هل تنجح خطّة حزب الـله في طرابلس؟

تتداول أوساط سياسيّة وأمنيّة في طرابلس سلسلة معلومات عن عمليّات تسليح يقوم بها "حزب الله" في المدينة مباشرة أو بالواسطة عبر حلفائه، تحضيراً لساحة قد تكون متفجّرة في ضوء التصعيد الداخليّ والأحداث الميدانيّة في سوريا، خصوصاً في ظلّ البعد الاستراتيجي لطرابلس، بحكم الجغرافيا القريبة من الحدود السوريّة والتواصل الاجتماعي الدائم مع حمص وحماه اللتين تشهدان أوضاعاً ميدانيّة متفجّرة.

ولعلّه من الضروري التذكير بأنّ طرابلس، في ظلّ الانقسام السياسيّ العامودي والأفقي، كانت على الدوام ساحة تصفية حسابات داخليّة بين الفريقين، بل وصندوق بريد عند كلّ منعطف سياسيّ في الأحداث، منذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري حتى اليوم.

ولا يسهو عن البال وجود الثقل العلويّ داخل جبل محسن في عمق طرابلس، والذي يشكّل إشكاليّة كبيرة في الداخل جرّاء ازدواجيّة الولاء السياسيّ بين الأبعاد الوطنيّة اللبنانيّة من باب الشراكة الوطنيّة الجامعة والولاء المطلق تاريخيّا لنظام حافظ الأسد.

مخصّصات ماليّة

وفقَ هذه المعطيات، يتحرّك "حزب الله" لتحصين حضور حلفائه في طرابلس، من الوزير الذي أعطاه مقعداً من حصّة الشيعة فيصل كرامي الى جناحَي "حركة التوحيد الإسلامي" و"الحزب السوري القومي الاجتماعي" حتى زعماء الأحياء والمناطق، حيث يحصلون على ميزانيّات ماليّة تبدأ بـِ 10 آلاف دولار شهريّا لتصل الى حوالي 250 ألف دولار أميركيّ تحصل عليها جهة سياسيّة بارزة في طرابلس وتتلقّى الحسد من الحلفاء والاتّهامات من الخصوم.

ساجد وحميد

وفي معلومات حصلنا عليها  أنّ "حزب الله" قام مؤخّرا بتكثيف عمله في طرابلس عن طريق مسؤولَين بارزَين يحملان إسميْنِ حركيّيْنِ: الأوّل ساجد والثاني حميد، ويتمركزان في الكورة، حيث المعقل الأساسي العلنيّ لحزب الله نتيجة وجود القرى الشيعيّة السبع، والتي يجد فيها ملاذا آمنا عن طرابلس، حيث كثرة العيون المفتوحة والآذان التي تتناقل كلّ شيء.

مسؤولا "حزب الله" يقومان بتأمين المال اللازم والسلاح الذي يزداد سعره لمعدّلات خياليّة. فبندقيّة من نوع "كلاشنكوف" أضحى سعرها 2000 دولار، بعدما كان لا يتجاوز المئة دولار. وتضيف المعلومات أنّ عمليّات التسلّح تلحظ مجموعات منظّمة وأخرى صغيرة تشكّل خلايا نائمة، فإلى جانب تيّار الرئيس عمر كرامي و"الحزب السوري القومي الاجتماعي" و"حركة التوحيد"، تبرز أسماء عديدة من الأحياء الشعبيّة، ولعلّ أبرز مثال هو الاشتباك المسلّح في منطقة الزاهريّة، والذي كاد أن يُحدث فتنة في المدينة نتيجة إصرار آل الموري على فتح مسجد سُنّي لصالح "حزب الله"، وتردّد أنّ القضيّة أخطر من ذلك بكثير.
 وقت الحسم

ويقول مصدر قريب من "حزب الله" إنّ قيادة الحزب قامت بمناورة ناجحة عندما قامت بخطة انفلاش للتمويه، بحيث أوحت بأنّها تقوم بعمليّات تدريب وتسليح، في حين أنّ خطتها الأمنيّة جاهزة للإطباق على طرابلس وقت الحسم عن طريق عدد من المجموعات التي استكملت تجهيزاتها. وإنّ عنوان السيطرة على طرابلس قائم للقول بأنّ عرين المستقبل الشعبيّ والخزّان البشري خارج سيطرة 14 آذار وقت اللازم إذا ما وصلت الأمور لحالة الانفلات الأمنيّ الشامل.

فضيحة تهريب السلاح

في هذا السياق أيضا، تفيد معلومات مؤكّدة عن اكتشاف سلسلة عمليّات تهريب للسلاح حصلت بعد تسريبها من مخازن قام الحزب بتجهيزها لجهات مرتبطة به، الأولى، وهي الأبرز، كانت منذ بضعة أشهر عندما تمّ اكتشاف نحو 107 بنادق من نوع كلاشنكوف في المناطق السوريّة، وبعد التحقّق من مصدرها تبيّن أنّها إيرانيّة قامت طهران بشحنها لحزب الله ومنه لجهة سياسيّة وزاريّة مرتبطة بها، حيث تبيّن حصول فضيحة بيع لهذه الأسلحة لمهرّبين من منطقة المنية قبل وضع الأجهزة الأمنيّة يدها على الملفّ والتكتّم عليه.

وكذلك تمّ اكتشاف شحنة في سهل عكّار كانت متوجّهة الى الداخل السوريّ وتنتمي لمصدر السلاح نفسه إضافة الى ما تسرّب عن تهريب 47 بندقيّة من داخل منزل شخصيّة سياسيّة بارزة في طرابلس جرى التكتّم عنها بسرعة بعدما هدّد الشخص المعنيّ بكشف كلّ الأسرار والتي تطال رؤوساً كبيرة، وتردّد كلام عن إرباك داخليّ كبير نتيجة هذه القضيّة.

مصادر متابعة من داخل طرابلس لا تحصر العمليّات في "حزب الله" وحده، على رغم نشاطه البارز على مستوى تمويل مجموعات مؤيّدة له، بل تفيد عن عدّة جهات تسعى للتسلّح مؤخّرا بعد الأحداث السوريّة، في ظلّ شعور عام بأنّ انهيار النظام السوريّ إنْ حصل فسيكون بمثابة انهيار للهدنة الهشّة في طرابلس على عدّة جبهات سياسيّة تتحكّم بها خطوط حمراء إذا سقطت فإنّ طرابلس ستكون في مصير أسود. 

السابق
صدى الضجيج اللبناني في الأمم المتحدة
التالي
صارت السياسة بتقرف!!