطقة حظر جوي عليها.
وتمكن حسن عبد العظيم، أحد أعضاء الوفد والمنسق العام لهيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديموقراطي، من التسلل إلى داخل المقر، حيث اجتمع مع الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي.
وقال العربي، بعد الاجتماع، «حدث استخدام لعنف لا أدري سببه، ونأسف للاعتداء عليهم». وأضاف «أن الجامعة العربية تلتقي كل المعارضين السوريين من الداخل والخارج، وسبق أن التقيت أكثر من مرة بممثلي المجلس الوطني السوري»، مشيرا إلى أن الجامعة العربية مكلفة بذلك من قبل مجلس وزراء الخارجية.
ورداً على سؤال حول الأساس الذي تم بموجبه تحديد وفد المعارضة، وخاصة أن المعتصمين أمام مقر الجامعة يتهمون الوفد بأنه ينسق مع النظام السوري، قال العربي «من حقهم أن يقولوا أي شيء، وكذلك حسن عبد العظيم شخصية سورية لها تاريخ طويل ومن حقه أن يلتقينا».
وتابع «إن خطة العمل العربية تقضي بأن تتخذ خطوات عدة، وهو على اتصال مع دمشق ومع المعارضة وعدد كبير من الدول العربية، حيث اتصل به اليوم (أمس) عدد كبير من وزراء الخارجية العرب، وسيتم خلال اجتماع السبت تقييم الموقف من جميع الوجوه، ومن خلال المتوافر لدى الجامعة العربية من المعلومات، واللقاءات مع المعارضة السورية لهذا الغرض».
وحول أن النظام السوري لم يسحب الدبابات حتى الآن، قال العربي «كل هذه الأمور ستطرح على المجلس الوزاري».
وحول احتمال تجميد عضوية سوريا، قال «إن أي اقتراح تتقدم به دولة سيتم طرحه على المجلس الوزاري».

وقال دبلوماسي بالجامعة العربية انه «من غير المرجح بدرجة كبيرة» ان تقطع الجامعة العربية العلاقات مع سوريا. وأضاف «مع من سنتحدث للعمل لحل هذه المشكلة اذا قطعنا كل العلاقات مع الدولة السورية؟». وأضاف ان الوزراء العرب قد يختارون إجراءات أقل شدة مثل ارسال لجنة عربية الى دمشق لمراقبة الوضع هناك أو ارسال وفد ليرى من الذي ينتهك خطة السلام في سوريا.
وعن رسالة وزير الخارجية السوري وليد المعلم الذي يطالب الجامعة العربية بالرد على الجانب الأميركي، قال العربي «إن الرسالة من الجانب السوري تفيد بأنهم كان يتوقعون أن ترد الجامعة العربية على تصريح المتحدث باسم الخارجية الأميركية الذي يدعو المسلحين السوريين إلى عدم تسليم أسلحتهم». وأضاف «أن الولايات المتحدة ليست عضوا في الجامعة العربية وليس لنا شأن بها، ونحن ناشدنا كل الأطراف أن تعطي فرصة للمبادرة العربية».
وقال عبد العظيم إن الهيئة التي تعمل في الداخل السوري ترفض التدخل الأجنبي العسكري، ولكنها تؤيد إسقاط النظام السوري بكل مرتكزاته وإنهاء الاستبداد. وطالب، عقب اللقاء مع العربي، «الجامعة العربية بإرسال مراقبين عرب، وكذلك دوليون لحماية الشباب الثائر من القمع»، مؤكدا أن «الثورة السورية ثورة سلمية».
ورفض عبد العظيم اتهامات المعارضة السورية لوفده بأنه يمثل معارضة مهادنة للنظام، واصفا اتهامات المعارضة بالهراء، وأن سبب هجوم معارضة الخارج عليه أن معارضة الداخل يرفضون التدخل الأجنبي. وقال «لقد طلبنا من الجامعة العربية ألا تعطي مهلة جديدة للنظام يضاعف فيها القمع والقتل، وإنما يجب أن توفر آليات عمل للحماية من القتل والقمع والاعتقال والتعذيب من خلال إرسال مراقبين عرب ودوليين، وفتح المجال لمنظمات حقوقية وإنسانية ووسائل الإعلام العربية والدولية لتزور سوريا لتعرف أن هذه الثورة سلمية، وأن ما يرتكب من قتل لن يكسر الشعب السوري».
وحول موقفهم من الدعوة إلى تجميد عضوية سوريا بالجامعة العربية، قال عبد العظيم «قبل التجميد نريد من الجامعة العربية أن تمارس دورها، وقبل مجيئي للأمين العام التقيت بعشرة سفراء، وحتى الصين وروسيا يطالبون بالتمسك بمبادرة الجامعة العربية، لكن هذه المبادرة إن لم تقترن بوسائل حماية للثورة والشباب سوف تكون خطرا على الثورة». وتابع «نحن معارضة وطنية تريد إنتاج نظام وطني ديموقراطي يضم كل طوائف المجتمع السوري، ونرفض الإقصاء والبعض يريد إقصائنا لأننا نرفض التدخل الأجنبي».

واعتبر المعارض السوري محمد مأمون الحمصي قيام «المتظاهرين السوريين بمنع وفد هيئة تنسيقية الثورة من الدخول إلى مقر الجامعة تصرفا عفويا من الشباب الذين يرون إخوانهم يقتلون يوميا على أيدي النظام السوري في الداخل». واتهم «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأنه «أحد الأجهزة المساعدة للاستخبارات السورية، وأن الأرقام التي يصدرها حول أعداد القتلى في صفوف الشعب على أيدي النظام خاطئة وبعيدة كل البعد عن الحقيقة».
وتسلم العربي رسالة من وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف تتعلق بتطورات الأوضاع في سوريا، نقلها السفير الروسي لدى مصر سيرغي كيربيتشينكو.

وذكرت وزارة الخارجية الروسية، في بيان، ان لافروف أكد للعربي، في اتصال هاتفي بينهما، «التأييد الثابت للمبادرة العربية وشدد على أنها تعتبر آلية واقعية لإقامة الحوار بين السلطات السورية والمعارضة وتمهد الطريق نحو تسوية الوضع بوسائل سياسية سلمية». وأشار لافروف إلى أن «الجامعة العربية تتمتع في ظل الوضع المعقد الراهن في سوريا بإمكانيات فعلية لإيجاد حلول مناسبة، ولا يجوز ضياع هذه الفرصة».
من جانبه, قال العربي «إن الجامعة العربية ستواصل بذل جهودها لإقامة الحوار الداخلي في سوريا وضمان تذليل الأزمة في البلاد بطرق سلمية».

وذكر بيان الخارجية أن «لافروف والعربي أعربا عن رأيهما المشترك حول ضرورة وقف العنف والاستفزازات من قبل كافة الأطراف من دون استثناء، والجلوس حول طاولة المفاوضات، كما أكدا أنه يتعين على كافة اللاعبين الدوليين أن يحثوا السلطات السورية والمعارضة على اتخاذ خطوات بناءة بدلا من رفض الحوار».
وذكرت وكالة «الاناضول» ان وزير خارجية تركيا أحمد داود أوغلو تباحث هاتفيا مع العربي في الوضع في سوريا. ونقلت عن مصادر في الخارجية قولها إن العربي أطلع أوغلو على أحدث المستجدات في سوريا.

ميدانيات
وأعلن «المرصد السوري لحقوق الانسان»، في بيان، «مقتل 12 مدنيا بينهم طفلة، ومقتل 7 جنود على الاقل في اشتباكات مع مسلحين». وأوضح ان «مواطنين استشهدا في حي الخالدية وشارع القاهرة» في حمص، و«قتل ثلاثة مواطنين بينهم طفل في محافظة درعا اثر اطلاق رصاص من قبل القوات السورية في مدينة انخل». وأكد ان «رجلا استشهد في حي برزة (دمشق). كما قتل خمسة اثناء تشييع جنازته. وقتل مواطن في مدينة البوكمال في دير الزور».
وفي محافظة حماه، قال المرصد انه «قتل سبعة على الاقل من جنود الجيش النظامي السوري خلال الاشتباكات التي تدور مع منشقين في عدة قرى قرب مدينة محردة».
وأضاف «تدور اشتباكات عنيفة بين الجيش النظامي السوري ومسلحين يعتقد انهم منشقون في قرية خان السبل قرب سراقب» في ادلب.

ونفى محافظ حمص غسان عبد العال ما أذاعته بعض الفضائيات حول إطلاق النيران في بعض مناطق المحافظة وتهديم بعض المنازل. وأكد، في تصريح نقلته «سانا» أن «أجواء العيد تعم المحافظة ولا صحة لما ذكرته وسائل الإعلام المغرضة وأن الواقع الذي تعيشه المدينة يكذب ذلك».
ونقلت «سانا» عن مصدر مسؤول في حمص «أن عناصر الهندسة تمكنت من تفكيك عبوتين معدتين للتفجير كانتا مزروعتين في حديقة بيت علو بحي الخالدية من دون وقوع إصابات». وأضافت «قامت مجموعة إرهابية مسلحة بإطلاق النار على المدرس محمد خاروف في بلدة سرمين في ادلب أثناء خروجه لمعايدة الأهل في البلدة ما أدى إلى وفاته».  

السابق
اللواء: فيلتمان يتهم الأسد بتدمير سوريا ··· والعربي يعدّ تقريراً جديداً لمجلس الجامعة
التالي
النهار: اشتداد حملة المعارضة في ملف النازحين وسليمان يطالب الأجهزة بجلاء ظاهرة الخطف