الثورات العربية بين السنة والمؤامرة

نجاح الثورات العربية وانتقالها من بلد إلى آخر وخاصة في دول كانت تعتبر موالية للغرب، أثار جدلا بين الشعوب العربية عن المحرك الحقيقي لهذه الثورات، فهل هي بالفعل من تخطيط غربي لغايات غير معلنة، أم أنه من سنن الله تعالى في الدول والشعوب؟
فالمنبهرون بالغرب، المعتقدون بقدرتهم على كل شيء، يجزمون بأنه لا يمكن لحكومات وزعامات كانت تعطي أميركا الولاء الكامل وتنفذ لها أجندتها في المنطقة وخاصة في محاربة الحركات الإسلامية وقمعها أن تسقط بهذه السرعة لولا تعمد أميركا ومعها الدول الغربية في التخلي عن أولئك الرؤساء الذين أدوا أدوارا معينة في مسرحية انتهت فصولها وحان وقت استبدالهم.

بينما يرى الطرف الآخر وفي مقدمتهم الإسلاميون أن ما حصل إنما هو سُنّة من سنن الله تعالى في الانتقام من الظالمين، وأن الله تعالى يمهل ولا يهمل. كما أن ظهور قوة الجماعات والحركات الإسلامية على الساحة، ووصولها إلى كراسي الحكم في أغلب الدول التي شهدت نجاح الثورات إنما هو نتيجة طبيعية لصبر هذه الجماعات وتحملها مع أفرادها لكل صور الابتلاء التي تعرضت له من سجن وتعذيب وتشريد ومطاردة في الأرزاق وصولا إلى التصفية الجسدية، وهو الأمر الذي أشار له الإمام ابن تيمية حين سئل أيهما يحصل للمؤمن أولا التمكين أم الابتلاء فقال:
لا يُمكّن حتى يبتلى. وهذا أمر درجت عليه سنة الله في الأنبياء مع أقوامهم وكما قال الله تعالى «أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول
والذين معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب».

لقد عاشت تركيا في ظل العلمانية الدكتاتورية قرابة الثمانين عاما، ثم مكّن الله تعالى لحزب إسلامي وهو «العدالة والتنمية» أن يمسك زمام القيادة والرياسة فيها، واليوم كما في تونس ومصر وليبيا وقريبا بإذن الله في سورية واليمن ستكون القيادة لمن يحملون الفكر الإسلامي، وهذا ثمرة صبرهم وجهادهم، ثم ليأتي الاختبار الأكبر وهو هل سيحسنون الإدارة وهم في القيادة كما أحسنوا العمل
وهم في حال الابتلاء؟ ومن نظرة إلى النجاح الذي تحقق في تركيا تجعلنا نستبشرا
خيرا.  

السابق
المجلس الوطني وآل الأسد
التالي
النهار: الوكالة الدولية تفتح طريق المواجهة مع إيران طهران عملت لوضع تصميم قنبلة نووية