اسرائيل تدق طبول الحرب

"اذا كانت القيادة العسكرية الاسرائيلية تعمل على قرع "طبول الحرب" ضد ايران، فإن ذلك يدخل في إطار التهويل الاسرائيلي ليس الاّ …"

بهذه العبارة، بدأت مصادر عسكرية مختصة في الشؤون الاستراتيجية والابحاث العسكرية دردشتها مع "الجمهورية" مضيفة:" انه عند القراءة الاستباقية لأي معركة او حرب منتظرة، يجب العمل على دراسة الوقائع الميدانية والامنية والاقتصادية والسياسية، لاستخلاص الفرضيات والتوقعات. ففي حال الحرب الاسرائيلية مع ايران، نجد ان كل المعطيات الحسية والوقائع والتطورات الامنية والعسكرية، لا تؤشر الى احتمال حصول هذه الحرب، وإن كانت الاستعدادات العسكرية لدى الطرفين جارية على قدم وساق ومنذ سنوات ،وهي وصلت الى ذروتها هذه الايام .

غطاء اميركي

واضافت المصادر:" الكل يعلم ان اسرائيل بحاجة الى غطاء اميركي، وربما اوروبي، لتوجيه اي ضربة للمنشآت النووية في ايران، لأن القيادة العسكرية في تل ابيب تدرك مدى خطورة ردة الفعل الايرانية حيال اي ضربة موجعة توجّه الى ايران، وهذا يتطلب بالطبع مساندة عسكرية اميركية تكون على شكل تدخّل عسكري في الحرب، وتأمين دعم لوجستي متواصل لاسرائيل، التي تخوض حرباً اقليمية محفوفة بالمخاطر، اقلّها حصول ردات فعل لدى العالمين العربي والاسلامي، وربما تدخّل عسكري سوري ومن قبل حزب الله، الذي سيحرّك بكل تأكيد الساحة اللبنانية التي تعتبرها ايران بمثابة خط دفاعها الاول .

وتتساءل المصادر نفسها :" هل ان اسرائيل ترتكب حماقة في سعيها لحربها مع ايران في توقيت خاطىء؟ في الوقت الذي صدرت فيه دراسات عن عدد من المراكز الاستراتيجية الاميركية تدعو لعدم تورّط الولايات المتحدة في اعمال عسكرية، خصوصا في هذا الوقت الذي تستكمل فيه واشنطن انسحابها من العراق، اضافة الى ما تعانيه من صعوبات اقتصادية داخلية، ومواجهة ملفات عالمية ،تبدأ من تداعيات الاحداث والثورات العربية التي تطيح بالانظمة والرؤساء، وصولا الى موضوع انضمام "الدولة الفلسطينية" الى الامم المتحدة .

الانسحاب الاميركي
و النفوذ الايراني

والانسحاب الاميركي في العراق – برأي اوساط سياسية مطلعة – دليل على تراجع اميركي لصالح النفوذ الايراني في الخليج ، وخصوصاً في العراق وباقي دول منطقة الشرق الاوسط ، وصولا الى سوريا ولبنان ، ما سيؤدي في نهاية الامر الى اعتبار ايران شريكا اساسيا في اي مفاوضات حول المستقبل الذي ينتظر المنطقة. لذا فإن التهديدات الاسرائيلية ربما الهدف منها التمهيد لدخول اسرائيل الى جانب الولايات المتحدة الاميركية في مسار التفاوض الايراني- الاميركي المنتظر، او لحاجة اسرائيل للهروب الى الامام، للتخلص من ازمات داخلية واقتصادية بدأت تظهر ملامحها في الشارع الاسرائيلي، فضلا عن احساس اسرائيل بعزلة دولية في ظل تعاطف اوروبي تجلّى بصورة خاصة في موافقة فرنسا على قبول عضوية فلسطين في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونيسكو".

وكان إعلامي عتيق زار واشنطن قبل فترة، أكد " للجمهورية": ان اسرائيل تحاول إحراج الولايات المتحدة الاميركية وتوريطها في حرب اقليمية، مستغلّة انشغال الرأي العام الاميركي بالتحضيرات للانتخابات الاميركية التي ستجرى عام 2012 وحاجة الجمهوريين والديموقراطيين للوبي الصهيوني لكسب ودّ الاصوات اليهودية في هذه الانتخابات ، فتعمل اسرائيل على انتزاع التأييد الاميركي لحرب تشنها ضد ايران.

كما ان الولايات المتحدة قد تجد من مصلحتها، توجيه ضربة عسكرية الى ايران، لحماية الجنود الاميركيين المنسحبين من العراق.

وفي هذا المجال، أكدت تقارير امنية عسكرية غربية، تغلغل قوات كبيرة من قوات القدس في الحرس الثوري الايراني داخل العراق، وانتشار خلايا وتنظيمات اسلامية عراقية موالية لإيران في معظم المناطق الايرانية،وهي مجهزة ومدربة ومكلّفة باستهداف القوات الاميركية ، في الوقت التي وُضعت فيه القواعد الاميركية في الخليج تحت مرمى الصواريخ الايرانية البعيدة المدى، والمحمّلة برؤوس نووية.

وكان امير حاجي زادة " قائد وحدة الطيران والفضاء في الحرس الثوري الايراني" اكد في وقت سابق " ان بلاده قادرة على انتاج صواريخ تبلغ مداها اكثر من 2000 كيلومتر، وان اسرائيل والقواعد الاميركية في منطقة الخليج واجزاء من اوروبا،اصبحت في مرمى الصواريخ التي تمتلكها ايران حاليا ".

مواقف زادة اطلقها، عشية قيام ايران بتجارب لاطلاق صواريخ باليستية، واجراء تجارب على نحو 14 صاروخاً من نوع (شهاب1)، و(شهاب2)، و(شهاب3)، وصاروخ زلزال .

اغلاق هرمز

وفي رأي الاوساط، فإن اي عدوان محتمل على ايران، سيدفع بالقيادة الايرانية الى استهداف القوات والقواعد الاميركية في افغانستان، وفي عدد من دول الخليج ، في الوقت الذي ستقوم فيه ايران حتما بإغلاق مضيق هرمز، الذي يبلغ طوله حوالى 180 كيلومترًا، وتُشرف إيران على ضفته الشرقية.

وتكمن اهمية هذا المضيق، كون حوالى90% من نفط الخليج يمر عبره الى العالم، حيث تؤكد الدراسات ان ما بين 20 إلى 30 ناقلة نفط تعبر هذا المضيق يومياً، اي بمعدل ناقلة كل 6 دقائق في ساعات الذروة، وتحمل على متنها 17 مليون برميل نفط.

وقد تصل أسعار النفط في الأسواق العالمية في حال إغلاق مضيق هرمز، إلى حوالى 400 دولار، إذا استمر توقف إمدادات النفط من الخليج".

الاّ ان عددا من الخبراء، يستبعدون لجوء ايران الى اغلاق مضيق هرمز في مثل هذه الحال، لأن ذلك سيجعلها امام حرب عالمية تُشن عليها من كل الدول التي ستتضرر حتما من اغلاق هذا المضيق.

مع العلم ،ان البحرية الايرانية عززت تواجدها في البحر الاحمر، حيث لا يمكن لأي سفينة ان تمر عبر منطقة الخليج العربي من دون ان تكون في متناول صواريخ ارض – بحر ايرانية زُرعت في اماكن متعددة باشراف سرايا من الخبراء الايرانيين، منها صواريخ "سي 802" في جزيرة "قم".

ومنذ الحرب الإيرانية العراقية عام 1988، انصرفت ايران الى اقامة قواعدها البحرية على شواطىء الخليج العربي وفي الجزر الايرانية المتنازع عليها وفي خليج عمان ، ومنها القواعد التي تقع في منطقة "جاسك و منطقة عسلوية ، والى انتشار الزوارق السريعة المحملة بصواريخ مضادة للسفن "فئة شاهو" وبوارج مجهزة بأنظمة صاروخية متطورة، مثل: أنظمة صواريخ "بيان" و"جوشن" و"درفش"، وتدريب سرايا من رجال الضفادع البحرية على زرع الالغام البحرية ، والقيام بعمليات كوماندوس ضد البوارج والسفن والغواصات . في حين اشارت تقارير امنية صادرة عن مراكز استخباراتية اميركية،الى ان ايران زرعت الغاما بحرية روسية الصنع وألغام "إي إم 52" الصينية ، في عدد من الاماكن في البحر الاحمر والخليج العربي ، وإن تلك الألغام مزودة بأجهزة استشعار حديثة مغناطيسية وصوتية وتعمل بالضغط ، ويقوم سلاح البحرية التابع لحرس الثورة الإسلامية، بتسيير دوريات خارج مياه المنطقة وصولاً إلى خليج عدن.

تكتيك جديد

والتكتيك العسكري الايراني الجديد،يظهر في منح الصلاحية للقوات البحرية الايرانية المنتشرة في الخليج ،للعمل ميدانياً كوحدات قيادة منفصلة للردّ على مصادر النيران بعد ثلاث دقائق فقط من أية ضربة عسكرية تتعرض لها إيران، من دون الرجوع إلى اوامر او تعليمات السلطات العسكرية العليا في طهران، واللجوء إلى "تكتيك حرب عصابات" من خلال الاعتماد على هجمات بالزوارق السريعة المسلحة بالصواريخ، والألغام البحرية، وتمتلك البحرية الايرانية منها حوالى ثلاثة آلاف قارب.

وعمدت ايران في الفترات الماضية، الى القيام بمناورات لسلاح الطيران تجلّت في تدريبات على كيفية مواجهة محاولات العدو في تخريب منظمة الاتصالات ومنظومة المعلومات العائدة للقوات الجوية، والتصدي لأي هجوم قد تتعرّض له انظمة الدفاع الجوي ومنصات اطلاق الصواريخ البعيدة المدى والردارات والمواقع العسكرية الاستراتيجية .

ووفق التقارير الصادرة عن مراكز ابحاث عسكرية، فإن ايران تمتلك اسلحة متطورة دفاعية وهجومية، ومنها نظام الدفاع الصاروخي المطور من طراز "إس 300" وطائرات مقاتلة طراز ميغ 29، وأخرى طراز ميغ 31 الاعتراضية البعيدة المدى، وطائرات مقاتلة قاذفة طراز سوخوي 24، وطائرتين من طراز آي إل 76 مجهزتين كطائرتي إنذار محمول جوًا، وز إف7 أم، وطائرات قاذفة من طراز جيان هونج7(20). و اعتراضية بعيدة المدى. وطائرات اعتراضية، وطائرات الهجوم الأرضي، وقاذفات هجومية، وطائرات الإنذار المبكر.

القوات البحرية

وعلى صعيد القوات البحرية فان ايران لديها مدمرة حربية"جمران"، في قاعدة بندر عباس على الخليج، مزودة بصواريخ بعيدة المدى، وتزن 1400 طن ومجهزة برادارات حديثة وقدرات حربية إلكترونية. وكان تقرير سبق وان بثه التلفزيون الايراني، اكد ان المدمرة "جمران" متعددة المهمات يمكن أن تبلغ سرعتها 30 عقدة، ويمكنها أن تُقل طاقمًا من 120 إلى 140 شخصًا إلى جانب أنواع عدة من الصواريخ المضادة للسفن، وصواريخ أرض- جو، ومزودة بمهبط للمروحيات، و"بطوربيدات".اضافة الى بوارج اخرى منها"موج"، وهي قادرة على ضرب عدة أهداف في وقت متزامن فوق وتحت سطح الماء وفي الجو، ويمكن استخدامها في الحروب الإلكترونية،بالاضافة الى سفينة حربية بريطانية الصنع زنة 3500 طن من فئة باتل، تُسمى دامافاند، وهي مدمرة صواريخ موجهة يبلغ وزنها وهي بكامل حمولتها 3360 طنا، وتصل سرعتها إلى 31 عقدة، ومجهزة بأربع قاذفات صواريخ سطح– سطح مزدوجة، ترتفع تلقائيًا. اضافة الى أجهزة اختبار الرادار، ومعدات الملاحة وإلكترونيات الطيران، والألياف البصرية، وأجهزة التحليل بالكمبيوتر، والحاسبات عالية السرعة، والمفاتيح عالية السرعة، وآلات التصنيع الدقيقة، والمحركات النفاثة، ومحركات الدبابات، وأجهزة الاستشعار عن بعد، كما بذلت جهودًا للحصول على تقنية الإنذار المبكر باستخدام الرادار، وتقنية تزويد الطائرات بالوقود في الجو،وفرقاطات بريطانية الصنع، طراز فوسبرمارك إس من فئة سام وتسمى الفاند والبورز وسابالان، وهي فرقاطات من زنة 1540 طنًا، ولديها أيضا طرادان أميركيَّا الصنع من طراز بي إف -103 "فئة بينادور" يُطلق عليهما البياندور والنجدي، وفي عام 1988 تم تغيير محركاتهما.وتضم بقية السفن البحرية الإيرانية 10 زوارق هجومية سريعة طراز كومباتنت2 فئة "كمان" مزوَّدة بصواريخ ومدفع واحد عيار 76ملم، وتُعد أحدث سفن إيران الحربية الواردة من الغرب وقد تم تسليمها بين 1974 و1981.وقطع برمائية تشمل أربع سفن دعم برمائي للإنزال من فئة "هنجام لارك" زنة كل منها محمَّلة 2940 طنًا, وثلاث سفن إنزال من صنع كوريا الجنوبية من فئة "إيران هروز" زنة كل منها محملة 2014 طنًا، وسفينة إنزال واحدة من طراز "إيران" يبلغ وزنها وهي محملة 2274 طنًا، إضافة إلى ثلاث سفن إنزال تزن كل منها 1400 طن، وسفينة إنزال واحدة زنة 250 طنًا، وما لا يقل عن ست سفن إنزال زنة كل منها 9 أطنان(21). وعدد من غواصات "الطارق 901" – روسية من طراز "كيلو".

لبنان في عين العاصفة

وحول هذه المعطيات والمعلومات ، تعتبر الاوساط ان لبنان لن يكون في منأى عن اي تأثيرات عسكرية في حال حصول مواجهة اسرائيلية – ايرانية، لأن الاستراتجية العسكرية الايرانية تقضي بأن تتولى ايران حماية حدودها من خارج اراضيها، في الوقت الذي تعتبر ايران لبنان خط دفاعها الاول، وهو بمثابة منصة صواريخ ايرانية متقدمة على بحر المتوسط خصوصا في ظل المعلومات التي تؤكد تواجد عدد الخبراء العسكريين الايرانيين في مواقع متقدمة لحزب الله واشرافهم على منصات صواريخ بعيدة المدى تطال العمق الاسرائيلي، اضافة الى مدربين عسكريين وخبراء متفجرات ، وكبار الضباط من المخابرات الخارجية الايرانية ( اطلاعات). لذا من غير المستبعد وفق تحليلات امنية ان تنطلق صواريخ من لبنان باتجاه المستوطنات والبلدات والمدن والمرافق الحيوية الاسرائيلية، وان تكون المقاومة الذراع العسكرية الضاربة في العمق الاسرائيلي.

وحسب الاوساط ايضا، فان مسؤولا ايرانياً بارزا لقبه الشيخ " ايماني" يعتبر صلة الوصل بين الفرق والخبراء الايرانيين في لبنان والقيادة في ايران.

…وكذلك غزة

وكما في لبنان كذلك في مناطق غزة، التي قد تتحرك فيها فصائل من حماس وحركة الجهاد الاسلامي لتحرير فلسطين، لتدك بصواريخها العمق الاسرائيلي. وكان خبراء اسرائيليون توقفوا عند نوعية صواريخ الغراد المتنقلة على عربات والتي قصفتها سرايا القدس في حركة الجهاد الاسلامي لتحرير فلسطين في معرض ردها انتقاما لمقتل 10 من الفلسطينيين في قطاع غزة نتيجة القصف الاسرائيلي، ما عزز الشكوك بامتلاك المقاومة لصواريخ متطورة تطاول العمق الاسرائيلي.

فهل ستقع الحرب؟ وسيكون لبنان ساحة من ساحاتها، ليظل يدفع ثمن حرب الآخرين على ارضه؟  

السابق
حرج العسكر يموت بفعل العمران والأمراض والإهمال في النبطية
التالي
محاولات غريبة!!؟