أيام النبطية في 2012: الشراكة الوطنية هلالا وصليبا

بدأ العام الجديد في النبطية باكرا، روزنامة تبشر بالشراكة الوطنية، المسيحية والاسلامية، هلال وصليب، جامع وكنيسة، وعام حتى الآن لم تظهر بشائر خيره، وكل ما مرّ في هذه السنة من محطات كانت متقلبة بين إيجابية في الشكل وناقصة في المضامين. أحداث العام، بدءا من إقفال محال الخمور، وصولا إلى جامع حي المسيحيين، و زيارة البطريرك الراعي الجنوبية.

بانوراما الأحداث في النبطية والجنوب كانت ملفتة، وفكرة روزنامة وطنية أيضا كانت ملفتة، بين هدف تجاري أو فكرة وطنية، يجب نشرها وتعميمها. بدأ علي يونس من بلدة كوثرية السيّاد جولته على المناطق، من النبطية إلى صور وبيروت، وربما الشمال. مشروع يجول في باله، كان لزيارة البطريرك الراعي، تحفيزها للخروج للعلن. قرّر أن يكون عام 2012 عام الشراكة، عام التعايش الوطني، عام تبعد فيه السياسة من المنازل وتغيب الروزنامات الحزبية، التي تذكرنا كل يوم، بخيار حزبي، ومبادئ سياسية تشوش معاني المواطنة وتركن إلى جانب معاني الإندماج الثقافي بكل أطيافه، الكثير من الأقوال والمناسبات الحزبية التي تكاد تكون مذّكرة في ذهن كل منا، تعود بنا إلى أحداث مضت، لنعيش في كل مناسبة لحظات الأسى والمرارة التي عاشها وطننا في أوقات ماضية، قريبة أو بعيدة.

تعلو الشخصيات السياسية والحزبية الصفحات الأولى في روزنامتنا، وتدخل بيوتنا من دون إستئذان، ندفع ثمنها دعما أو مجاملة أو حياء، نضعها في بيوتنا، غرفنا ومكاتبنا، وكثيرا ما نجد أكثر من روزنامة في محل تجاري أو مكتب خدماتي، كجزء من التسويق السياسي لإيديولوجيا معينة، وكتسويق تجاري يراعي كل الأراء السياسية في محاولة لإستقطاب الجميع تحت هدف تجاري غير معلن، هكذا هو واقع حالنا، حتى السياسة في خدمة التجارة والمآرب والمصالح الشخصية.

 الحدث البارز توزيع روزنامة لعام 2012 في محال النبطية التجارية، فكرة شجعها وبارك لها العديد من علماء الدين المسيحين والمسلمين، بدءا من مطران صيدا، الياس نصّار، ومطران صور نبيل الحاج، والشيخ عبد الحسين صادق، لكن هذه الروزنامة التي بدأ توزيعها علي يونس في مدينة النبطية ، بعد أن طبع ما يقارب العشرين ألف نسخة ، لاقت صدى إيجابي عند كثيرين، بإعتبارها فكرة جديدة بالنسبة للروزنامات الموجودة، بما أنها تروج لفكرة التعايش، ورأى بعض أصحاب المحال، أنها فكرة ذكية هدفها تجاري بإمتياز، لأن سعرها يقارب الخمسة ألالاف ليرة، وبالتالي فإنها تحصّل مردودا ماليا لصاحبها، فيما يشكو موزعها من كثرة المصاريف وعدم دعم أي جهة مستقلة لفكرته، وكثرة التحديات المالية التي تحد من توسيع نطاق توزيعها، هذا يضاف إلى الإشكالات الإجتماعية التي يتعرض لها ، مثال لذلك خلاف نشأ مع صاحب إحدى حسب الخضار في النبطية، والذي قام بالتعدي على موزع الروزنامة بإعتباره يروج لأفكار أمريكية المنشأ، رافضا أن يكون في لبنان تعايشا وطنيا، أو إنسجاما ثقافيا، فكيف يكون هذا بالنسبة لمدينة النبطية؟.

حتى الآن لم تظهر معارضة حزبية لفكرة الروزنامة، ولم يتعرض صاحب الفكرة علي يونس لأي قمع حزبي، هذه الصورة الجميلة حاليا، قد تتغير قريبا، وخصوصا أن الروزنامات الحزبية لم تطبع بعد، فهل تشكل تحديا ماديا ومعنويا لمسيرة الأحزاب، أم أنها تأخذ مجراها لتوحد العام المقبل على الاقل في الظاهر العام في المحالات التجارية والأسواق، وهل يعني إنتشارها وقبول الناس لها تراجعا لمنسوب التعصب الحزبي، وتوجه الناس نحو الإستقلالية السياسية، بعد خضّات كثيرة، كانت كفيلة بإظهار الألوان القاتمة لكل الأحزاب الموجودة في لبنان؟. 

السابق
الحياة: جنبلاط: لبقاء مهمات الجيش داخل حدود الوطن وخطف ناشطين سوريين يذكّرنا بالوصاية
التالي
علامات نهاية تاريخ التشبيح