صدى الضجيج اللبناني في الأمم المتحدة

يصل صدى الضجيج السياسي اللبناني حول تمويل المحكمة الى مقر الامم المتحدة في نيويورك لكنه يفقد قوته على الطريق باعتبار ان بعض الديبلوماسية المعنية بالشأن اللبناني والمتابعة له لا ترى اي اثر لهذا الضجيج في اروقة المنظمة الدولية. اذ ان هناك التزامين قطعهما المرجعان الرسميان الاعلى من على منبر مجلس الامن الدولي هما رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان والرئيس نجيب ميقاتي ولا تزال مفاعيل هذه الالتزامات قائمة بقوة ولم تندثر بعد. لذلك فان ما يتمسك به هؤلاء هو ما التزمه الرئيس سليمان والرئيس ميقاتي وعليهما ان يبتا هذه المسألة الداخلية وليس اي طرف آخر. وفي ضوء المواقف المعلنة للامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله الرافضة لتمويل المحكمة ومعه ايضا حليفه المسيحي، فان المصادر الديبلوماسية المعنية تنتظر لترى طبيعة الحكومة اللبنانية في ضوء الموقف من التمويل. فهل هي حكومة الرئيس ميقاتي ام هي حكومة " حزب الله" وهو صاحب القرار النهائي فيها خصوصا ان عناصر منه هي موضع اتهام من المحكمة وعلى اساس انه في هذه الحال الاخيرة يفهم انه سيتم النظر الى الموقف من تمويل المحكمة على ضوء هذه النتيجة ويتم التعامل معها على قاعدة هذه المعادلة، اي حكومة ميقاتي الذي تمت الاستعانة به من اجل جعل الحكومة مقبولة دوليا ام هي حكومة الحزب الذي لم يستطع الاستعانة باي شخصية سنية اخرى لعدم امكان الحزب السير بالبلاد تحت عنوان قيادته لحكومتها.

هناك عاملان اساسيان وحاسمان في رأي المصادر الديبلوماسية المعنية يفترضان اعادة الحزب وحليفه العوني النظر في قرارهما رفض التمويل. اذ هناك من جهة الموقف الاميركي من موضوع غض طرف المصارف اللبنانية عن حسابات سورية رسمية او لشخصيات سورية لديها إذ ابلغت واشنطن كل المسؤولين مغبة التساهل حياله على اساس ان هذا الموضوع يتابع اميركيا واذا تبين ان لبنان يخل بنفيه وجود اي نوع من هذه الحسابات بالعملة الاميركية او سواها فان الولايات المتحدة لن تتساهل في هذا الموضوع بما يمكن ان يعرض الوضع المصرفي لمخاطر كبيرة. هذا الموضوع ابلغ الى المسؤولين اللبنانيين لدى زيارتهم الولايات المتحدة كما ابلغوا به عبر رسائل اخرى. الامر الذي يفرض على الحزب مع حليفه المسيحي ان يعيد النظر في قراره رفض تمويل المحكمة نظرا الى صعوبة تحملهما تعريض القطاع المصرفي لاي اهتزاز سيكون خطيرا بكل المقاييس.
العامل الاخر يتصل بالالية الفعلية لرفض التمويل ونتيجته. فهذا الرفض لن يعطل المحكمة اطلاقا ولا اي اجراء اخر كالكلام على رفض لبنان التجديد للمحكمة او طلب تعديل الاتفاق مع مجلس الامن حولها. ففي اروقة المنظمة الدولية كلام عن ضغوط يتعرض لها المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو اوكامبو المكلف ملف آل القذافي في ليبيا من اجل التخلي عن القضية بعد مقتل القذافي الامر الذي يقابله اوكامبو بالرفض من موقعه كقاض لا يمكن ان يتخلى عن قضية يتابعها نتيجة ضغوط او وساطات معينة. مما يفيد بان اي ضغوط لن تنجح في اي شكل من الاشكال مع المحكمة الخاصة من اجل لبنان. فاذا كان الجميع يقر بان التمويل سيتأمن فان رفض الحكومة التمويل نتيجة رفض الحزب ذلك لن يعطل المحكمة بل سييؤدي الى مواجهة مع المجتمع الدولي فعلا.

اما في موضوع تعديل اتفاق المحكمة مع الامم المتحدة فامام ذلك عقبات عدة بحيث لن يكون ذلك سهلا. اولى هذه العقبات قدرة الحزب وحلفائه على تقديم التعديلات المطلوبة وتبريرها ثم تمريرها عبر الحكومة وليس شخصيا من اجل ان تؤخذ الامور على محمل الجد ويكون الامر رسمياً بين الدول. والسؤال في هذا الصدد هو في حال حصل الاتفاق على تعديلات فهل يستطيع الرئيس ميقاتي السير بها وتقديمها باسم الحكومة لمجلس الامن فيما يتعذر عليه لاسباب تتعلق بقبول حكومته في الخارج واخرى تتعلق بطائفته رفض تمويل المحكمة. وفي ظل احتمال اخر يسلم جدلا برفع الحكومة تعديلات محددة الى مجلس الامن، فاذا استطاع لبنان الرسمي اقناع روسيا والصين بدعم مطلبه بالتعديلات فان هذا الامر سيصطدم بفيتو ورفض من الدول الغربية الاخرى.
واذ تستبعد المصادر الديبلوماسية ان يؤدي اخلال لبنان بالتزاماته الى فرض عقوبات وفقا للفصل السابع لان الامر قد يكون مبالغا به بالنسبة الى بعض الدول وعدم امكان قبولها بذلك على افتراض ان دولا اخرى قد تطالب به، فان الضرر البالغ سيلحق بلبنان الرسمي وصورته في الخارج.  

السابق
ديبلوماسيون غربيون يؤكدون أن الوضع السوري سيزداد اسوداداً
التالي
هل تنجح خطّة حزب الـله في طرابلس؟