السفير: واشنطن تدير الصراع في سوريا: لا تسلّموا السلاح إلى السلطة!

خضع الاتفاق بين سوريا والجامعة العربية أمس لأول اختبار عملي على الأرض، حيث خرجت تظاهرات شعبية في عدد من المدن السورية، انتهت بحسب نشطاء إلى مقتل 17 شخصا، فيما نفت السلطات السورية سقوط أي قتلى. وفي الوقت الذي أعلنت فيه وزارة الداخلية السورية العفو عن كل من يسلم سلاحا خلال مهلة أسبوع تبدأ من اليوم، سارعت واشنطن إلى حث المسلحين على عدم القيام بذلك، متذرعة بالقلق على سلامتهم، في موقف يثير الاستغراب ويوحي بأن أميركا تدير بشكل مباشر الصراع المسلح في سوريا.
من جهته أكد نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد بن حلي، في مقابلة مع قناة «العربية»، أن «الحل الأساسي يجب أن يكون نابعا من الأطراف السورية»، موضحا أن «الهدف من المبادرة العربية مساندة الحل السوري». وأضاف «إن الاحتضان العربي لملف الأزمة السورية هو لتشجيع ودعم جميع الأطراف السورية، حكومة ومعارضة بكل أطيافها، للوصول إلى حل سلمي».
وفي حين أعرب وزير الخارجية المصري محمد عمرو عن أمله في حل الأزمة السورية في إطار سوري ـ عربي ومن دون تدخل أجنبي، معتبرا أن ذلك، في حال تحققه، سيكون نصرا كبيرا للعالم العربي وللجامعة العربية، شككت باريس في صدق النظام السوري في تنفيذ خطة الجامعة وذلك بسبب «استمرار القمع الدامي».

وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، في بيان، «مقتل 17 شخصا برصاص قوات الأمن في مناطق مختلفة من سوريا حيث انطلقت تظاهرات تحت شعار الله اكبر، ضد الطغاة». وأوضح أن «ستة مدنيين قتلوا في حمص، و4 في حماه، و5 في كناكر والحمورية في ريف درعا. وقتل مدني وجندي فار برصاص قوات الأمن في منطقة تل شهاب على الحدود مع الأردن، بينما كانا يحاولان مغادرة البلاد».
ونقلت «رويترز» عن نشطاء إشارتهم إلى «سقوط 19 قتيلاً»، فيما أشارت «اسوشييتد برس» إلى «سقوط 15 قتيلا». ونفى التلفزيون الحكومي سقوط أي قتلى، وبث صورا من أماكن قال ان تقارير وردت عن احتجاجات فيها. وتظهر اللقطات مصلين يغادرون المساجد بهدوء بعد الصلاة.
وذكرت وكالة الانباء السورية (سانا) ان «اربعة جنود اصيبوا في معارك في كناكر مع مجموعة إرهابية مسلحة قتل احد عناصرها». وأشارت الى ان «عناصر الهندسة فككوا في مدينة دير الزور عبوتين معدتين للتفجير عن بعد».  وأشار المرصد الى ان «مصلين تعرضوا للضرب لدى خروجهم من مسجد ابو بكر الصديق في مدينة بانياس. كما تم اعتقال عشرات الاشخاص في هذه المدينة بينهم اربعة اطفال ينتمون الى عائلة رئيس المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن». وأشار نشطاء الى «خروج تظاهرات في حي الميدان التاريخي في دمشق وحرستا بريف دمشق وأحياء في حمص وريفها ودير الزور والصنمين بمحافظة درعا».
ودعت وزارة الداخلية، في بيان، «المواطنين ممن حملوا السلاح أو باعوه أو قاموا بتوزيعه أو نقله أو شرائه أو تمويل شرائه، ولم يرتكبوا جرائم القتل، إلى تسليم أنفسهم وأسلحتهم إلى أقرب مركز شرطة في منطقتهم وسيصار إلى تركهم فورا، وذلك من اليوم السبت ولغاية السبت (المقبل) وسيعد ذلك بمثابة عفو عام عنهم». وأضافت إن «ذلك يأتي انطلاقا من حرص الدولة على مواطنيها، وإفساحا في المجال أمام المضللين والمتورطين في حمل السلاح وحرصا على الأمن والنظام العام وبمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك».
لكن وزارة الخارجية الأميركية سارعت إلى نصحهم بعدم تسليم أنفسهم إلى السلطات. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند «لا أنصح أحدا بتسليم نفسه لسلطات النظام في الوقت الراهن»، معربة عن
القلق إزاء سلامة من يفعل ذلك. وقالت «انه الوعد الرابع بالعفو الذي يقومون به منذ أن تسلمت منصبي قبل خمسة أشهر».
وقال وزير الإعلام السوري عدنان محمود، خلال لقائه وفدا من أبناء الجالية السورية في رومانيا وإيطاليا وعددا من وسائل الإعلام الأجنبية في دمشق، إن «الاتفاق بين سوريا واللجنة الوزارية العربية لحل الأزمة ينسجم مع الرؤية السورية للحل، بهدف استعادة الأمن والاستقرار، ومتابعة برنامج الإصلاح وإجراء حوار وطني شامل والتأكيد على السيادة الوطنية ورفض التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية».

وأوضح أن «سوريا عملت منذ بداية الأحداث على إطلاق حل سياسي من خلال حزمة الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لكنها واجهت وما تزال مجموعات مسلحة تقوم بأعمال إرهابية وقتل المواطنين من عناصر الجيش والشرطة والمدنيين، وتخريب المؤسسات الخدمية وترتبط بقوى خارجية تمدها بالمال والسلاح خدمة لأجندات غربية تهدف إلى النيل من مواقف سوريا وقرارها المستقل». واعتبر أن «الشعب السوري بغالبيته العظمى عبر عن دعمه لبرنامج الإصلاح وأثبت وعيه الوطني وإدراكه العميق لما يحاك ضد سوريا من مخطط خارجي يستهدف النيل من نموذجها الوطني الراسخ ودورها المحوري في قضايا المنطقة ومواقفها الداعمة للحقوق العربية».
عمرو
وقال وزير الخارجية المصري محمد عمرو، في مقابلة مع قناة «دريم»، إن «جامعة الدول العربية قامت بدور إيجابي جدا في المسألة السورية، معربا عن أمله «في حل الأزمة السورية في إطار سوري – عربي ومن دون تدخل أجنبي» معتبرا أن «ذلك في حال تحققه سيكون نصرا كبيرا للعالم العربي وللجامعة العربية».
وأضاف «بالنسبة لنا في مصر، فقد كان لنا منذ البداية موقف واضح جدا مما يدور في سوريا، وهي دولة شقيقة، ولنا معها علاقة قوية تاريخية، وكنا في وقت من الأوقات دولة واحدة، وكانت مصر أول دولة عربية تصدر بيانا بشأن الأحداث في سوريا، يطالبها بوقف أعمال العنف».
وتابع «إننا نرى أن الحل لما يدور في سوريا لن يتم تحقيقه من خلال العنف أو الإجراءات الأمنية، بل لا بد من حوار وإجراءات بناء الثقة، وقد كررنا هذا الموقف في بيان آخر، وحذرنا من أن المضي في هذا السبيل قد يفتح الباب للتدخل الخارجي، وهو ما لا نريد أن نراه في سوريا».
وأوضح عمرو «عندما تحركت الجامعة العربية كان ذلك في إطار الأهداف التي طالبت بها مصر، وهي وقف العنف وبدء إجراءات بناء الثقة والحوار وقطع الطريق على أي تدخل أجنبي، وهذا كان أهم إنجاز لأن الأخوة السوريين استجابوا بالفعل للمسعى العربي، وبدأ فعلا تشكيل آليات تطبيق قرارات الجامعة العربية».

ونفى عمرو أن يكون هدف المبادرة العربية «توفير الغطاء لتدخل أجنبي في سوريا»، موضحا أن «قرار الجامعة يتضمن خطوات وتوقيتات واضحة، وهي الوقف الفوري للعنف وسحب كل القوات العسكرية من المدن إلى خارج المدن والبدء في إطلاق سراح المعتقلين خلال الأحداث الأخيرة، على أن تبدأ أول دفعة قبل عيد الأضحى، وبدء قيام الجامعة العربية بتنظيم حوار بين الحكومة والمعارضة بهدف الوصول إلى حل لهذه المسألة، وفي موعد أقصاه أسبوعان». وقال «توجد توقيتات محددة لا تعطي مجالا لطرف لأن يماطل أو يستغل هذه المهلة، وسيتم تقديم تقرير إلى مجلس جامعة الدول العربية الذي نص القرار على أنه في حالة انعقاد دائم لمتابعة الموضوع، وآمل أن نصل إلى تحقيق ما يصبو إليه الشعب السوري من حرية وديموقراطية بطريقة سلمية».

ورأى عمرو «أن هذا توجه سليم لأن الهدف كان منع اي تدخل اجتبى، ويوجد متربصون كثر ينتظرون فشل الجامعة العربية وفشل الجهود العربية لفرض التدخل الأجنبي». وقال «الحقيقة أننا لا نعد مساهمتنا في الشأن السوري تدخلا في شأن داخلي، لأنه وفي بعض الأحيان يجب تدخل طرف ثالث لحل المشكلة عندما يصل الطرفان إلى طريق مسدود، وعندما يكون الطرف الثالث جزءا من الأسرة فهذا أفضل كثيرا من أن يكون الوسيط من الخارج، خاصة أن الجامعة العربية وكل أعضائها لا يهمهم إلا مصلحة الشعب السوري، إنما الأطراف الخارجية لا نضمن دوافعها، لذا فهو تدخل محمود جدا».
وفي باريس، قال مساعد المتحدث باسم الخارجية الفرنسية رومان نادال إن «استمرار القمع يعزز شكوك المجتمع الدولي في صدق النظام السوري بتنفيذ خطة الجامعة العربية». وأضاف «في حين اعلن النظام السوري انه يقبل من دون تحفظ بخطة الخروج من الازمة التي اقترحتها الجامعة العربية، نلاحظ ان 20 متظاهرا مسالما على الاقل قتلوا امس (أول أمس) في سوريا برصاص قوات الامن». وأكد ان «استمرار القمع يناقض تماما الالتزامات التي طالبت الجامعة العربية النظام السوري بأن يفي بها».

وشدد على ان «فرنسا مصممة اكثر من أي وقت آخر على التحرك في كل المحافل الدولية وكذلك مع الجامعة العربية التي ترحب بجهودها، للضغط على النظام السوري بهدف وقف القمع في سوريا».
وأعلن أعضاء في مجلس حقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة، أنهم يريدون «تسليط الضوء على الانتهاكات التي يتم ارتكابها في سوريا، وسيدفعون باتجاه إجراء تحقيقات في سلوك النظام سواء سمح لمراقبي المجلس بدخول الاراضي السورية ام لم يسمح».
وقالت نائبة رئيسة المفوضية العليا للأمم المتحدة لحقوق الانسان كيونغ وا كانغ انه «ورغم عدم امكان الوصول الى شوارع المدن السورية كدمشق وحمص وغيرهما، إلا أن التقنيات الحديثة لا تدعنا نواجه نقصا في المعلومات». وأضافت ان «مفتشي الامم المتحدة تحدثوا الى المتظاهرين عبر «سكايب»، وكان المتظاهرون موجودين في قلب الاحداث في الشوارع يوميا».

وبينما شددت كانغ على ان «الشهادات التي تم جمعها من 150 من الضحايا والشهود الذين فروا الى البلدان المجاورة أتاحت للأمم المتحدة الاطلاع بشكل أكثر وضوحا على انماط الانتهاكات»، فإنها أقرت بأن هيئات الامم المتحدة «كانت تود طبعا لو أتيح لها الدخول ومعاينة الوضع» بنفسها. وقالت «نواصل المطالبة بالدخول والتحقيق».
وقالت مندوبة الولايات المتحدة لدى المجلس ايلين تشيمبرلين دوناهو «بالنسبة للشأن السوري لا تزال الفرصة متاحة، حتى إنها متاحة جدا».  

السابق
فصل المحكمة عن تطورات الثورات العربية
التالي
فشل المبادرة براءة ذمّة للجامعة العربية